أضف إلى المفضلة
الجمعة , 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
الجمعة , 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


الهوية

بقلم : عبدالهادي راجي المجالي
14-11-2021 01:50 PM

عبدالهادي راجي المجالي اجبد
هوية
.... أتذكر تطور الهوية لدي , أتذكره جيدا ...لكن السؤال هل الهوية تتطور , نعم تتطور وتترسخ ..حتى تستقر في العقل وتسري في الدم ...
في الصف الأول الإبتدائي , بدأت أتعلم الدحية وأمارسها ..بحكم تعدد الأعراس في قريتنا..ناهيك عن أنني صرت أعرف صوت (الكونتنتال) حين يعبر من حارتنا , وأميزه عن صوت ( الروفر) ..
في الصف الثاني والثالث , بدأت بإجادة ارتداء الشماغ , كان أبي حين ينام ...يترك شماغه على المقعد , وكنت أتفنن( بطق اللصمة) ...وكنت أميل العقال يمينا , وفيما بعد صرت ألفه على رأسي في صباحات تشرين الباردة حين أذهب للمدرسة ...
في الرابع والخامس تطورت المفاهيم المعنوية في مسألة الهوية , وتجاوزت الأشياء الملموسة ..صرت أفهم معنى : ( شرب ع اعمامك يا ولد) ...وصرت أفهم معنى : (انطح فالك ...وزعة عيال العم) ..والأهم أني صرت أعرف اللواء أربعين وأحفظ أغنية : ( يا لواء الله يا لواء الأربعين ) ..وأعرف (خو) جغرافيا ووجدانيا وأخلاقيا ووطنيا ..
حين تركت المرحلة الإبتدائية وانتقلت للإعدادية , صرت أفهم وصفي التل ...وأفهم معنى الدم والوطن , وصرت أعرف أن باب الواد لم تكن معركة بقدر ما كانت شهادة على بسالة الأردني ...صرت أعرف أن فلسطين ليست قضية فقط , بل هي الوريد الذي يسري من القلب باتجاه العقل ...وصرت أمزج بين عيون الحبيبة والكرك ...
في الثانوية ... تشكل الهوى القومي عندي , حتى الفن انحاز للعراق , وكنت مهتما بسماع أخبار الجبهة من راديو مونت كارلو , والنخل كان عندي له بعض الجذور في الكرك ..بالرغم من أن التمر يأكل في البصرة ...
وفي الجامعة تشكل الوعي بالهوية ...نعم أنا أردني , أنا وريث دم جعفر وزيد وعبدالله بن رواحة , أنا وريث مملكة الأنباط ووريث (العمونيين , المؤابيين ...) ..وأنا ابن الشام ..وابن السيوف والخيل ...وابن الكرك ومؤتة ...
الهوية حالة من الوعي التراكمي , هي حالة من ترسخ الجذور وامتدادها في الأرض هي اللكنة والسمرة والتاريخ ...هي العقال , والجيش والتراب والصحراء ....هي الحب الذي لايذبل ولا يموت ...هي مثل الجندي الحي , لايشطب ولا يلغى وله كرامة وعنده كبرياء ..يتحلى بالشراسة وعنيد في القتال .
الهوية هي أنا وأنت , أستغرب من الذي يسعى إلى إلغاء العيون , وتخييط الفم ..أستغرب ممن يسعى لإغلاق الأذن بالعجين أو سد الأنف بالتراب ...من يفعل ذلك هو كمن يريد شطب الهوية ...
لن أخجل من الصراخ بأعلى صوتي : ( أنا أردني) ...

Abdelhadi18@yahoo.com
الرأي

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012