في ظلال آية.. الحبل والخيوط والرباط المتين

السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024

في ظلال آية.. الحبل والخيوط والرباط المتين

بقلم : الداعية نائلة هاشم صبري
22-10-2021 06:42 AM

قال تعالى: « وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ « سورة المؤمنون –الآية 52.
وفي آية كريمة أخرى قال تعالى: « إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ» سورة الأنبياء- الآية92.
إنها وحدة الأمة التي تقوم على التقوى فنخاف عذاب الله ونحذر عقابه... فأُمتنا قد أرسل الله –سبحانه وتعالى- إليها نبيّاً واحداً وكتاباً واحداً لنؤمن بعقيدة واحدة وننهج منهجاً واحداً... أمة واحدة نعبد ربّاً واحداً لا اله الا هو ولا معبود سواه وتنتسب الى ملة واحدة وهي ملّة الإسلام وهذه الوحدة هي وحدة العقيدة ذات حبل وخيوط ورباط متين شعارها (لا اله الا الله محمد رسول الله).
الوحدة بين الأمس واليوم
كانت الوحدة الإسلامية في العصور الزاهرة بين مختلف الشعوب الإسلامية مثلاً رائعاً يحتذى به إذ قامت على أساس الايمان... إنها وحدة القلوب... وحدة العقيدة إذ توطدت وأصبحت في خدمة السلام العالمي والحضارة البشرية وازالت الفوارق العصبيّة بين الناس وتآخت القلوب في ظلال هذه الوحدة... وأصبحت القلوب المؤمنة متحابة متآلفة متراحمة.
(عن النعمان بن بشير –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: «ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحمى»). متفق عليه.
وعنه أيضاً قال –صلى الله عليه وسلم - : «المؤمنون كرجل واحد إذا اشتكى كلّه وان اشتكى رأسه اشتكى كله». أخرجه مسلم.
وحين بدأ التصدع ينخر في كيان أمتنا العربية والإسلامية الموحدة انقسمت الى دول وامارات يعادي بعضها بعضاً فانفكت روابط الوحدة وخضعت الحكومات العربية والإسلامية لسلطان الدول الكبرى وارتفع شعار (فرق تسد) وانقسم العرب والمسلمون على أنفسهم دويلات تثور بينها نزاعات وأحقاد وخصومات وخاصة على حدود دولهم.
فقائدنا العظيم رسولنا –صلى الله عليه وسلم- قد حقق انتصارات كثيرة وارتفعت راية الإسلام خفاقة على ربوع الديار في أرجاء المعمورة حتى طأطأ العالم اجلالاً واكباراً وامتدت الفتوحات الإسلامية الى بلاد الأندلس غرباً والى حدود الصين شرقاً بفضل هذه الوحدة وانهزمت أقوى دولتين على يد المسلمين وقتئذ وهما: دولة الفرس ودولة الروم.
وحدة العبادة
هذه الوحدة تلتقي فيها قلوب المسلمين جميعاً فيعلنون اسلامهم فيها وتتجسد في وقوفهم لأداء الصلاة في اتجاه واحد قبلتهم الكعبة وقيامهم وركوعهم وسجودهم واحد خمس مرات في اليوم يؤدون هذه الصلاة لواحد أحد فرد صمد الواحد القهار ربنا جلّ جلاله.
وقد حثّ الإسلام على صلاة الجماعة وضاعف أجرها بضعاً وعشرين مرة عن صلاة الفرد. (عن ابن عمر –رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: «صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذّ (الفرد) بسبع وعشرين درجة»). متفق عليه.
وحذّر ديننا الإسلامي العظيم من مفارقة الجماعة (عن أبي ذرّ قال: قال –صلى الله عليه وسلم-: «من فارق الجماعة شبراً فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه»). أخرجه أحمد وأبو داود.
وتجلت الوحدة في أداء المسلمين فريضة الحج في كل وفي مؤتمرهم السنوي على جبل الرحمة –جبل عرفات- وكذلك في صيامهم طيلة شهر رمضان المبارك من كل عام.
دروس وعبر من الوحدة
كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يوصي بالتجمع والاتحاد في الحل والترحال حتى التجمع حول مائدة الطعام حيث البركة والتآلف والمحبة. فقد جاء رجل الى رسول الله شاكياً بأنه لا يشبع. فقال له –صلى الله عليه وسلم-: لعلك تأكل وحدك. ويحكى أن حكيماً قدم لأولاده حزمة من العصي قد اجتمعت عيدانها فعجزوا عن كسرها فلما انفك الرباط تفرقت والأعواد واحداً واحداً (تأبى الرماح إذا اجتمعنّ تكسراً وإذا افترقن تكسرت آحاداً).
وبعد: فالانقسامات والخلافات التي تحدث في عالمنا الذي نحياه ما هي الا بسبب الأحقاد والحزازات التي تكمن في النفوس فقطعت خيوط الحبل الذي يشدّ أبناء أمتنا بعضها الى بعض فلا وحدة بين المسلمين الا بالعودة الى كتاب الله وسنة رسوله (تركتُ فيكم أَمْرَيْنِ لن تَضِلُّوا ما تَمَسَّكْتُمْ بهما : كتابَ اللهِ وسُنَّةَ نبيِّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ). أخرج أنس بن مالك في الموطأ.
اللهم قد بلغت.. اللهم فاشهد.