أضف إلى المفضلة
الإثنين , 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
الإثنين , 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


في بطن الغول!!

بقلم : محمد حسن التل
05-01-2023 09:31 PM

يجب ألا نتفاجأ لما يحدث في القدس خاصة وعموم فلسطين لأن بن غفير مثل باقتحامه لحرمة المسجد الأقصى برنامج الحكومة الإسرائيلية، وهذا برنامج عابر للحكومات الإسرائيلية هناك منذ سقوط فلسطين في بطن الغول الإسرائيلي، سواء عام 1948 أو عام 1967، وهم ينفذون مفاصله بقضم الأرض ومحاولاتهم المستميتة بالسيطرة على كل المقدسات هناك، ينطلقون من فكرة عقائدية في أذهانهم معتبرين وجودهم في فلسطين وعد إلهي!!!

الفرق كبير بين الموقف الإسرائيلي والموقف العربي والإسلامي، فالإسرائيليون خطهم واضح وهم يسجلون كل يوم إنجازا على هذا الخط في وقت يسير فيه العرب والمسلمون باتجاه بعيد عن الواقع، ويسعون واهمين وراء السلام والتطبيع، والكثير منهم يسعى لتصفية القضية برمتها لأنه بات يرى فيها عبئا يجب التخلص منه.

استطاع اليهود أن يحققوا جريمتهم التي أسسوا لها عبر عقود طويلة من التخطيط والبناء نحو احتلال فلسطين وعلى رأسها القدس، والشيء المفجع أن تستطيع إسرائيل تحقيق الحلم اليهودي في السيطرة الكاملة على أرض فلسطين مدعومة بتواطؤ دولي لم يشهده التاريخ، حيث استطاع اليهود السيطرة على مفاصل القرار الدولي وتعدت هذه السيطرة إلى السيطرة على معظم مفاصل القرار في العالم العربي والإسلامي، وبالتالي مكنهم هذا الواقع من العمل بحرية لتحقيق أهدافهم.

الإسرائيليون يقاتلوننا بعقيدة يؤمنون بها، ويعتبرون تطبيقها على الأرض واجب ديني، ونحن عندما نتحدث عن فلسطين في عقيدة الإسلام نعتبر إرهابيين متخلفين متطرفين، لذلك وللأسف يواجههم العرب بدعوات للحوار والتطبيع وأقسى ما يقومون به بيانات الاستنكار، وحتى هذا أصبح كثير منهم يخجل منه ويحسب له الف حساب، لكن الواقع القائم على الأرض أن الأمة بشعوبها المتعددة ترفض الاعتراف بالهزيمة وترفض وجود إسرائيل من الأساس، مما جعل بينها وبين النظام الرسمي هوة كبيرة واختلاف واسع في النظر إلى القضية الفلسطينية، وهذا ما كانت تدركه القيادات الإسرائيلية التاريخية التي كانت تصر بمحاولاتها المستميتة على إيجاد سلام مع الشعوب لأنها كانت تدرك أن الأنظمة لا تمتلك فرض السلام على شعوبها وتدرك تماما الفجوة بينها وبين شعوبها، على الأقل في الملف الفلسطيني، وقد فشلت في ذلك، لأن شعوبنا أيضا تدرك تماما أن فلسطين جزء أساسي من عقيدتها، وتحريرها واجب بل فرض على كل عربي ومسلم، لكن القيادات الإسرائيلية الجديدة أخذت اتجاها بائسا في محاولاتها القفز على موقف الشعوب وتحاول تحقيق السلام المزعوم أو التطبيع المرفوض مع الحكومات، وهي ان استطاعت أن تحرز تقدما في هذا السياق، فإنها أيضا هي تدرك أن سلام الحكومات يبقى ناقصا ومهزوزا ما دام مرفوضا من الناس، وإن استطاعت إسرائيل تحقيق هدفها في السلام مقابل السلام فقط دون أن تتنازل عن شبر من الأرض أو تتراجع أهدافها في المنطقة.

في العقل الصهيوني، ليس فلسطين فقط، وهذا معلن في أدبياتهم ولا يخفوه، ولكن نحن من نتغاضى عنه، فعندما تجتاح المنطقة العربية اقتصاديا فإنها بذلك تقبض على الرقاب وتصبح الأمور كلها بيدها، وهذا ما يعرف بمفهوم الشرق الأوسط الجديد الذي سيكون بزعامة إسرائيل، لذلك كله، الوقوف اليوم إلى جانب الشعب الفلسطيني في مواجهته مع إسرائيل على الأرض ليس واجبا فقط باتجاه أشقاء، بل هو فرض في العقيدة الدينية وكذلك القومية، وهو نوع من الدفاع عن أنفسنا أمام الغول الإسرائيلي.

نحن في الأردن شاء القدر أن نكون في المواجهة على خط التماس مرتبطين بفلسطين دما ومصيرا، ولأن العين الإسرائيلية ما غابت أبدا عن الأردن حيث يسعى الصهاينة في خرافاتهم لأن يكون الحل على حساب الأردن، لذا يشكل الأردن اليوم القلعة المحصنة في مواجهتهم، وهو بالفعل يحشرهم في الزاوية كثيرا على المستوى الدولي بقوة وصدقية سياسته، لذلك نراهم يهاجمون الأردن بضراوة وشراسة، وأحد أسباب هجومهم المستمر على القدس محاولتهم إرسال رسائل للأردن تحت عنوان ' لمن يهمه الأمر'، وذلك لتمسك الأردن وقتاله على كل المنابر العالمية والدولية وضغطه الشديد للحفاظ على الوضع القائم والتاريخي في القدس. ثم إننا في الأردن نعتبر قيام الدولة الفلسطينية مصلحة وطنية أردنية، إضافة إلى حق الأشقاء الفلسطينيين بذلك. العرب ومعهم المسلمون اليوم مدعوون إلى وقفة جدية حقيقية بعيدا عن الحسابات الصغيرة اتجاه فلسطين في المواجهة مع المتطرفين الذين يتحكمون في السياسة الإسرائيلية، ويهدفون الى تحقيق خرافاتهم على الأرض، ولا بد أن يكون دعمهم للأردن في المواجهة من اجل الحفاظ على القدس والحقوق الفلسطينية دعما حقيقيا بعيدا عن الحساسيات والمجاملات التي لا تفيد، وتضع الجميع في بطن الغول الإسرائيلي... يومها لن يبقى شيء نتخاصم عليه.


التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012