أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


كُرَة وكُرْهْ

بقلم : علي زعتري
26-11-2022 11:35 PM

الحكاية ليست رمانة بل قلوب مليانة، وليست الكرة بل الكُرْه، من الكراهية ومن عنجهية الإكراه.

لم أستطب الكتابة عن كأس العالم في قطر مع الزخم المتداول مدحاً وذماً، لكنني رأيتُ في الحدث ما يستحق الكتابة بعدما ظننتُ أنه لا يستحق لذبول اهتمامي بالكرة عموماً، لكني وجدت أن الاستحقاق له جذورٌ في صراعِ الحضارات وأساليب الإكراه، وأظن كأس العالم فارقةٌ بين وضعين ما قبل وبعد.

لا أدري لِمَ يريد الغرب المتحضر أن يُقحِمَ حقوق الإنسانً في اختيارهم في الغرب تحديداً أن تُطلقَ الرذيلة بأنواعها من كل عقالٍ، نحن نرى الرذيلة فهي عندنا كما عندهم لأنها إن شئت عُملةٌ عالمية تتواجد دون عناء لكنها عندنا كما في التوراة والإنجيل مقيدةٌ ومسجلةٌ فاحشة جريمةً، ونحن نرضى هذا الحكم وهم في الغرب الحاكم يرفضونه بل وينافق كثيرٌ من رؤساء الكنائس والحاخامات وبعض المتأسلمين بشأن الرذيلة لزوم 'أكل العيش'.

المهم أن الرذيلة في كأس العالم سُمِّيتْ بما تستحق و مُنِعَ الترويج لها، والغرب الألماني والدانماركي والسويدي والبريطاني على الأقل كمم أفواهه ولبس الشارات ترويجاً لها بل وهدد بالانسحاب، عالمٌ يقاوم الرذيلة وعالمٌ يروجها، حقوق إنسان كما يقولون عندما الجنس الرذيل هو الموضوع وتعمى العيون عن باقي الحقوق عندما المحقوق هم وربيبتهم الصهيونية، إذاً هما فِكرينِ تاقا للظهور علانيةً و بوضوح فكانت كأس العالم مسرحاً لهما، ولن يلتقيا الرذيلة رذالةٌ في الأخلاق لا نرضاها.

لكن الغربُ يدفع الرذيلة علينا بالإكراه، بالعنجهية البغيضة، بلغةِ الحرف والجسد الاستعمارية، إنه لن يُجبِرَ كلباً ببيتهِ أن يفعل ما لا يريد و يريدنا أن نفعل ما يريد، إنها النظرة الدونية التي تُغذي كل علاقاتهم بنا، يتفاجئ المعلق الفرنسي أن لديهم مساجد كثيرة في قطر!، فينبههُ زميله خوفاً من أن يطول لسانه، لهم، نحن، لم نصل حتى لمرحلة 'المتوحش الجميل' بل المتوحش القبيح، هكذا يروننا.

لذلك حسناً فعلت قطر، قصداً أم صدفةً في الدعوة للأخلاق والدين، وحسناً فعل الجمهور العربي الذي يرفض التطبيع حتى رسم الكآبة علي وجوه الإعلام الصهيوني، والنقطتين فارقتين كذلك.

لا يمكن مواجهة الرذيلة دون دعوة، الرذيلة الشاذة تحظى بدعمٍ غير محدود من الغرب علي كل مستويات الحكم و الإعلام و تكتسح كل مجتمعٍ، هي عندنا ليست اختياراً بل خطيئةً تجعل من محاربتها مقصداً للشريعة الإسلامية و المسيحية و للقانون و التربية و التوجيه المجتمعي و الإعلام، و للسياسيين يدٌ في ردع المطالبات بحريةِ الرذيلة عبر رفض اشتراطها في القروض و المعونات والهبات الغربية و عبر ترشيح الرذلاء لمناصب سياسية تمثيلية لبلادهم ببلادنا، قطر بكأس العالم شكلت حالةَ الرفض و وضحت أين نقف من الرذيلة، علينا المسير في الرفض و التوضيح لأن ما من بديل لهما.

ولقد صَوَّتَ العرب ضد التطبيع، في باحات الدوحة التي فتحت باباً للصهاينة الإعلاميين بحكم دُوَلِيةِ اللقاء الكروي، لكن العرب سدَّوا الباب.

قطعاً لن يؤثر هذا التصويت الشعبي في وقف التطبيع الرسمي لكنه فارقةٌ لأن عربياً التقى بصهيوني إعلامي يتوقع الترحيب فاتضحت له الصورة: إنهم يكرهونا!، قالوها لهم بوجوهم أن لا 'إسرائيل' وأنها عنصرية وفلسطين حرة ولنا، لذلك فليقل الرسميون العرب ما يريدون ترحيباً بالرذيل الصهيوني، أما العرب الصح فقد قالوا له لا ولن تفتح له أبواب قلوبهم.

ونعم، يثير الغرب لقطر قضايا حقوق العمال الذين شيدوا بناء الملاعب والبنية التحتية، وقد يكون هناك ما ينبغي توضيحه في المحاكم و بمنظمة العمل الدولية، لكن الغرب أراد استغلال سلة القضايا و خلطها و رميها بوجه قطر، ولست أدافع عن قطر فلها من يدفع عنها، لكنني أهاجم عنجهية وسواد نوايا الغرب الذي يرى فقط ما يريد و ليس ما نريد وما نرى.

هناك ما يستحق التحليل في كأس العالم، ليس الكرة وليس الكأس، بل الكره والإكراه، بل الحق والباطل، بل الشرق والغرب.

ali.alzatari@gmail.com


التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012