أضف إلى المفضلة
الإثنين , 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
الإثنين , 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


إنسانية سورية ليست مشروطة

بقلم : محمود الخطاطبة
09-02-2023 06:34 AM

كان وما يزال، ويبدو أنه سيبقى، أبناء جلدتنا يتغنون بـ”إنسانية” الغرب، وما يبذل من جهود حقيقية في الحفاظ على حقوق الإنسان، ومُدافعته عن هاتين الصفتين، مُستغلًا دعاية، وصل عنانها إلى كُل بقاع الأرض، على الرغم مما فيها من كذب وخداع، والكيل بمكاييل كثيرة.

ما يدل على “ازدواجية” المعايير الإنسانية لدى الغرب، تلك التصريحات والأفعال التي صدرت بُعيد المأساة التي وقعت في سورية وتركيا، يوم الاثنين الماضي، جراء زلزال ضرب مناطق في هاتين الدولتين.. أفعال أماطت اللثام عن “كذب” أولئك الذين يدعون بأنهم “حمامة سلام”، ويصدحون بأعالي أصواتهم ليلًا نهارًا، بأنهم حُماة “الإنسانية”، ويضعونها على سلم أولوياتهم، وتراها في كُل كتاباتهم ومُحاضراتهم ولقاءاتهم وندواتهم، في مُختلف المحافل الإقليمية والدولية.

ما حدث من مُعاناة وخسائر بالأرواح والمُمتلكات في تركيا، حصل مثله تمامًا في سورية، التي تُعاني مرتين إثر الأوضاع غير الإنسانية التي تمر بها، بفعل فاعل ومُشاركة الكثير.. لا بل قد يكون، وهو كذلك، بأن الوضع في سورية جراء ذلك الزلزال أكثر مأساوية ومُعاناة.

سورية.. مهد الحضارات، وفيها أقدم عاصمة في التاريخ (دمشق)، وأقدم مدينة عرفها العالم (حلب)، تُعاني مرتين، الأولى إثر كارثة طبيعية تسبب فيها زلزال أتى على الكثير من الأرواح والمباني والزرع، والثانية تمثلت بإدارة الغرب على وجه الخصوص، ظهره لها، غير مُكترث بما أصاب الشعب السوري، الذي لطالما قدم للعالم أجمع الكثير، وعلمهم وأخبرهم عن أبجديات الإنسانية.

سورية، تحتاج أكثر من تركيا، التي تُعاني أيضًا بسب الزلزال، إلى الكثير من المساعدات، أكانت مادية أم عينية، فضلًا عن فرق إنقاذ، مُدربة بأفضل الوسائل الحديثة، على عمليات الإنقاذ في مثل هذه الظروف.

للأسف، بل الحمدلله كثيرًا، بأن الكارثة الطبيعية تلك، أظهرت أو كشفت عن الوجه الحقيقي للغرب، الذي كُنا كعرب نتغنى بأنه يهتم بالحيوان ويُحافظ على روحه وصحته.. فها هو الاتحاد الأوروبي يضع أكثر من 30 طاقمًا، مهامه تتنوع ما بين بحث وإنقاذ وإسعاف، على أهبة الاستعداد تمهيدًا لإرسالها بشكل عاجل إلى تركيا فقط، مؤكدًا وصول 11 منها إلى المناطق المنكوبة في هذا البلد، والباقي سيصل خلال أيام، بُغية التعامل مع تبعات الزلزال.

دول الاتحاد الأوروبي، لم يرمش لها جفن وهي تكيل بمكالين، إذ وفرت فرق مُساعدة تشمل 1200 رجل دفاع مدني، في حين كانت تُعاقب الشعب السوري، الذي يئن أنين الموت، بحجة أن سورية وضعها “مختلف”.. تلك حُجة أقل ما يقال عنها بأنها تدل على “قذارة”، لا تمت إلى “الإنسانية” بأي صلة.

دول الاتحاد الأوروبي، التي تُفاخر العالم وتتباهى بأنها أول من أوجد مقولة “الرفق بالحيوان”، وتؤكد بأنها من أساسيات أبجدياتها الحياتية، تبخل على سورية، مركز بلاد الشام، بكلاب مُدربة تُشارك في عمليات البحث والإنقاد، بينما تبعث بـ70 من تلك الكلاب إلى تركيا.

الاتحاد الأوروبي يُجاهر بأنه لا يعترف بشرعية الرئيس السوري، بشار الأسد، لكنه نسي أو بمعنى أدق تناسى بأن هُناك شعبا جائعا إلى كُل شيء، بحاجة إلى مُساعدة كفلتها القوانين والأعراف السماوية والدولية.. الاتحاد الأوروبي أغمض عينيه عن أنه كان من الأسباب الرئيسة التي صار الوضع إليها في سورية.

(الغد)


التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012