أضف إلى المفضلة
الثلاثاء , 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
الثلاثاء , 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


عقلية المؤسسة وعقلية الفرد

بقلم : د . بسام العموش
10-07-2022 06:25 AM

زرتُ عددا' من الدول المتقدمة وبحثت عن صورة الزعيم أو أي مسؤول في شوارعهم أو شاشات التلفزيون فلم أجد !! وكنت اضطر إلى السؤال : من هو الرئيس وما شكله ؟! فأجد ضحكة استهزاء !! وماذا لو عرفت ؟ هذا شخص موظف لدى الشعب أو بلغة أصعب هو
' أجير ' أي مستأجر من الناس ليقود المؤسسة وفق قوانينها وليس وفق ما يريد ، وسوف يغادر بانتهاء المدة كما غادر أوباما وكلنتون وترمب وميركل أو بسحب الثقة منه مثل نيكسون وبوريس جونسون .

فليس مهما' الشخص بل المهم استمرار مكانة المؤسسة الحاكمة واستقرار سياستها الرامية لخدمة الناس ورفعة الدولة . هذا أهم مظهر من مظاهر الإدارة المؤسسية ولهذا يلتفت الناس لأعمالهم المعتادة لأن المؤسسة تعمل بالنيابة عنهم وهم يراقبون عن بعد مما ينقله لهم إعلام المؤسسة حيث يضع الحقائق أمامهم ولا يخدعهم ولا يضللهم بينما هم الذين يقررون .

يقابل ذلك القيادة الفردية حيث الزعيم الملهم والذي لم تلد النساء مثله ، وعليه فهو القانون وهو الدولة ، وهو الذي يقرر ، وهو الذي يتفرعن ، وهو الذي يتصرف بالمليارات ، وهو الذي يقود الجميع ويقرر لهم ما يجب فعله أو تركه . ولأنه الكل في الكل يصبح جزءا' من الحياة ، وصوره في كل مكان حتى لا ينسى الناس صاحب الفضل والرفعة ، المنعم المتفضل ، وهو حبيب الشعب ومعبود الملايين ، الذي لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون !!! وصار نمط الفرد المبدع في الأحزاب والفئات والمذاهب والتيارات ، فكل ما قالت ( حذام) فصدقوها فإن القول ما قالت (حذام ) !! ولهذا رأينا ذوبان المجموع في الفرد . لقد اشتهرت عبارة : أنا الدولة والدولة أنا ، ورأينا السقوط المروع للدولة حين يسقط الملهم لأنه لم يصنع مؤسسة ولم يكن يقبل قادة من بعده لشكه فيهم ، مع أن الرجل يحب أن يكون حوله رجال ، بينما الخوار يحسب كل صيحة عليه ، لا يريد غير الصغار الأنذال . في بلد عربي كانت الانقلابات كل شهرين في سباق الدبابات نحو الإذاعة لإعلان البيان رقم (١) فكان إجراء قائد الانقلاب تصفية من هم أمامه ، ثم لا يلبث واحد من خلفه أن ينقلب عليه ، وهكذا دواليك الى أن جاء من يوقف المسلسل بقتل من قبله والمحتملين من بعد فاستقر الأمر بالحديد والنار وصرنا نسمع ( الى الأبد ) .

في بلد عربي تتوزع شوارع سيطرة الملهمين من القيادات الحزبية حيث تميز الجهة المسيطرة من خلال صورة قائد ذلك الحزب أو الفصيل .
لا تقدم في بلاد العرب والمسلمين والعالم إلا بالتحول نحو المؤسسية والتخلص من الفردية فالعقل الجمعي أقرب إلى الصواب ، وإذا كان هناك ملهمون عقلاء مبدعون فليكن ذلك من خلال المؤسسة التي تعتمد الطاقات وتحترم الإبداعات.

المؤسسية تعني التقدم وتعني الاستقرار وتعني الإنتاج وتعني تداول السلطة وتعني أن السلطة مجرد نيابة عن الناس وبهذا تتقدم الدول . أم الفردية فإنها الدمار والعار ، إنها الدماء والمعتقلات والاعدامات ، إنها السقوط المروع ، إنها الإعلام الضال المضل ، إنها النفاق والمنافقون، إنها السلب والنهب والفساد، إنها الشللية والمحسوبية والعائلية .

وفي تاريخنا لما كانت المؤسسة هي التي تحكم كانت الصفة ( الراشدون ) ولما تحولنا إلى الفرد والعائلة كنا نرسم بداية خط الانحراف .



التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012