أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


استشهاد شيرين ابو عاقلة

بقلم : د . محمود عبابنة
12-05-2022 05:22 PM

يتهموننا بالتطرف لدرجة أن كل عربي موسوم كالعلامة التجارية بالعدوانيّة والإرهاب ما لم يتم اثبات العكس، وينسون بنفس الوقت ما يشاهده المواطن العربي فيما يحصل في فلسطين وتعرضه شاشات التلفاز من تنكيل يومي بإخوتهم الفلسطينيين، فمن مصادرة الأراضي إلى حرق البيوت وهدمها على رؤوس أصحابها، ومن الاعتقالات الإدارية والقضائية وتدنيس حرمة المقدسات الإسلامية والمسيحية، ومن نصب الحواجز إلى إطلاق النار على كل من يشير بيده أو يرفع رأسه، وفي هذا السياق جاء مقتل الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة بدمٍ بارد، وهي تضع لباس الصحافة، هذه الجريمة ليست أكثر من جرعة من إكسير التطرف الذي يتغلغل في شرايينهم ويحقنوننا به.

هذه الفعلة الإجرامية لا يمكن تبريرها، فقد ثبت من الصور التي تعكس الحقيقة بأن شيرين كانت تعمل في منطقة مكشوفة وظاهرة للعيان، وأن قتلها كان مقصوداً مع سبق الإصرار والترصد لإسكات هذا الصوت الصحفي الجريء الذي تبوح به الصحفية الجميلة الذكية صاحبة البديهة الحاضرة والفكر المستنير، التي قابلنها ذات يوم في جامعة اليرموك في مدينة إربد على هامش إحدى الندوات، بعد أن عادت إلى فلسطين وحققت نجاحاً في مهنتها الصحفية عززه ذكاؤها وطلاقتها في التعبير وقدرتها على اضاءة نور الحقيقة، عما يقوم به جنود الاحتلال الذين يطبقون بالرصاص سياسة الفصل العنصري الذي يرسمه السياسيون في إسرائيل، الذين يجري الترحيب بهم في عواصمنا العربية.

المشكلة أننا قد نصفهم بالعنصريين والمحتلين ونشتمهم ولكنهم دائماً يفوزون بالإبل، لأن جرائم هذا الكيان العنصري لا رقيب عليها ولا رادع لها، شيرين أبو عاقلة تتمتع بالجنسية الأمريكية، فلنرَ ردة فعل الولايات المتحدة على مقتل صحفية ومواطنة تحمل جنسيتها، ولننتظر بوريس جونسون الذي يتفلت للانضمام إلى قوات أوكرانيا للدفاع عن صحفييها ضد القوات الروسية.

تصرفات إسرائيل المتكررة بهذا الخصوص ابتداءً وليس على سبيل الحصر، ومن مقتل الطفل محمد الدرة ومقتل القاضي الأردني على الحدود، ومقتل المواطن الأردني في السفارة الاسرائيلية في عمان، ودهس المواطنة الأمريكية راشيل كوري بعد أن وقفت احتجاجاً أمام الجرافة، يشير إلى خلاصة يجب أن ندركها ونتعايش معها، أن دولة عنصرية تم زرعها في قلب هذه المنطقة وتم تدجيجها بأحدث أنواع الأسلحة، لا تقيم وزناً لغير ما هو يهودي، لأنها على علم بأن هذه الشعوب، وإن كانت معادية، فإنه يسهل قيادتها وجرِّ قادتها إلى بيت الطاعة، ومن فوق منهم أن أمريكا ودول أوروبا لن تحرك ساكناً ما دام القتيل الضحية من العرب الأوباش، ثم يتساءلون لماذا نحن إرهابيون؟!!

نحن كذلك لأننا نتلقى جرعة الذل والهوان ونشاهد صور إذلالنا كل يوم، وهذا هو السبب الذي يدفع شباب في مقتبل العمر للإغارة بعفوية، مسلحين بسكين المطبخ، على حارس المستعمرة أو إطلاق النار على اسرائيليين في المقهى، أو عمل كمين لدورية عسكرية، وهم يعرفون أن إلقاء القبض عليهم سيتم خلال أيام معدودة، لكنهم لا يستطيعون أن يتحملوا منظر امرأة فلسطينية طاعنة في العمر، ترفع يديها إلى السماء وتنادي (واا معتصماه) ولا من مجيب، بعد أن يكون جنود الاحتلال قد هدموا منزلها وقطعوا أشجار زيتونها وليمونها.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012