أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


الوقفي يكتب: أحزاب شعبية أم "نخبوية" .. ماذا نريد؟

بقلم : اياد راضي الوقفي
22-01-2022 01:36 PM

في الحديث عن الأحزاب السياسية، لا بد من التنويه بإيجاز أن الحياة الحزبية ليست حديثة العهد، بل بدأت قبل إعلان تأسيس إمارة شرق الأردن، حيث فرضت الظروف السياسية في العام 1919 إلى انضمام أردنيين إلى حزب الاستقلال السوري، وبعد نشأة الإمارة تم تأسيس فرع لهذا الحزب في البلاد وشارك بعض أعضائه في أول حكومة أردنية برئاسة رشيد طليع عام 1921.

وبعد دخول الأردن في التجربة الحزبية الأولى، توالى تأسيس أحزاب من بينها حزب الشعب الأردني 1927، وهو أول حزب دعا إلى تشكيل مجلس نيابي منتخب، ثم تلاه حزب التضامن الأردني 1933 وحزب الإخاء الأردني 1937 والحزب القومي الاجتماعي 1938.

وتوالى بعد ذلك تأسيس أحزاب سياسية عديدة، حتى فرضت الظروف السياسية عام 1957 وقف النشاط الحزبي بأشكاله كافة، وتم إعلان حالة الطوارئ حتى العام 1989 الذي يعتبر بداية عهد جديد من الديمقراطية، وصدر قانون الأحزاب عام 1992 تأسس بموجبه عددا من الأحزاب السياسية إلا أن أثرها في الشارع كان محدودا ولم يقدم أي قيمة مضافة إلى المشهد السياسي، لعدم إيمان الأردنيين بجدواها بعد أن عجزت عن استقطاب منتسبين لها بعد أن طغى الطابع الفردي على أغلبها، والتزمت الصمت حيال عديد المواقف السياسية والسياسات الاقتصادية.

ما زال فتور الأردنيين جلي حيال الانتساب إلى الأحزاب السياسية، نتيجة الموروث الذي انعكس عليهم من ملاحقات أمنية طاولت أرزاقهم وتعثرت أعمالهم، وأضيفُ عدم القناعة الناجمة عن مقدورية هذه الأحزاب من تقديم حلول لجل المشاكل الاقتصادية، وعجزها عن اتخاذ موقف تجاه عديد القضايا السياسية حين كان للكلمة ثمن ومعنى.

لا نريد استمرارية النظرة المتشائمة في الانضواء تحت لواء هذه الأحزاب ونحن قد دخلنا في المئوية الثانية من عمر الدولة، لكن الملفت أن اللجنة التأسيسية لحزب الميثاق الوطني قد أدخلتنا في وهم جدوى الانضمام إلى الأحزاب، في الوقت الذي لا ننكر فيه حق الدولة في تأسيس حزب خاص بها، وهذا هو الانطباع الأول الذي خرج به المراقبون من تشكيل هذا الحزب، الذي ضم في تركيبته عددا من الشخصيات التي يفتقر أغلبها إلى قواعد شعبية، تتبنى من خلاله مطالب العامة في تقويم السياسات الداخلية والخارجية والتي سيكون في أغلبها مجاملة الرسمي على حساب الشعبي، سعيا منها لتجميل واقع بات صعبا يتعذر استمراره بنفس الأدوات وبذات السياسات.

نتطلع إلى أحزاب سياسية تحاكي نبض الشارع وتعظّم من قيم نكران الذات، تؤسس لمرحلة جديدة بعيدا عن شخصيات استُهلكت في العمل العام، وفشلت في إحداث فرق خلال تبوئها عديد المناصب وشريك رئيس في إحداث كل هذا الخراب الذي حل بمؤسساتنا.

الحزب الحقيقي هو الذي يخرج من رحم الشعب يعبر عن طموحاتهم وأحلامهم، في الوقت الذي ما زال البعض ينظر فيه إلى الأحزاب أنها طريقا نحو تحقيق مكاسب فردية، وبتقديري أن تشكيل هذا الحزب يعد مؤامرة على إنجاح الحياة الحزبية ومحاولة انتشالها من ما علقت بها من شوائب جراء افتقارها إلى البرامجية والقواعد الشعبية، التي تعد أبرز وأهم متطلب لإثراء الحياة الحزبية.

الأردنيون يتطلعون إلى تأسيس أحزاب شعبية شبابية لا نخبوية إن جاز التعبير، تحمل همومهم التي يتصدر عناوينها مكافحة الفقر والبطالة المتفاقمة بين صفوف الشباب وتقدم الرؤى الاقتصادية التي تنقل البلاد من ضفة الجباية إلى ضفة الأمل بمستقبل واعد، تكون عين المواطن والرقيب على أداء الحكومات، لتجود من مستوى خدماتها وترتقي إلى حد مسؤولياتها التي عُهد إليها بموجب الدستور.

نتطلع إلى أحزاب شعبية حقيقية بعيدا عن حزب شخصيات الدولة، يعيد الألق إلى هذا 'الوليد' السياسي في حدود المفهوم الجديد، الذي يعد الذراع الأبرز في إنتاج حياة ديمقراطية تغذي شرايين أصابها التكلس والجمود، بعد أن صعد إلى سدة المسؤولية شخصيات لم تكن على مستوى التحديات، آن لها أن تتنحى وتفتح الطريق أمام قيادات شعبية شابة غير مجربة، لا سيما وأن الشباب يشكلون النسبة الأكبر في مجتمعنا الفتي.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012