أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


العرب يهربون من أوطانهم للبحث عن مستقبل أكثر عدالة.. وغدٍ أكثر كرامة

بقلم : سليم البطاينة
01-11-2022 06:43 AM

لم يخطر ببال الروائي العربي السوداني الطيب صالح عندما كتب روايته الشهيرة ( موسم الهجرة إلى الشمال ) في أيلول ١٩٦٦ أن البلاد العربية بثرواتها ومناخها ستتحول في يوم ما إلى مصدر أساسي للهجرة والهروب نحو الشمال (انتهى الإقتباس).
فما أصعب أن تضيق الأوطان بأهلها ويصبح الخروج منها حلماً لا يضاهيه حلم، فقد ضاقت المعيشة على الجميع، ومن آثر السكوت بالأمس أصبح لا يطيقه اليوم … فإذا ألقينا نظرة فاحصة لواقع الشعوب العربية ، سنرى أنها ضائعة وتائهة ومصابة بالدوار وتدور حول نفسها ! مُفككة مسلوبة الإرادة سهلة التطويع والانقياد !
وهنا دعونا نحلم ولو لثوانٍ، فمن منا لا يحلم بفرصة للخروج! وماذا لو ألغيت الحدود واختفى حرس الحدود وخفر السواحل ؟ وماذا لو سقطت الأسلاك الشائكة وتهدمت الجدران الفاصلة في هذا العالم المُشبع بالحرمان والباحث عن الأمن والأمان والكرامة؟ بالتأكيد سنرى شوارع المدن العربية تسكنها الطيور مع بقايا أوراق الشجر في الشوارع.

فالحالة الراهنة تستوجب خروجاً عن المألوف في كل ما له علاقة بأحلام وتطلعات الشعوب … فحين تفشل الحكومات و يستشري الفساد وتُفتح السجون وتُصادر الحريات عندها تكون الهجرة أول الخيارات ، ويُترك الوطن غير مأسوف عليه، فأي دولة هي فاشلة إن لم تستطع سياساتها وأنظمتها توفير حياة كريمة لمواطنيها.
فالشباب تائه في جحيم اللامبالاة ويمر بأزمات شتى جعلته مُموه الفكر، تائه الآمال، غائب الرؤيا، معلقاً بخيط عنكبوت، وبات الشباب العربي من دون خيار أمامهم إلا أن يبحثوا عن الوطن البديل الذي يحترم حقوقهم في العيش بحرية وكرامة وضمان مستقبل أفضل .. وباتت الهجرة وترك الأوطان في ذهن الكثيرين من الشباب حاجة ضرورية للنجاة من دوامة الخوف وفقدان الأمل، وإن مشكلة الشباب لن تكون مع أوطانهم بل مع دولهم وحكوماتهم التي لا توفر لهم أياً من متطلبات العيش الكريم من عمل وتعليم وصحة وحريات وأمن أُسري ونفسي ومعنوي … الخ والاحتياجات الفسيولوجية الأخرى كالأكل والنوم ، وهي أمور يجدها الشباب في الدول التي يهاجرون إليها.
المشهد بات متحركاً لا ثوابت فيه وكل العبارات عن التمسك بالاوطان لم تعد تنفع، فهؤلاء الشباب حلموا بأوطان تمنحهم الأمان فلم يجدوا في أوطانهم غير الفقر والمرض والقهر وبات الهروب هو الحل … فعجز الفرد عن إشباع احتياجاته الأساسية سيولد القلق والاكتئاب والخوف من المستقبل.
فهنالك حالة من القهر الاقتصادي تتعرض لها الطبقات الفقيرة والمتوسطة في العالم العربي … حيث تتعرض الشعوب العربية حاليًا لضغوط معيشية كبيرة وإذلال اقتصادي شبه متعمد ، وفقر وعوز وقهر مادي وبطالة قل ما تتكرر في أي بقعة من بقع العالم ، فما ان تواجه أي حكومة تراجعاً في الإيرادات العامة وعجزاً في موازنة الدولة حتى تسارع إلى فرض الضرائب والرسوم والجمارك وخفض دعم السلع ورفع أسعار الخدمات بمعدلات قياسية ومضاعفة أسعار الوقود وبيع أصول الدولة.
في الاستطلاع الأخير لشبكة Arab Barometer (الباروميتر العربي) ٢٠٢٢ تبين أن أكثر من نصف سكان الوطن العربي ( ٥٢٪؜) يرغبون بالهجرة والخروج من بلدانهم لأسباب عديدة أهمها الواقع السياسي والعجز عن إحداث تغييرات وإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية … وهنالك أيضًا استطلاع رأي سابق لمعهد جالوب Gallup أشار فيه إلى أن ما نسبته ٤٦٪؜ من سكان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يفضلون الهجرة بشكل نهائي.
وفي أوائل تشرين نوفمبر ٢٠٢١ أظهر استطلاع للرأي قام به المعهد الجمهوري الدولي International republican Institute في الأردن عزم الكثيريين من فئة الشباب مغادرة البلاد من أجل ضمان مستقبلهم وتحسين ظروفهم المعيشية ، حيث أفاد الاستطلاع أن ما نسبة ٤٨٪؜ من الشباب الأردني يفكرون جدياً بالهجرة إلى الخارج.
واستطلاع المعهد الجمهوري الدولي الأخير في الأردن سبقه استطلاع للرأي أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الاردنية أظهر تقريباً نفس النسبة في رغبة الشباب الاردني بالهجرة، واحصائية البنك الدولي على موقعها الرسمي تُشير إلى أن العالم العربي يتصدر دول العالم التي تعاني من أزمة البطالة، فالعرب أصبحوا أمة مصدرة للبشر العاطلين والمُحبطين والجائعين.
والملفت للنظر في جميع الاستطلاعات التي أجريت داخل الوطن العربي بما فيها الاردن ان الراغبين في الهجرة أبدوا إستعداداً للسفر بدون أوراق رسمية.

نائب اردني سابق ...' رأي اليوم '

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012