أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


بكر العبادي... رجلٌ رحل

بقلم : بسام ابو النصر
15-04-2021 05:49 AM

فوجئت صباح الأمس برسالة العزيز زيد الحموري وهو ينقل لنا تعازيه بوفاة الأخ والصديق المهندس بكر العبادي أمين عام وزارة التنمية السياسية السابق، وأحد الذين واكبوا التطور الكبير لأمانة عمان في إدارته لأكثر من دائرة فيها ثم مستشارًا، وقبل ذلك كنا معًا في المنتدى الإنساني الأردني والمعسكر القومي العربي، وقد كنت أزوره في عمله في الأمانة ولم يتسن لي زيارته في مكتبه في اخر منصب تسلمه.
بكر العبادي من الجيل الذي أحب وطنه بشهامة الأردني النبيل وكرم الرجل الذي يرتقي بفعله قبل أن يرتقي بسلوكه ولكنهما يتقاربان، فيصيران جناحين لرجل يسمو فوق المكتسبات ويسكن الوطن في وجدانه كحبيبة، كان وفيًا حدًا نرى من خلاله صوته يجلجل في الجلسات الخاصة وقلما كنا نلتقي، يحاورك فتجد فيه عيرا ويرقا ونبل الناس الطيبين في الشفا وفي المساحات التي تضيق بغيابه، كنا نتقارب حد الالتصاق ونبتعد حد القطيعة ولكن في كل لقاءاتنا كنا نسترجع الماضي وكأنه في الأمس القريب، تشاركنا في رحلة إلى مصر ونحن على مقاعد الدراسة الجامعية، وربما يكون السفر هو المرآة التي ترى فيها رفيقك بكل نقاء وتجرد، وكنا مجموعة من طلاب وطالبات وموظفين وأساتذة جامعات، اقتربت منه كثيرًا كان شفافًا وطيبًا طيبة أبناء القرى التي تتكئ إلى الأودية في المنحنيات البعيدة، تستعذب كلامه وكرمه وشهامته وجديته وضحكته الشهية، كان بكر « أبو عون» صادقًا ومتفانيًا لأجل أصدقائه، وعندما كنت ضابطًا في سلاح الجو الملكي وكانت الدائرة التي يديرها قريبة من قيادة السلاح في ماركا، كنا نلتقي ونتحدث، كان مفعمًا بالحياة مليئًا بالنشاط، ودودًا مع موظفيه لأجل القيام بأفضل ما لديهم لإنجاز العمل، وكان يترك لروحه ان تنال من حياته فيرتقي بهما لأجل الأصدقاء والناس، فنلتقي حينًا على مائدته وحينًا على موائدنا بصحبة أصدقاء مشتركين التقينا ذات زمن لأجل أن نعمل معًا على إشاعة الحب والعزيمة في الوطن الذي عشقناه معًا.
كنت التقيه وكان بصحبة المهندس والصديق المشترك عماد الطراونة وكانا توأمًا في المحبة والنبل وطهر الناس اللذين خرجوا من رحم المعاناة والطبقات المتوسطة وصعدوا بعصامية أخلاقهم وتوادهم إلى المناصب في سلم درجة درجة، وكم حسبتُ اليوم وأنا أقرأ خير وفاته لما سيحدث لعماد فهو أقربنا اليه، وأحبنا على قلبه، أخبرني رحمه الله في الآونة الأخيرة وكنا عازمون على إنشاء مجموعة على إحدى وسائل التواصل الاجتماعي سميناها أبناء القلعة، كان الأكثر تشجيعًا لقيام الفكرة لنعود معا ناشطين في مجال العمل العام وخدمة الوطن، وكنا على موعد بعد عودتي أن نلتقي وقد دعاني عند عودتي وأن نلتقي ولكن بقائي في السعودية وكورونا التي سبقته اليها وهنأني بالسلامة قد داهمته وأردته شهيدًا.
قيل لي أن بكر في الآونة الأخيرة لم يقبل بواقع الحظر، فلم يتعود البعد عن الناس بهذه القسوة، ولم يكن لديه متسعٌ وهو يعود الناس من ذوي الرحم ومن الأصدقاء، وقد قيل لي أنه طلب من أطبائه في بداية إصابته أن يسرعوا بإخراجه فلديه التزامات تجاه أبناء قريته ولدى أحباء ولكنه المرض اللعين الذي لم يمهله وباغته بعد أن اطمأننا عليه عندما خرج من المستشفى، لنتفاجأ معًا بالخبر الذي أحزننا جميعًا بوفاته.
رحم الله أبا عون وأعاننا على فقده، وفقد تلك الابتسامة الاستثنائية التي كانت تجعلنا نحس أن عوالمنا تعج بالفرح
ونعزي عائلته زوجته وأولاده وأهله ومحبيه وكل الذين أحبوه واقتربوا من قلبه وعقله.
رحم الله المهندس بكر العبادي وأسكنه فسيح جناته.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012