أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


عمان و"شقيقتها " الجديدة !

بقلم : أحمد ذيبان
16-01-2023 10:58 AM

الذين عايشوا مراحل نمو العاصمة عمان ، التي بدأت بأحياء ومتاجر محدودة تحيط بسيل عمان ، يذكرون أن حدودها الغربية حتى مطلع السبعينات ،كانت منطقة الدوار الثالث والمدينة الرياضية ، وعمان الشرقية كانت الاشرفية وجبل التاج وماركا ، أما المناطق المحيطة بها فكانت عبارة عن قرى صغيرة ومساكن متناثرة . ، وأذكرشخصيا أن أول زيارة لي الى عمان كانت في السبعينات ، لشراء جريدة لقراءة اسمي في قوائم الناجحين في التوجيهي ، حيث كانت الصحف تنشر أسماءهم وتذاع أيضا في الإذاعة .وحينذاك كانت وجهتي الى جريدة الرأي وهي الأقرب، وكانت تبدو بعيدة عن وسط البلد ، بينما كان مقر جريدة الدستور في جبل عمان كما أظن .
وبين السبعينات وحتى الألفين تضخمت عمان واتسعت بصورة مهولة ، وتبلغ مساحتها اليوم نحو 1680 كم² مربع ، فيما يزيد عدد سكانها عن أربعة ملايين نسمة ، ولا بد من التأكيد أن سوء التخطيط وتجارة الاراضي، هي التي أوصلت عمان الى حالة الانفجار السكاني والضغط الهائل على الخدمات والاختناقات المرورية ، وأصبحت أي عملية إصلاح تبدو صعبة مع تدفق أعداد هائلة من السكان من الاطراف والقرى والمدن البعيدة ، التي تفتقر هي الأخرى الى خدمات ونسبة الفقر فيها مرتفعة ، وتبدو طاردة للكفاءات والأيدي العاملة التي تتجه الى عمان ،بحثا عن فرص عمل وخدمات أفضل.
ولأن عمان هي مركز القرار السياسي ومقر الحكومة والبرلمان ، فذلك يشكل عنصرا حافزا إضافيا للوصول اليها ، حتى الكثير من النواب عندما ينتخبون من قبل قواعدهم في المدن والمناطق البعيدة عن عمان، يسكنون في العاصمة ويزورون مناطقهم في المناسبات أو بشكل اسبوعي ، وأذكر أنه في عام 1989 عندما أجريت أول انتخابات برلمانية عامة بعد انقطاع استمر اكثر من عقدين ، حضرت مناظرة انتخابية في مدينة السلط ، وتحدث أحد المرشحين في حينة وقال عبارة شهيرة صار يرددها الكثيرون فيما بعد : 'إذا أوصلتموني الى عمان سأفعل كذا .. وكذا ' ، بمعنى أن الوصول الى عمان هدف للطامحين لتولي المراكز السياسية ، سواء كانت حقائب وزارية أو أعضاء في السلطة التشريعية أو وظائف عليا في الدولية .
ومن يشاهد عمان اليوم من الجو ، لا يصدق أنها تضخمت بسرعة جنونية خلال ثلاثة عقود ولا تزال تتوسع يوما بعد آخر ، وأنا شخصيا أسكن في منطقة كانت في منتصف تسعينات القرن الماضي أراضي زراعية ، يسكنها عدد صغير جدا من أصحاب تلك الاراضي، لكنها اليوم ازدحمت وأصبحت متخمة بالعمارات السكنية وهجمت عليها شركات العقارات ، تشتري وتبني وتبيع بالديون من خلال البنوك التي تستنزف مدخرات ودخول من يحتاجون الى مأوى.
وقبل أيام أعلنت الحكومة قرار إنشاء 'مدينة جديدة ' قرب العاصمة على مراحل قد تستغرق عشرات السنين ، تتطلب ضخ مليارات الدنانير فيها لم يعرف بعد كيف سيتم توفيرها ، وهو مشرروع سبق ان روجت له حكومة سابقة ، ورغم الصورة الجميلة التي تم رسمها للمدينة الجديدة لجهة التخطيط المسبق لها، وتصنيفها ك'مدينة ذكية'، الهدف منها تخفيف الضغط عن عمان يصعب التكهن بنسبة نجاح الفكرة ، وينبغي الحذر من تحولها الى رافعة لتجارة الاراضي في الموقع الجديد ، وتحولها الى عمان أخرى يهاجر اليها أعداد كبيرة أخرى من المدن والاطراف، بدل التركيز على تنمية تلك المناطق !
theban100@gmail.com

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012