أضف إلى المفضلة
الثلاثاء , 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
الثلاثاء , 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


إسرائيل .. الوجه ذاته!

بقلم : محمد حسن التل
04-11-2022 09:36 PM

من غير المفاجئ فوز المتطرفين الصهاينة بقيادة نتنياهو بانتخابات الكنيست الاسرائيلي، فالمجتمع الإسرائيلي بطبيعته مجتمع متطرف يحكمه المستوطنون وتتحكم بحركاته العنصرية، حتى الذين يصفون أنفسهم باليسار المعتدل هم صورة أخرى عن التطرف والإرهاب الاسرائيلي، فكلهم يلتقون على فكرة قتل الفلسطينيين واحتلال أرضهم وطردهم منها وعلى إيمانهم المطلق بسيادة إسرائيل على الآخرين.

منذ نشوء هذا الكيان ثوابته هي نفسها، فيجب الا يفاجأ أحد بما يحدث هناك على الساحة السياسية، فالاسرائيليون لا يؤمنون بالسلام الا السلام الذي يعطيهم كل ما يريدون دون أن يقدموا شيئا.

المرحلة القادمة ستكون إسرائيل بوجه أوضح في التعامل مع القضية الفلسطينية ولن يلعب القادة العائدون إلى الكنيست والحكومة لعبة المواربة، فنتنياهو ومن معهم لا يؤمن بالمطلق بحق الفلسطينين بأرضهم ومقدساتهم وحتى انهم لا يؤمنون بالسلطة الفلسطينية على ضعفها ومرضها، فهم واضحون في سياساتهم ومخططاتهم وهذا يجعل الفلسطينيين خصوصا من لم يثقوا يوما باسرائيل مقبلون لمرحلة جديدة من الصراع في الميدان، وستكون المقاومة أشرس وسيكون الصدام بين الطرفين أعنف من اي وقت مضى.

على المستوى السياسي في المنطقة، السؤال كيف سيكون موقف معسكر السلام في الوطن العربي؟ وماذا سيكون مصير التطبيع الذي كانت بدايته في عهد حكومة نتنياهو السابقة واعتبره جزءا من إنجازاته التاريخية. من المرجح أن ميزان العلاقة في هذا الجانب في المنطق الاسرائيلي في المرحلة القادمة سيكون مختلا وسيستأنف قطار التطبيع حركته نحو التطبيع العربي مع اسرائيل دون تقدمها قيد انملة على طريق حقوق الشعب الفلسطيني. وهذا يجعل السلام في المنطقة لا معنى له، حيث سيكون سلام حكومات لا سلام شعوب، والأخير هو السلام الذي كانت تسعى له القيادات الإسرائيلية التاريخية، حيث كانت مقتنعة ان السلام الذي يجب أن تمتلكه مع العرب سلام مع الشعوب وليس فقط مع الحكومات.

على المستوى الدولي، سيشكل فوز اليمين المتطرف في إسرائيل مشكلة للغرب وخصوصا الدول الأوروبية والولايات المتحدة، حيث اعتبرت إدارة الولايات المتحدة الجديدة بقيادة بايدن أن إزاحة نتنياهو عن الحكم في إسرائيل بداية طريق من الممكن أن يؤدي إلى انفراج في الصراع الاسرائيلي الفلسطيني، خصوصا ان بايدن ابطأ ولو بدرجة قليلة اندفاع القطار الأمريكي نحو إسرائيل الذي كان متهورا ابان حكم ترامب، وعمل على تقديم لابيد ومن معه بصورةربما تكون مقبولة، واعتقد ان هذه القيادة من الممكن أن تكون صانعة سلام مع الفلسطينيين خصوصا بعد اعلان لابيد الاقتناع بحل الدولتين، ولكن كل هذا الحراك السياسي كان بعيدا عما يدور في المجتمع الاسرائيلي وقيادات التطرف فيه حيث كانوا يطبخون طبختهم الخاصة بهم نحو العودة إلى الحكم وهؤلاء لا يكتفون فقط بحرمان الفلسطينيين من حقوقهم، بل في حقهم في الحياة، لذلك فإن صعودهم إلى سدة الحكم في تل أبيب سيجعل المقاومة تتصاعد والصراع يتعمق.

وبالعودة إلى العلاقات الأمريكية الإسرائيلية فإنها علاقة راسخة وثابتة بل 'مقدسة' عند الغالبية العظمة من القيادات الأمريكية في الحزبين الجمهوري والديمقراطي، ربما يظهر بعض التوتر في بداية حكومة نتنياهو ولكن في الحقيقة سينزل الأمريكيون عند رغباته كما جرت العادة مع كل القيادات الإسرائيلية السابقة، لأنه كما أشرت انهم يعتبرون الوقوف جانب إسرائيل واجبا مقدسا على الجانب العملي والروحي، الامر الذي جعل الموقف الأمريكي، انه لم يكن يوما الا منحازا إلى إسرائيل وسياساتها العدوانية.

اما بخصوص العلاقة الإسرائيلية الاوروبية، فإن الاوروبيين خصوصا في ظل صراعهم مع روسيا حول اوكرانيا، فلن يتغير ولن يتزحزح عن الخطابات والتصريحات والمجاملات التي لم تترجم على أرض الواقع بشيء، خصوصا بعد صعود اليمين المتطرف إلى سدة الحكم في عدد من دولها.

على مستوى العلاقة الأردنية مع إسرائيل، فنتنياهو ومعسكره صهاينة بامتياز ولن يغيروا نظرتهم التاريخية للاردن، ومشروعهم المشبوه بغض النظر ان هذا المشروع من الخرافات ومن المستحيل تحقيقه ولكنهم لا يفتؤون يعبرون عنه وهذا سيزيد حالة التوتر بين الطرفين وكذلك انزعاج نتنياهو الدائم من المواقف الأردنية المتشددة والثابته اتجاه حقوق الفلسطيين بالدولة والتحرير ..

المهم اننا اليوم لسنا أمام حالة جديدة من المواجهة في فلسطين، ولكن عودة للوضوح والصراحة في الصراع، فالعائدون إلى القيادة في إسرائيل مواقفهم واضحة وثابتة، لا حقوق للفلسطينين ولا دولة والقدس عاصمة أبدية للكيان الاسرائيلي ولا حوار مع السلطة الفلسطينية بعيدا عن اللعب على الألفاظ والتصريحات التي كان البعض سواء في السياسة الفلسطينية او على مستوى السياسة العربية يراهن عليها.
المقاومة الفلسطينية لن يتغير عليها شيء في المشهد الاسرائيلي، فالقيادات الإسرائيلية جميعها وبكل مشاريعها السياسية تلتقي على قتال هذه المقاومة ومحاولة القضاء عليها رغم اختلاف الظروف وتغير الوجوه واللعب على السياسات... وفي النهاية يبقى وجه إسرائيل ذاته، احتلال وقتل وتدمير وتشريد.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012