أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


مجلس النواب - الرهان الخاسر

بقلم : أحمد محمد اللوزي
16-04-2012 10:20 AM


أحمد محمد اللوزي

هناك فجوة متضاربة كبيرة عميقة ما بين الآراء والاتجاهات الفكرية الواسعة لاحظناها مؤخراً في مجلس النواب مما يدفعنا إلى طرح السؤال الأول دائماً، هل نستطيع البدء من الأول.. بعد أن فشلنا لسنوات عديدة في تحقيق رضى شعبي عن مجريات الأمور ضمن أروقة المجلس.

على الأرجح أن الإجابة عن السؤال ستكون بالنفي القطعي لأن هذا سيؤدي إلى صراع سياسي آخر ويؤدي إلى تدهور في الحياة التشريعية وضياع زمني تشريعي. وهذا الحل إن آمنا به فهو من المستحيلات ما لم يكن هناك أصلاً هيئة تشريعية منتخبة بطريقة ديمقراطية غير مفلسة على أن تحتوي اختلاف التوجهات الحزبية والجماعية والفئوية، وربما تحتاج لوقت مع شرط وجود استقرار سياسي على أرض الواقع، فطالما أن هناك تذبذب سياسي شعبي بالشارع، فلن نكون قادرين على إجراء أي مراهنة سياسية على تصحيح النهج التشريعي الفوضوي بحالته العادية القائمة حالياً. فهناك ضرورة لاستعادة التوجهات التي يقوم على أساسها مجلس النواب وإعادة تحويل مجرياته الفوضوية العبثية لما يصب في مصالح الأمة.

إن الجدل العبثي القائم تحت قبة البرلمان سيؤدي إلى تدهور في الحياة العامة أيضاً مما يؤثر بالتأكيد على الحياة السياسية، كون هذا الجدل العبثي يجعل المجتمع يعيش حالة فوضى غوغائية تزيد من وهج الاضطراب الموجود في الساحة الشعبية القائمة على الإرادة الشعبية بعبثية وماهية التضليل التشريعي الذي يمارسه البرلمان في سن القوانين الشخصية التي لا يكون المجتمع طرفاً بها.

هناك انفتاح سياسي شعبي لمسناه في المرحلة الراهنة، وهناك ضرورة لكي يعيي مجلس النواب هذه النهضة الفكرية وعدم تشويش الحقائق ومحاولة قلب الأمور والحقائق وتسييسها لخدمة أهدافهم الخاصة. فهذا التنور الفكري الشعبي الذي كان يحمي المجلس، بات الآن مدركاً أن رفع الحماية وحق الاختيار كخيار مازال مفتوحاً أما التكتم العلني المفضوح لسياسة المجلس النيابي والالتفاف حول المطالب الجماهيرية لتسييس وسن ما هو مضيعة للوقت التشريعي على حساب قوت الشعب.
على الواقع، هناك توافق شعبي وسطي على ضرورة القيام بردة فعل قوية قد تكون مؤذية سياسياً في خلق كتل نيابية منفتحة سياسياً على المطالب الشعبية حتى لا نقع في متاهة التدهور السياسي الذي سببته القرارات الفئوية الخاصة التي يحاول مجلس النواب انتزاعها على حساب الشعب، وبدأنا نلاحظ هذا التوافق يتشكل بطريقة بديهية على شكل اعتصام وإضرابات ضد الفساد. وإذا رجعنا لأسباب هذه الحركات الاحتجاجية نجد أنها تنبع من العبء الذي زاده مجلس النواب على الحياة اليومية للمواطن نتيجة التوجه النيابي في استحقاق ما هو في صالح النائب ومحاولة تعطيل القوانين العامة واستبدالها بقوانين فئوية شخصية، لأن مفهوم المسؤولية المنطقية والتنفيذية والتشريعية تحولت بطبيعتها لتقوم على مبدأ المنفعة الذاتية الربحية لفئة من المستنفذين في النواب ممن هم أصلا فئة منتفعة قبل الوصول إلى قبة المجلس النيابي، بمعنى أنّ بعض النواب هم فئة بالأصل صاحبة ثراء ونفوذ مطلق قبل توليهم منصب النائب الفخري بالنسبة لهم، وانتخابهم في المجلس لا يزيدهم إلا ثراءً ونفوذاً، وفي الحالتين، ما قبل دخولهم في المجلس وخلال وجودهم فيه، فهم يشكّلون تعطيلاً واستخفافاً بمقدرات الأمة بل يتعدى ذلك كونهم يستنزفون مقدراتها بدون أي مبرر بدءاً من المصاريف الخيالية التي أنفقها النواب قبيل انتخابهم وصولاً لأزمة المصلحة الشخصية التي نراها اليوم في أروقة المجلس.

ذلك كله، حتماً نتيجة عدم القدرة النيابية على حل إشكالات عالقة ما بين المجلس المنتخب والمجتمع المفوض لهم أصلاً، وأصبح أعضاء المجلس هم العصبة المستعصية السياسية التي تحكم قوت الشعب كونها لا تدافع إلا عن مصالح شخصية باتت تشكل أولوياتهم. بل بات تدخلهم في عكس القوانين التي ينتظرها من وثق بهم وأعطاهم صوتهم عبر تفضيل المصلحة الذاتية على المصلحة العامة، وبات يشكل نمطاً جديداً من الفساد الإداري، والبيروقراطية، نتيجةً للعلاقات التقليدية الضيقة التي قد تنتصر على القانون وتؤوله على هواها. وهنا إن لم تتدخل السلطة السياسية ، فإن بذور الفساد هذه ستنمو وتتجذر بقوة في هذا الجهاز الشعبي كونه يشكل المتنفس الوحيد لأفراد المجتمع إن صح التعبير وإن صحت نواياهم.

يتعين على المجلس النيابي أن يستهدف المصلحة الشعبية، وإن تغيير التشريع وتحوله ضد هذه المصلحة من أجل المصلحة الخاصة يستهدف الإضرار بالمجتمع ، وفي هذه الحالة فهو استهتار وتغيير في السلطة التشريعية ، فالتعديلات الشخصية التي أجازها بعض النواب تهدف إلى تغيير الوقائع التي سن لأجلها مجلس النواب، وتسعى لتوسيع الفجوة القائمة أصلاً بين الجماهير التي أحدثت هذا المجلس واعتمدت عليه ليكون المدافع الرئيسي عنها، وذلك كله من أجل تحقيق مكاسب فردية وجاهية للمستفيد الأول ، وهذا يخرج التشريع عن إطار المصلحة العامة الجامعة لتشريع ما هو ضروري في صيانة مدخرات المجتمع والحفاظ عليه؛ وهذا انتقال منهجي خطير من مراقبة القوانين التنفيذية ووضع القوانين التي تتواءم مع المتطلبات المتزايدة للمجتمع.

إن إعادة تأويل مفهوم السلطة التشريعية لتحقيق المصالح الضيقة هو توسيع لرقعة الفساد بمعنى متغير، فالفساد يمكن أن يحمل بين أساليبه أكثر من طريقة ومعنى. وما نراه اليوم من مجاهدة النواب في سبيل حصولهم على امتيازاتهم وترك البلاد في موجة من الفقر والبلاء والاعتصام والإضرابات، يؤكد أننا بحاجة إلى تشريع جديد يحدد هذه العلاقة ما بين المشرع والمجتمع، فالشعب أولاً وأخيراً هو الإطار المنظم والمشكل لعمل المجلس النيابي، فبدون الحركة الانتخابية الجماهيرية لن يكون هناك مجلس نيابي، لذلك فإنّه من حق الجماهير أن تعلن عدم رضاها وعصيانها على المجلس، بسبب الخلل في تغيير التوجه العام لصالح تلبية ما هو الخاص.

فعندما يتآمر النائب على احتياجات الوطن، وعندما تكون امتيازاته هي أساس عمله ولا يهمه الحال التي وصلنا إليه، عندها يصبح من الضروري البحث عن إعادة الحق في إعادة انتخاب المجلس مسؤولية أخرى للقوى الشعبية، وأصبح من الضروري إعادة تنظيم هذا الإطار بما ينسجم مع ضرورة تطبيق مبدأ النسبية في تمثيل التكتلات الاجتماعية التي تم تهميشها لتحقيق المصالح الشخصية. لأن هذه التكتلات ستكون مسؤولة أمام القاعدة الجماهيرية كون هذه القاعدة هي المشكل الرئيسي والمؤسس لهذه التكتلات باختلاف نوعها حزبية كانت أم طائفية.

إن خلط النواب بين انفعالاتهم وواجباتهم، غير الاتجاه القائم على حماية الأصول المجتمعية وغير من منهج السياسية الحالية، كون التركيبة الحالية تكاد تخلو من المعارضة النسبية ، لأن أي معارضة مهاما كانت نسبية يكون الرد عليها دوماً من قبل النواب بصياغة أزمة سياسية إعلامية بين المجتمع والمجلس الحالي، وهذا ينمي ويفاقم الفجوة بين المجتمع وممثليهم. لذلك فقد بات من الضروري قلب الموازين وإعادة ترتيب البرلمان الشعبي ليتحول إلى برلمان مؤسسات وليس برلمان أشخاص من أجل حماية الأمن القومي وتوفير الحماية الأمنية للمجتمع، وتأمين الحرية والكرامة والمواطن وتكافؤ الفرص بين أبناء الشعب عامة من أجل توفير عملية انتقال ديمقراطي شعبي سلمي لحياة كريمة مستدامة.

إن انتقال النائب من ممثل للشعب لموظف حكومي يسعى لزيادة راتبه التقاعدي يخدم أهداف الفساد كونها تمكن النائب من الحصول على مطالبه ومصالحه الشخصية مقابل المطالب الشعبية المطلوبة في حماية الأمن الوطني من الافلاس والتدهور.


التعليقات

1) تعليق بواسطة :
16-04-2012 03:12 PM

اللة يقويك اردني حر

2) تعليق بواسطة :
16-04-2012 03:14 PM

اللة على البلقاوية والصراحة

3) تعليق بواسطة :
16-04-2012 04:31 PM

كاتب بدون أجندة

4) تعليق بواسطة :
16-04-2012 04:32 PM

لابد من انهاء المجلس

5) تعليق بواسطة :
16-04-2012 04:44 PM

نشمي وصاحب كلمة

6) تعليق بواسطة :
17-04-2012 10:20 AM

لا أستطيع إلا أن أقول شكراً وألف شكر للسيد اللوزي صاحب الكلمات المسيطرة. آمل أخذ العبرة من الشعب ...

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012