أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


في ذكرى نيسان ..... ألا يا عيب الشوم ؟؟؟

بقلم : د. عرفات الأشهب
26-04-2012 10:28 AM

قبل غروب شمس أحد أيام أيلول 1989، دلف مدير سجن سواقة إلى مهجع المعتقلين السياسيين ، وبيده ورقة راح يتلو منها أسماء ثمانين معتقلاً ونيف ، وبدون أن يفصح عن شيء طلب من الجميع مرافقته إلى قاعة في الطابق الأول للسجن. مدير الأمن الوقائي كان يتصدر القاعة وقد أبلغنا بأمر الافراج ومن جملة ما قاله من ( درر) اتهامنا بأننا كنا بصدد إحراق عمان الأمر الذي ( أجبرهم !) حسب ادعائه على اعتقالنا الذي مضى عليه نحواً من ستة أشهر بعد انفجارهبة نيسان المجيدة، حيث جرى توقيف المئات بل الألوف من المشاركين في الهبة وقد كانوا من مختلف مدن وقرى وبوادي المملكة ، وبعد تحقيقات أولية تم اطلاق سراح القسم الأكبر من الموقوفين وبقيت هذه المجموعة من أبناء الأردن محجوزة في زنازين ومهاجع السجن.
كان من بين المعتقلين القائد الشيوعي المرحوم موسى قويدر ، وكذلك أمين عام حزب الشعب الديموقراطي (حشد) المرحوم سالم النحاس، والمناضل القومي الدكتور رياض النوايسة وعشرات الكوادر من الأحزاب اليسارية والقومية والفعاليات السياسية والنقابية والثقافية التي شاركت بفعالية في الهبة (ما عدا جماعة الإخوان المسلمين الذين ادعوهم لدراسة انتقادية لموقفهم من الهبة).
هذا وقد علمنا لاحقاً أن الإفراج تم بأمر ملكي نطقه الملك حسين في المطار حيث كان في طريقه لأوروبا للمشاركة في مؤتمر دولي لعدم الانحياز وكان أمر الإفراج تجنباً لأي إحراج قد يتعرض له الوفد الأردني الذي دأب على إنكار وجود معتقلين سياسيين في الأردن.
إن دوافع هبة نيسان عديدة ، وقد كتب عنها الكثير ، ولعل من المفيد أن أشير هنا إلى أهم عاملين :
الأول: الاحتجاج على التسلط في الحكم، والمطالبة بإلغاء الأحكام العرفية ومنح الأحزاب حرية العمل والكف عن الاعتقال السياسي إلى جانب السماح للشعب الأردني بممارسة حقه في انتخاب مجلس نيابي.
الثاني: الاحتجاج على الفساد وعلى السياسة الاقتصادية التي أفضت لتحميل الأردن مديونية تجاوزت عشرة مليارات دولار. ويحضرني في هذا المقام ادعاء رئيس الوزراء أنذاك ( زيد الرفاعي ) عبر شاشة التلفزيون الأردني بأن الاقتصاد الأردني معافى وأن الوضع الاقتصادي ( قمرة و ربيع) وقد أيده في هذا المنطق المتهاوي ( داية) تلك السياسات الذي كان يحتل أهم أعمدة جريدة الرأي.
بعد هذا اللقاء بأيام صحا الشعب الأردني على انفجار الأزمة الاقتصادية إذ انهارت قيمة الدينار الأردني إلى الثلث وتبع ذلك غلاء فاحش في الأسعار الأمر الذي دفع الناس للنزول للشارع في انتفاضة شعبية باسلة بدأت في الجنوب وامتدت لباقي المدن وقد سقط خلالها شهداء من خيرة شباب الأردن.
نحواً من ربع قرن انقضى على الهبة ، فهل اتعظ الحكام ؟؟
دعونا نقرأ بعضاً من عناوين المشهد الحالي :
أولاً: أزمة اقتصادية أبرز تجلياتها مديونية تجاوزت باعتراف الرسميين عشرون مليار دولار ، رغم بيوعات أصول الدولة من مناجم و مصانع وشركات وحتى الميناء الوحيد !!
ثانياً : هيئة رقابة و تشريع ، أي مجلس نواب عدد كبير من أعضائه نجحوا بالتزوير ( ليس كما تدعي المعارضة) بل باعتراف مهندس الانتخابات ورئيسي وزراء.
ثالثاً: فساد يتحدث عنه الرسميون ولكن دون فاسدين.

استدراك : مركز إصلاح وتأهيل سواقة هو الاسم الرسمي للسجن فمعذرة من القارئ لهذا الخطأ اللغوي الذي ارتكبته في بداية المقال، إذ أن أربعة عشر مهندساً وأحد عشر طبيباً و خمسة محامين وعشرات القيادات العمالية و الثقافية والشبابية كانوا حقاً بحاجة إلى إصلاح وإعادة تأهيل داخل مركز مطوق بالأسوار العالية والأسلاك الشائكة وعدد كبير من سيارات صفقة أودي ما غيرها ......
ألا يا عيب الشوم !!!!


التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012