|
|
ازرعوا هذه البلاد
بقلم : فيصل سلايطة
24-05-2022 05:39 AM
بدأت تداعيات الازمة الروسية الاوكرانية تلوح في الأفق , خصوصا تلك التي يتلمّسها المواطن البسيط الذي لا يعلم أين تقع هذه الدول على الخريطة , فالرغيف الذي يبدأ به أغلب البشر خصوصا في البلاد العربية يومهم قد نشهد انقطاعه في القريب العاجل , هذا الرغيف بالرغم من صِغر حجمه , إلّأ أنّه قد يستطيع إعادة تشكيل الخريطة السياسية في العالم أجمع , فنفط الشعوب الأصفر إن صحّت تسمية القمح بذلك , هو أحد أهم العناصر الغذائية في العالم اجمع على اختلاف ثقافاتهم الغذائية.
بالتأكيد ' ليس بالخبز وحده يحيا الانسان ' لكن بالتأكيد لن تستمر حياته كما هي بدونه , فالقمح هذا العالم بات سلعة تتأرج على البورصات بإرتفاع وصل ل 60% بالمئة بالتزامن مع موجات منع تصدير و احتكار دولي للقمح , كالهند و روسيا و الكثير من الدول غيرهم , ما يهدّد بموجات ملايينيّة من المجاعة تتزامن مع أزمات جفاف و فيضانيات , هذه الحلبة الغذائية السياسية سوف تشهد توترات و تضاربات نتيجة قرارات هذه الدول .
الشرق الاوسط و عالمنا العربي ككل يندرج للأسف تحت مظلّة الدول المستهلك التي في النادر ما تُنتج أو ترتقي لإنتاج الاكتفاء و الفائض , بالرغم من وجود مؤهلات كثيرة , فالسودان مثلا إن استغلّت بالشكل الصحيح و تم حل الخلافات و النزاعات القبلية فيها , تستطيع أن تكون بمثابة سلة غذائية للعرب ككل إن لم تكن للعالم أجمع , ففيها أجود أنواع التربي و الطمي بالإضافة لغزارة مواسمها المطرية التي تساعد في نجاح أي تجربة زراعية فيها , لكن للأسف لا نقدّر نعمة تراب السودان و غيره من الدول التي تستطيع أنتاج الغذاء والمحافظة على ديمومة وفرته و استقرار اسعاره.
هنا في الاردن نحن لسنا بمنأى عن هذه التخبّطات , بالرغم من تفاخر الحكومة بمخزون استراتيجي من القمح إلّا أن هذا لا يكفي , فالتربة باتت تطلب فأس أهلها , فمهما اصابت التخمة مستودعات القمح سيأتي يوم يُسمع فيه صدى فراغها , فكل المؤشرات الاقتصادية و السياسية العالمية تشير لموجات مجاعة قادمة , تكون فيها للدول النامية حصّة الاسد منها , لذلك ازرعوا هذه البلاد يا حكومتنا , فسهول مادبا و السلط و جبال عجلون و جرش و الاغوار تطلب الاهتمام لترّده في احلك الاوقات , اضربوا عصافير عدة بحجر واحد , وفّروا الأراضي و التسهيلات و التحفيزات و المياه و الكهرباء لهذا الشباب الذي يريد العمل و اطلقوهم للأرض و بعدها لن نكون رهائن لمنظمة أو طيارة تحمل قمحاً يزيد عجزنا عجزنا , ولا ضرر بعدها من فائض يملأ الجياب و الخزائن .
قبل خمس سنوات عندما حصل الخلاف القطري _ الخليجي , كان جلّ اعتماد الدوحة على محيطها في تأمين احتياجاتها الغذائية , و ما إن دبّ الخلاف بين الاشقّاء حتى شعرت قطر بسلبيات الاعتمادية الكلّية على مصدر واحد و مورّد واحد , و بعدها بدأت تفتتح المصانع و تستصلح أراضٍ و تستأجر أخرى لسد احتياجاتها الغذائية , فمن يعتمد على مصدر واحدٍ في أيّ شيءٍ هو رهن له يُتاجر به في أي وقت , على أمل أن تضع حكومتنا خطة غذائية_ زراعية عاجلة تُجنّبنا أي عدم استقرار بيئي قد يحدث في الأشهر أو السنوات القادمة .
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن
علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
|
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012
|
|