أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


العشائر .. حاضنة السلم المجتمعي

بقلم : د. بلال السكارنه العبادي
07-06-2021 05:06 AM

المتابع للمشهد السياسي في الأردن، يرى أن التركيبة لغالبية السكان من القبائل والعشائر التي شكلت أنموذجاً رائعاً في استقرار وأمن الأردن، وساهمت في بناء الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية بتلاحم يشهد له القاصي والداني وبتشاركية مع العائلة الهاشمية، ليصبح الوطن من أهم الركائز الأساسية في المنطقة في تحقيق السلم المجتمعي وعدم وجود أية صراعات ما بين هذه العشائر تقوض الأمن والسلم الأهلي.

إن هذه القبائل بنت وساهمت في ازدهار ونماء الأردن، وتحويله إلى منارة للعلم والمعرفة والتطور بالرغم من شح إمكاناته وموارده ومضى وهو يرتدي شماغ الفرح وثوب الوفاء حاضناً كالأم الرؤوم كل أشقائه العرب لمن شردتهم الحروب وأصابهم التنكيل والتعذيب حتى من ذوي القربى ليكون الأردن وطنهم الثاني دون أي منةً وإنما يجمعنا نبراس الخير فاتحين ذراعينا متقاسمين مع الآخرين شح مواردنا المالية والاقتصادية والمائية.

إن هذه العشائر تمتاز بكثير من الأدوار والنماذج الايجابية التي تساعد مؤسسات الدولة في النهوض بتحقيق أهدافها وخططها والمساعدة على إيجاد نوع من التوازن الاجتماعي والسياسي والقضائي في كثير من القضايا والأحداث التي نمر بها، ما يساهم في بناء نموذج حضاري للدولة الأردنية الحديثة وعدم وجود أي نوع من الاختلالات التي تعيق مسيرة الانجازات التي تتحقق في وطننا الغالي.

وتجدر الإشارة إلى ان النموذج الوطني الذي قدمته العشائر في مواجهة أشكال العنف الاجتماعي كافة والذي يبرز بين فترة وأخرى، انطلق من ذاتها مكانياً واجتماعياً فقد بدأت العشائر بمناطقها عندما رفضت أن تكون هذه المناطق بؤراً للعنف الاجتماعي والخروج على القانون، وتحولت إلى معين اجتماعي وأخلاقي يغذي توجهات الإصلاح السياسي والاجتماعي على الصعيد الوطني العام. وأن زخم المواقف الوطنية التي اضطلعت بها العشائر في ميادين المواجهة المباشرة. وفي تحويل المضايف إلى دواوين للصلح والتوافق وفي الحرص على عقد اللقاءات والاجتماعات والندوات، والتي يمكن الاستدلال عليها بأنه كان وما زال بمثابة ورش عمل لصقل الشخصية الوطنية على هذا الطريق.

ولأكثر من اعتبار وطني تستمد العلاقة بين العشائر والحكومة في إطارها الرحب والواضح، وتظهر هذه العلاقة في نسيج مؤسسات الدولة عموما والعلاقة الأبرز بين العشائر ورجال الأمن وقد تحققت الكثير من النجاحات في مضمار الأمن الوطني، فمن الانصاف والاعتراف التأكيد على أن العشائر كانت وما زال لها الدور الواضح ليس من منظور الاستنجاد بها وإنما من منطلق المسؤولية التضامنية بين العشائر والحكومة ومواقفها في نهوض المجتمع ومحاربة المفسدين ومساعدة الجهات الأمنية المسؤولة عن حماية الشعب والبلاد.

إن مجموعة الاعتبارات التي تدفع العشائر للالتزام بواجبها الأمني العام هي اعتبارات تأخذ مفهومها العام من الروح الوطنية العشائرية في اغلب مفاهيمها أصلاً ضمن قائمة المكونات الأخلاقية للعشيرة من نخوة ونبل وشهامة واستعداد للذود عن كل ما هو صحيح في إطار المروءة التي تعلو منهج العشيرة وهو مصلحة عشائرية بالدرجة الأساس بمعنى آخر هو مصلحة وظيفية مشاركة للدولة والعشائر بوصفها مؤسسة اجتماعية لا تختلف في منطقها عن أية مؤسسة مجتمع مدني.

والسؤال الذي يطرح لماذا في هذه الفترة ونحن نعيش مرحلة الاصلاح السياسي والاقتصادي ومحاربة الفساد والمفسدين ان يتم اطلاق العبارات الموتورة ذات الأبعاد التشرذمية التي تمسّ بالدور الايجابي للعشائر، خاصة ان غالبية المجتمعات العربية من الخليج والى المغرب العربي مبنية في تكوينها السياسي والاجتماعي على العشائر، اقول لكل من يحاول إلغاء الهوية الوطنية للعشائر الاردنية ودورها السياسي والإصلاحي؛ إنها هي واسط البيت الأردني مع العائلة الهاشمية والتي نلتف من حولها لتكوين الأسرة الأردنية الواحدة، ليبقى الأردن واحة امن واستقرار وحاضنة للسلم المجتمعي.

(الرأي)

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012