أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


من حزيران الى حزيران 45 حزيران

بقلم : الدكتور محمد علي صالح الرحاحله
05-06-2012 10:00 AM

في ذلك اليوم وكان يوم الاثنين الخامس من حزيران، و في صبيحة ذلك اليوم انطلقت الطائرات تدمر المطارات و الطائرات و الدبابات وفاصبحت المطارات العربية اثر بعد عين، خرابا تنتشر بها بقايا الطائرات الحربية العربية، و انطلقت الاذاعات العربية تهلل و تكبر ها نحن دخلنا جبل المكبر و ها نحن نحرر فلسطين و تدعو السمك ان يتجوع، و في ضحى ذلك اليوم صفقنا للطائرات التي تضربنا و هي عائدة من مهمتها في تدمير مطارات العرب، و نحن نظن انها طائرات عربية، و هكذا صحونا على انفسنا و قد احتلت القدس و الضفة الغربية و الجولان و سيناء، و أستشهد السلام في وطن السلام و سقط العدل على المداخل حين هوت مدينة القدس و قلنا هذه النكسة. و مر هذه الهزيمة الا انه كانت بطولات فردية و جماعية و اقام لهم العدو نصبا تخليدا لبطولتهم يذكر اسمائهم من عاشوا تلك الفترة، و اطلقت اسمائهم على الشوراع في العواصم العربية، و هنا ادعو المسؤولين في المدن العربية وضع لوحة عند بداية كل شارع يحمل اسم شهيد يكتب عليها لمحة عن ذلك الشهيد.
نعم صحونا في ذلك اليوم و قد ضاع ما ضاع و انطلقت القلوب قبل الحناجر من المحيط الهادر َ إلى الخليـج الثائر تهتف لبيك يا فلسطين، لبيك يا قدس، النصر قادم، الان الان وليس غدا اجراس العوده فلتقرع، نحن لا ننساكِ فلسطين لن ننساك يا قدس، الغضب الساطع آتٍ آتٍ الغضب الساطع آتٍ سنمر على على الأحزان، و سيهزم وجه القوة، وسيهزم وجه و ستمحو يا نهر الأردن أثار القدم الهمجية، أخي جاوز الظالمون المدى فحق الجهاد وحق الفدى أنتركهم يغصبون العروبة مجـــــــد الأبوة والسؤددا وليسوا بغير صليل السيوف يجيبون صوتا لنا أو صدا.
و ما هي الا اشهر حتى بدءت المرحلة الجديدة مرحلة النهوض و الثأر و الانتصار فجرد العرب الحســام من غمده فليس لـــه بعــد أن يغمدا، فكانت معركة الكرامة و كانت معارك القناة و معارك الاستنزاف و غيرها من المعارك داخل فلسطين و على الحدود و اسقطت الطائرات التي دمرت طائراتنا و جيوشنا و جلبت دبابات العدو المدمرة الى عمان، و انتقل الشهيد تلو الشهيد من الشباب العربي الذي لبى النداء الى عالم الخلود و الحياة الابدية و هاهي جيوش العرب التي انهزمت في ست ساعات تخوض المعارك بشكل يومي على مدى سنوات، و هاهم العرب يسطرون ملحمة تلو ملحمة من ملاحم العز و الشرف.
و هاهي حرب رمضان المجيد التي دكت فيها جيوش العرب الحصون و فر جنود الجيش الذي لا يقهر، و هرعت جيوس العرب من كل جدب و صوب و في اقل من ساعتان من انطلق اول اول دبابة اردنية من مهجعها كانت في قلب المعركة تطاول العدو و في اقل من اربعة و عشرين ساعة كانت القوات العراقية التي انطلقت من معسكراتها ملتحمة مع العدو و اختلط الدم بغض النظر عن البلد الذي كان يسكن به صاحبه فهذا الدم دم عربي لا يمكن القول عنه الا انه دم عربي نقى طاهر، و توحد العرب من المحيط الى الخليج و اصبحوا على قلب رجل واحد، و شلت الحركة في العالم بعد ان زج العرب بسلاح البترول في المعركة، و استمرت الحروب سجال و العرب من نصر الى نصر، جاءت الايام التي هددت صواريخ العرب العمق الاسرائيلي و دخل من كانوا يتنزهون في اوقات الحروب الى الملاجئ و بكوا خيبة املهم كما فعلنا في حزيران الاول.

و ها انت تعود يا حزيران و قد نحر العرب العراق و تخلوا عنه و تركوه للذئاب، و نرى من جاء من خلال الانتخابات جلس على الكرسي و جعل له ارجل حديدية مثبتة بالارض لا يقوى احد على زحزحته و باسم الديمقراطية اخرجوا الاخر و سيطروا على الكل وتمترسون تحت اسماء مختلفة على كراسي الحكم و فرض ارائهم الدينية على الاخريين، و يرفضون الذهاب و الاحتكام الى صندوق الانتجابات التي جاء بهم. و قدم العرب ليبيا على صينية ذهبية للاستعمار و حيدوا مصر و اوقفوا اقتصادها و اصبحوا يريدون الديمقراطية و لكن من يطالبون بها ويرفضون الراي الاخر و يقمعون و يغيبون الاخر و يطلبون العدل و احترام القضاء و في الوقت نفسه يرفضون قراراته و عدالته، يطالبون بشئ و اذا لم يكن على اهوائهم يرفضون، و سيكررون ما قام به الاخرون ممن جاءوا الى كراسي الحكم بالانتخابات النزيه التي شهد العالم بنزاهتها، و هاهم بنى العرب يحاولون تقديم سوريا ضحية على مذابح الاستعمار و بعدها لا نعرف الدور القادم على اي دولة عربية. و نتفاخر عامة و بعض النحب باننا نمر بربيع عربي، اي ربيع و بلادنا العربية اصبحت قواعد للاستعمار و مرتعا للاستعمار و مصاصي دماء الشعوب و صناع الجوع، بعد ان كان العرب زعماء الكتل العالمية مثل دول عدم الانحياز و دول العالم الاسلامي، و لنا دور و راي في ما يحدث في العالم في ذلك الوقت، اي ربيع هذا و قد تضاعفت اعداد الفقراء و الجياع في العالم العربي بضع مرات عما كانوا عليه في حزيران الاول، ان لم يكون عشرات المرات. و اصبحت العدو يبكي على وضعنا قبل الصديق.
و ياتي حزيران، حزيرانا ليس كسوابقه من الحزيرانات، بعد ان كنا نقول بلاد العرب اوطاني اصبحنا ندافع عن الاحياء و الحارات و حتى العمارات و نسير نتفاخر باننا ابناء الشارع الفلاني و حتى العمارة العلانية و في رواية اخرى صرنا نتفاخر بالشقق داخل العمارة الواحدة، هذه حالتنا بعد خمس و اربعين حزيران و ما وصلت بنا التجزئة و التفتت و الانانية.

فقد نسينا النشيد الذي كان اول كلامنا و نحن اطفال بلادُ العُربِ أوطاني منَ الشّـامِ لبغدانِ ومن نجدٍ إلى يَمَـنٍ إلى مِصـرَ فتطوانِ فـلا حـدٌّ يباعدُنا ولا ديـنٌ يفـرّقنا لسان الضَّادِ يجمعُنا بغـسَّانٍ وعـدنانِ، و اصبحنا نعني و ننشد اناشيد الاحياء و الحارات و نقول حارتنا احمل الحارات و الحب و الولاء لحارتنا و هكذا، و اصبحت كلمة الوطن العربي و القومية العربية نادرة الاستعمال الا توجد الا في الكتب القديمة، و ظهر بدلا منها الشرق اوسط و المغرب و شمال افريقيا و الخليج و غيرها من المسميات، حتى جامعة الدول العربية صارت جامعة تسليم الدول العربية للاستعمار الحديث. و لسان العرب اصبح من الالسنة المهددة بالانقاض كما تقول الايونيسكوا وظهرت الشاشات التي تنطق باللهجات العامية التي اضحى النطق بالعامية تعبيرا عن الانتماء و الوطنية، و كاد يقال عمن ينطلق به خارج التاريخ، و اصبح الدين الواحد يفرقنا بعد ان كان يجمعنا، فهذا ينتمي الى الفئة الدينية هذه و ذاك لتلك و هكذا اصبحت الجوامع و المساجد تقسم بين الطوائف و النحل من الدين الواحد، و صار من الشائع ان يقول لك اي شخص انني لا اصلي في الجامع الفلاني لان الامام فيه ينتمي الى الفئة العلانية، و اصبحت الوطنية الجلوس في الشوارع في الاعتصامات او توقيف حركة الاقتصاد من خلال اثارت الفوضى في الشوارع و مراكز المدن العربية و اصبحت جيوش العرب ممنوعه من التحرك في بلادها لابل لا يمكنها الدخول الى معسكراتها الا باذن من القطب الفلاني و اتفاق علان مع فلان. و اصبحت الفوضي ديمقراطية و حرية.
اجل تاتي يا حزيران و اراضي فلسطين تنهش دونما بعد دونم و اصبحت نسب من احتلوا الاراضي العربية في حزيران كبيرة و عن قريب ستصبح تناهز اعدادهم اعداد بني العرب فيها، فبعد ان كان العرب القنبلة السكانية هم اصبحوا تلك القنبلة في الاراضي التي احتلت في حزيران الاول. اجل تاتي يا حزيران و نتمنى ان تكون كحزيران الاول و ان نعود الى تلك الايام التي خرجنا منك يا حزيران عام 1967.



rahahlehm@yahoo.com

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
05-06-2012 07:29 PM

مقال رائع و موجع جدا.

2) تعليق بواسطة :
06-06-2012 07:05 AM

يا دكتور رحاحلة لم يتذكر احد بالحديث عن حزيران سواك لإعتقادي

بأن النكسة اصبحت عيدا وطنيا هل به الربيع ويحتفل به الجميع !!!

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012