أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


كيف نفرط بمئة عام من الانجاز والبناء بهذه الخفة وبلادة الاحساس ؟

بقلم : باسل العكور
27-01-2023 12:07 AM

لطالما كانت مدينة البتراء الخالدة مصدر الهام للاردنيين جميعا ، فقبل عقود من الزمن حفر ابناء هذه الارض المباركة في الصخر -بقلب الصحراء القاحلة – مدينة لهم في محيط يعج بالقوى الكبرى الساعية للتوسع والسلطة والهيمنة .

في البدايات ، لم تمنع عظم التحديات و جسامة التضحيات هذا الشعب_العظيم من المباشرة ببناء دولة حديثة ، لم تمنعهم من الحلم ،من تذليل كل العقبات سعيا لبناء كيانهم السياسي الذي كانوا يريدونه ان يكون مختلفا و متمايزا ، يريدونه واحة امن و استقرار وازدهار و معرفة و حرية، و ملاذا للباحثين عن وطن ، حتى ان هذا الهدف تحول لدى رجالات الدولة آنذاك الى عقيدة راسخة .. الفشل لم يكن خيارا ،التقاعس والاستسلام والتردد و الخوف لم يكن مقبولا ، فتحول المجتمع برمته الى خلية عمل و بناء و انجاز ، حتى بتنا نملك جهاز ادارة عامة نباهي به الدنيا ، حتى بتنا نملك مؤسسات مدنية و امنية تعمل بمنتهى التنظيم والتناغم والدقة والحرفية والفاعلية ، كان الاردن بقلب ووجدان كل القانطين بهذه البقعة الجغرافية ، فكانت المشاعر الوطنية طاغية الى درجة يمكن تشبيهها بالعدوى التي اصابت الجميع دون استثناء ..فما الذي حل بنا اليوم ؟ و ما الذي تغير ؟ و كيف فرطنا بهذه السهولة والخفة و بلادة_الاحساس بمئة عام من البناء و المجاهدة و المجالدة ؟ كيف خسرنا تلك الروحية وبتنا على حافة الافلاس العقدي و القيمي والمادي ؟

بات واضحا ان المطلوب هو ان تفشل تجربتنا ،ان يتبدد الحلم ، ان يكبح طموح المخلصين بدولة عصرية ديمقراطية ناجحة بكل المعايير ، فليس مقبولا ان ينجح مشروع دولة للارادنة ، لن يقبل الراغبون باشاعة الفوضى وخلط الاوراق واعادة رسم حاضر ومستقبل المنطقة ، ان يملك ابناء هذه الارض الطيبة مقومات دولة ناجزة رغم محدودية الموارد والثروات الطبيعية ؟

مشاركون كثر في هذه المؤامرة ، فلقد تغلغل المفرطون الذين يعملون بتوجيه خارجي في مختلف وزارات و دوائر ومؤسسات الدولة ، و انشغلوا بمنتهى الدهاء والمكر بوأد المنجز ، و عملوا على تفكيك البنى المؤسسية ، واقصاء المخلصين من اصحاب الكفاءة والانتماء الوطني ، لقد قام هؤلاء بتبني مرجع معياري غير ذلك الذي تقوم عليه المؤسسات وتقوى ، فلقد باتت الفهلوة والوساطة والتوصية الامنية و الاندلاق اساسا لترقية وترفيع الموظفين الامر الذي تسبب بطرد الكفاءات، و وضع الاشخاص غير المؤهلين في مراكز مهمة وحساسة، وهذا ما ادى لتراجع الحس الوطني في المؤسسات و تسبب بتراجع دراماتيكي في الاداء والخدمة التي تقدم ..،هذه الممارسة الشائهة باتت شائعة في جميع المؤسسات التربوية و التعليمية والصحية والخدماتية بانواعها ،حتى شاخت المؤسسات وتآكلت ادواتها وانعدمت فاعليتها . لقد خسرنا تماما ذلك المحرك وتلك الرافعة ، فما الذي تبقى اذا ؟

ما الذي يراد لنا ؟ و السؤال الاهم : لماذا يشارك ابناء جلدتنا في اسكات الاصوات التي تؤشر على هذا المخطط ،و تفضح مشروعهم الذين يريدون له ان ينشأ على انقاض دولتنا وحلمنا ؟ هل يظن هؤلاء – المنتشرون في مختلف دوائر صناعة القرار وفي مختلف السلطات – ان ما يحققونه من مكتسبات انية سيضمن مستقبلا مشرقا لهم و لابنائهم ؟ ولهؤلاء نقول : ما فائدة كل هذه المكتسبات عندما نصبح بلا وطن ، بلا وطن نحبه و ننتمي اليه ، يعبر عنا ويحمي مصالحنا وحقوقنا و نشعر بانه سكننا وملاذنا و مجالنا الحيوي ، ارجو ان تسألوا انفسكم : ما الذي ستتركونه للاجيال القادمة ؟ط

جو 24

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012