أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


ماذا لو عاد الشهداء؟!

بقلم : أحمد ذيبان
12-03-2023 11:40 PM

هذا سؤال افتراضي لا يمكن أن يتحقق، لأنه يتعلق بحقيقة مطلقة وهي استحالة العودة إلى الحياة مجددا بعد الموت، لكنه خطر في بالي عندما قرأت الأخبار المتعلقة بالمواجهات، التي وقعت بين أنصار حركتي حماس وفتح في مدينة نابلس يوم الاربعاء الماضي، خلال تشييع جثمان الشهيد الفلسطيني “عبد الفتاح خروشة”، الذي قضى في المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال في مخيم جنين قبل ذلك بيوم.
مياه غزيرة مرت تحت الجسور الفلسطينية خلال اكثر من 16 عاما، من عمر الانقسام الفصائلي الفلسطيني المزمن، وعجزت مبادرات واتفاقات كثيرة عن حل عقدته ! دون أن يتعلم رموز الانقسام درسا من الشباب، الذين يواجهون الاحتلال بصدورهم ويضحون بأرواحهم دفاعا عن شعبهم وحقه في التحرر والاستقلال، ووصل جنون التعصب عند أطراف الانقسام الى درجة التنازع على جثمان أحد الشهداء، وهو تصرف مخجل يتناقض مع كل الشعارات التي ترفع ضد الاحتلال!!
هذه الحادثة أعادت الى ذاكرتي قصة الكاتب الجزائري الطاهر وطار “الشهداء يعودون هذا الأسبوع”، التي صدرت عام 1984،ويمكن استنساخ مضامينها وإسقاطها على الواقع في عديد الأقطار العربية وبضمنها الساحة الفلسطينية.

فالقصة وإن كانت تتعلق بما جرى في الجزائر بعد الاستقلال والتحرر من الاستعمار الفرنسي، لكنها فيما حملته من رسائل تمزج بين الخيال والواقع،غير بعيدة عما جرى ويجري في عالمنا العربي، وهي تطرح سؤالا جوهريا يستحيل أن يتحقق لكنه افتراضي، يحاول الكاتب من خلاله تعرية الواقع الذي آلت إليه الأمور بعد الاستقلال، لكن المفارقة أنه في الحالة الفلسطينية لم يتم التحرر بعد، ولا يزال الشعب الفلسطيني يخضع للاحتلال الاستيطاني الصهيوني ويقدم التضحيات بلا حدود، ومع ذلك تسعى النخب السياسية الى حصد الامتيازات والمكاسب، وتتصارع الفصائل على دماء الشهداء !
يطرح عنوان قصة وطار سؤالا مفاده : ماذا لو عاد الشهداء ؟ الذين ضحوا بأرواحهم بإخلاص وطواعية دفاعا عن وطنهم وشعبهم، وهم يجاهدون ضد الاحتلال الفرنسي، فوقفوا على ما يجري اليوم من معارك بين الأحفاد، في سباق محموم لحفر خنادق الانقسام وصناعة الضغائن، فهل سيكونون راضين عن الوضع الحالي، أم أنهم سيندمون على تضحياتهم ؟!
خلال مراسم تشييع الشهيد ” خروشة”، حدث صدام بين عناصر فتح وحماس، وكل طرف أطلق هتافات مناهضة للطرف الثاني.. وانتهى المشهد بإصدار كل طرف تصريح صحفي يتهم الأخر، فحماس قالت في بيانها : إنّ ” قيام أجهزة السلطة في نابلس بقمع مسيرة تشييع الشهيد القسّامي المجاهد عبد الفتاح حسين خروشة، يُضاف إلى سجلها الأسود في القمع والتنكيل بشعبنا ورموزه الوطنية، وانتهاك صارخ لقيمنا الوطنية والدينية”.
أما حركة فتح فقالت في بيانها : إن سلوك حماس إساءة لدماء وكرامة الشهداء،وهناك منظومةً كاملةً تسعى إلى خلق الفتنة في الصف الوطنيّ.. فعند وصول الجنازة إلى شارع المنتزهات قامت مجموعة من المشاركين في التشييع، بالاستيلاء على جثمان الشهيد وإخراجه من مركبة الإسعاف، مما اضطر القوى الأمنية إلى التدخل بالقوة المحدودة لضبط الحالة وإعادة جثمان الشهيد إلى مركبة الاسعاف، وإبعاد هؤلاء الغرباء والمحرضين”.
هل يعقل هذا ؟ وماذا لو عاد الشهداء وشاهدوا ما يحدث؟! حيث يتصدر الانتهازيين المشهد ويكرسون وقتهم وجهودهم لتقاسم المكاسب والامتيازات، كما تخيل الطاهر وطار في قصته ! هل سيندم الشهداء على التضحية بأرواحهم ويسرعون بالعودة إلى أحضان العالم الآخر؟!
theban100@gmail.com
صحفي وكاتب أردني
'رأي اليوم '

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012