أضف إلى المفضلة
الإثنين , 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
الإثنين , 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


حسين بني هاني يكتب : علاقة الاردن مع إسرائيل .. الضرورة والمصالح

بقلم :
27-11-2022 06:31 AM

حسين بني هاني

من نكد السياسة بين دولة وأخرى ،أن تصبح علاقاتهما البينية غير مريحة ، واستمرارها ضرورة لا بد منها ، يكون فيها درء المشاكل أحياناً أولى من جلب المنافع ، ويزداد السوء فيها حين لا يأخذ بعض القائمين عليها (نتنياهو)، بعين الاعتبار المصالح المشتركة ، الأمر الذي يجعل الحديث عن ألحد الادنى من التفاهم ،لدينا نحن الاردنيون ، سؤالًا يثير فيضا من المشاعر السلبية والكثير من المواجع .

مابيننا وبينهم (أي إسرائيل )،هي علاقة بلغة السياسة ، وأحسبها بلغة الخرائط 'جيرة' يتوسطها ثنائية الحكمة والفكرة، حكمة ملكية اردنية ، تبحر وفق السياسة في دنيا المصالح ، وفكرة يغوص فيها نتنياهو وزمرته المتطرفة ،في وحل سوداء العقائد ، تنتج متاهة هي مثل الدواء ،طعمه مرٌ ولكنه ضرورة لا بد منها.

علاقة اصرّ ويصرّ نتنياهو ان يبقيها في غرفة الانعاش ، يحلو له ان يعزف فيها على وتر مشدود ، لحنه دومًا مثل لحن الرجوع الأخير ، بدأه دون تردد ، بمحاولة اغتيال خالد مشعل ، وختمها مبتهجا بجريمة السفارة الاسرائيلية في عمان.

شاهدناه يفعل هذا وهو يعلم ان ملعب السياسة العالمية ،تضيق فيه مساحات التطرف ، ويكسب فيه العقلاء ، ذاك هو أكثر ما يضيق به صدر نتنياهو من جلالة الملك ،يود لو انه يكون (اي الملك) أقل فطنة وحصافة في تناول العلاقة مع إسرائيل ،لكي يلوذ هو بزيف دعوته للسلام ،وآخرها سلامه الإبراهيمي.

ماسبق ، هو أقرب وصف لعلاقة الاردن مع إسرائيل ،خلال حكم نتنياهو ، وربما هذا ما ستكون عليه أيضا اذا ما احاط نفسه بأولئك المتطرفين ،الذين تشير تصريحاتهم المتعلقة بالقدس والأراضي المحتلة ، وحقوق ألشعب الفلسطينى ،بصعوبة الحفاظ على ألحد الادنى من العلاقة مع الاردن. عندما أذكر هذا في عالم السياسة الاسرائيلية ،فإنني أبدو كمن يشفق على نتنياهو من هؤلاء ،الذين انفلت عقالهم من كل ابجديات السياسة بين الدول ،بعد ان قدّم معظمهم مفردات العقيدة ، على مصالح ألدولة ، مما سيغرق علاقات نتنياهو ، فوق ما هو معروف عنه ،مع الاردن في وحل المتطرفين ، خاصةً وأنه (أي نتنياهو) يدرك تماما ان تحركه السياسي في هذه المساحة ،سيبقى محصورًا بين سلوك نظام سياسي معتدل عاقل ، يتعامل مع السياسة بمنطق المصالح ،ويمين منغلق على ذاته ، سيلحق الأذى بعلاقات إسرائيل مع ألعالم ،بعد ان حذّر زعماء اليهود في الولايات المتحدة نتنياهو ،من مغبة الخضوع لمطالبهم ،خاصةً غلاة المستوطنين في الكنيست والحكومة.

ساسة الاردن يعرفون نتنياهو ، مثل ما يعرفه المعارضون له في إسرائيل ،سياسي مراوغ ،تقول عنه الصحافة الاسرائيلية ،انه يُلبس الحق بالباطل ،كي يفلت من حكم القضاء ،الذي اوشك ان يدينه لولا ان شفعت له الانتخابات الأخيرة بالفوز على معارضيه ومتهميه . خبرة الاردن معه تقول ان وعوده وعهوده غير مقدسة ، وحوزته السياسية الجديدة موتورة ، تحسبهم جميعًا ،وقلوبهم شتى .

نتنياهو يعلم تماما ،ان جلالة الملك يدرك كل ما سبق ،وأنه حين يقرن الاقتصاد بالسياسة ،ويشدد على وجود الفلسطنيين كعنصر اساسي في مشاريع اقليمية محتملة ،كما قال مؤخراً ، إنما يريد ان يقول له ولمن معه من المتطرفين ،أن التفاهمات الاقتصادية الاردنيه الاسرائيلية ،لن تكون على حساب المصالح الفلسطينية ،حتى وإن توصل الطرفان لاتفاقية مقايضة الماء مقابل الكهرباء.

يعرف الاردن ان طريق العلاقات بين البلدين ،معبدٌ بالخلافات ،وأنه لن يكون سالكًا تمامًا او سهلا ،ولكنه يعرف أيضا ان أزمة نتنياهو هي مع شركائه الجدد،وازمته بسببهم ستكون مع ألعالم ،وانه هو (نتنياهو) المضطر للبحث عن قواسم مشتركة للابتعاد عن التصعيد ،في وقت يرسل فيه جلالة الملك ،رسائل واضحة للعالم ،تدل على إنفتاح الاردن على الجميع ،وتؤكد انه بلد يبحث عن الأصدقاء وحسن التعاون ،وكأني بجلالته يقذف الكرة في ملعب نتنياهو ،ذاك الذي خاض معه الاردن تجربة صعبة خلال سنوات حكمه الممتدة ،يحذره بان لا يراهن كثيرا على بناء علاقات مع الاردن ،على حساب مصالح ألشعب الفلسطيني ، خاصة حين دعا مؤخرا إلى العمل على تصنيفهم (اي الفلسطينيين)كشركاء أساسيين في المشاريع الإقليمية ،وهو الامر الذي يثير حنق نتنياهو وعصابته المتطرفة.

ربما يسأل البعض في ظل هذا السياق السلبي ،ما إذا بقي بعد هذا العرض اي مكان للتفاؤل ؟ واجيب بأنني أجد الأزمة اليوم ،هي أكثر عمقًا وأشد ضراوة ،عند نتنياهو مع اقرانه ،أولئك الذين سوف يقاسمونه السلطة ، أكثر مما ستكون عليه بين الاردن واسرائيل . أمًا من يريد ان يتشاءم فليتذكر بأن نتنياهو ومعه صفقة القرن لم تأخذ من عزم الاردن شيئًا.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012