أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
الأربعاء , 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


الهوية الجامعة

بقلم : د. صبري اربيحات
26-11-2021 01:55 PM

الايام القليلة الماضية كانت مناسبة للتوقف عند حكاية الهوية الجامعة التي اصبحت موضوعا للجدل والسجال بين الذين يعتقدون انهم اصحاب استحقاق في تولي السلطة وادارة مفاصل البلاد من جهة وبين بعض الجماعات التي اعتبرت ان في مثل هذا الطرح انكارا لحقوق وامتيازات وجهود البناة الاوائل ولابناء الارض الذين توارثوا اسمها وسماتها وتعايشوا مع يسرها وعسرها وعرفوا جبالها وقيعانها وسهولها وغدرانها ونعموا بخصبها وصبروا على جدبها ورحبوا بخطارها والمستجيرين بهم من الظلم والجور وقهر الرجال وبقوا على عهدهم لها يؤمنون بخصبها وعطاءها حتى في احلك مواسم الجدب.

على هامش هذا التفكير رحل ذهني في تاريخ البلاد التي اصبحت اليوم مستودعا بشريا لكل من يرغب وبدت وكأنها بلا هوية فخطر ببالي نمر بن عدوان ورجال هية الكرك وجال ببالي عودة ابو تايه وصايل الشهوان ومر بخاطري محمد بطاح المحيسن وحسين باشا الطراونة ويعقوب العودات وعودة القسوس وشيوخ وامراء البلاد في القرن التاسع عشر وماقبله تخيلت مضارب الصخور وبني عطية والحويطات والسردية واهل الجبل ولم يغب عن بالي منازل ابن قلاب والخزاعي والشريدة والعوران ولا دواوين الكايد والمجالي والعربيات والزريقات وابو جابر والداود والكراشين وال خطاب تذكرت الحجايا والشعلان والسرحان والقبائل التي تتنقل بين الحدود وبين الحدود.

في الصور الذهنية للمكان كانت تتبدى العشرات من الصور للرجال الذين عرفناهم عن قرب او سمعنا عن شيمهم وخصالهم .كان حمد بن جازي جبل على جبل و عودة النجادات شيخا وقاضيا لا يرفض له حكم وعودة ابو تايه فارسا لا يشق له غبار. لم يغب عن بال الاردنين يوما قصص فروسية تركي الحيدر ولا جرأة ظاهر الذياب ولا استقلالية الرجال الذين لا يذعنوا الا لما يؤمنوا به.

في قواتنا المسلحة كان الجنود والضباط لا يتوقفوا عن الحديث عن سجايا ضباطهم وابداعاتهم في ميادين القتال ونبل اخلاقهم وانسانيتهم التي تتبدى من نوافذ صلابتهم. كان مشهور حديثه ولطس دله وغصاب القاضي وبادي عواد وعطالله غاصب ومطيع حماد وغيرهم من الرجال الذين سيبقوا خالدين على مدى الايام.

منذ الصبا وانا منبهر بهوية الاردن ومشبع بحب ابناء هذه الارض والاواصر التي جمعتهم بلا ادلجة او خطابات من اناس لا يشبهون الارض في شىيء فلم اكن ارى فرقا بين مشهور حديثة وبهجت المحيسن ولا ارى ما يميز جنديا عن اخر الا فيما يقدمه لهذا البلد بعيدا عن الولاءات الانية والتزلف مدفوع الثمن الذي يعتقد البعض بانه تعبير عن الحب والهوية.. كنت ولا زلت ارى ان فضل الدبيس ومتروك العون اقرب لقيمي وافكاري وممارساتي حتى وان اختلفت مرابع صبانا... الالاف الذين خدموا بلدهم بعفة وصدق هم الابطال وهم الرموز وهم الرجال الذين حفروا في ذاكرة الوطن.

البادية الاردنية وبلدات الاردن التي اصبحت مدنا كانت ولا تزال وستبقى المجال الروحي الرحب الذي نرتوي منه كلما جفت سواقي العطايا المغموسة بالتبعية والاذلال... وكلما خف نعيق الذين يصرون على اننا لسنا نحن.... تحية صباحية لكل القابضين على هويتهم وسط عواصف التشويه و التمويه والتغيير والابتلاع.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012