أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


هل من وسيلة "لايصال الدعم لمستحقيه"؟

بقلم : قيس مدانات
15-05-2012 08:20 AM
يبدو أن الحكومة جادة برفع الاسعار، فالتصريحات الصادرة عن رئيس الوزراء ووزرائه بهذا الشأن لا تهدأ، وقد بدأها الرئيس منذ لحظة تكليفه بالحديث عن 'ايصال الدعم لمستحقيه' وهي العبارة الحكومية المأخوذة عن صندوق النقد الدولي والتي تعني رفع الدعم عن السلع وبالتالي رفع اسعارها.
حاولت الحكومات مرارا في السابق رفع الدعم عن السلع بحجة أن الدعم لا يصل لمستحقيه، لكن النتيجة في كل مرة كانت ارتفاع الاسعار على المواطنين وتآكل القيمة الشرائية للدينار وتردي الوضع المعيشي للمواطنين. وكل الوسائل التي تحاول الحكومة ابتكارها من بطاقة ذكية أو دعم نقدي مباشر تصطدم بالواقع، فهي ستؤدي بالنهاية لتحويل المواطنين 'مستحقي الدعم' لشحادين على أبواب مؤسسات البريد أو غيرها، ولعدم وجود آلية تضمن شمول كل الفئات متدنية الدخل بالدعم، وذلك لتشعّب هذه الفئات لتشمل موظفي الحكومة والقطاع الخاص والمهن الحرة والاسواق الموازية والعاطلين عن العمل...إلخ.
فعليا، يحصل الاغنياء على نسبة من الدعم أكثر مما يحصل الفقراء. لكن على الحكومة إن أرادت رفع الدعم الحكومي عن السلع أن تنظر نظرة واحدة للسلع المدعومة، وتبدأ برفع الدعم عن السلع التي يستهلكها المترفون كسيارات الدفع الرباعي والسيارات ذات المحركات الكبيرة بدلا من رفع الدعم عن المحروقات.

سأحاول أن أضع الأمر ببساطة شديدة. تضطر الدولة لدعم أسعار بعض السلع كجزء من دورها في الرعاية الاجتماعية، مما يشكل مصروفا في موازنة الدولة، ولأن الموازنة سنويا تعاني من عجز في الايرادات، تريد الحكومة تخفيض المصروفات كي تقلل من نسبة العجز. والسبب الذي يجعل الحكومة لاتمانع في الانسحاب من دورها في الرعاية الاجتماعية هو أن الفئات الغنية في المجتمع تحصل على النسبة الاكبر من الدعم.
تقوم الدولة بتقديم مبلغ من المال على شكل دعم لبعض السلع الأساسية، لكن المشكلة أن الاغنياء يحصلون على الجزء الأكبر من هذا المبلغ. وكي يحصل المجتمع على توزيع عادل لهذا المبلغ، تريد الحكومة تقليل المبلغ الذي تدفعه عن طريق رفع الدعم عن بعض السلع، ومن ثم اعطاء الفقراء باقي المبلغ على شكل مبالغ نقدية صغيرة مما سيشكّل في النهاية كامل المبلغ المدفوع في الموازنة اصلا. لكن هذا الحل وبالتجربة العملية اثبت فشله، وثبت أن حال المواطنين يتراجع عند تطبيقه.

لما لا تحاول الحكومة توزيع المبلغ بطريقة مغايرة. مثلا، تبقي الحكومة على نفس مبلغ الدعم في الموازنة وبنفس طريقة التوزيع، لكنها تقوم باقتطاع مبالغ من الطبقة الغنية غير المستحقة للدعم. وهذا يكون اساسا عن طريق تصاعدية ضريبة الدخل، وبما يشمل الموظفين والبنوك والشركات المالية والخدمية والتجارية، واخضاع الارباح المتأتية عن المضاربات المالية لضريبة الدخل. وعن طريق فرض ضريبة مبيعات عالية على السلع الكمالية الموجهة للطبقة المرفهة (High End Items) كالاغذية الفاخرة والسيارات الفارهة والسلع الاستهلاكية الفخمة.
هذا من ناحية ايصال الدعم لمستحقيه إن كانت الحكومة جادة بايصاله لمستحقيه الحقيقيين. أما عن عجز الموازنة، فلا شك أن باستطاعة الحكومات اتباع خطوات حقيقية لتقليله، لكن مساحة هذا المقال لا تكفي للخوض بتفاصيل هذه الخطوات.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012