أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


دربُ السماءِ ما عادت طويلة

بقلم : ريم الشيّاب
07-06-2012 09:34 AM
غادرت منزلها ووقعت على عجل في دفتر الوداع... لتُصنف بعدها كضيفة ...ما نزلت من عينها دمعة واحدة فقد كانت في قمّة سعادتها... دخلت عش الزوجية ...
مسحت دموع أمها... ورأت الدمعة سابحة في عيني والدها... ما علمت بأن وراء دموعهم يخفي الكون حنينه ... ما أيقنت بأن ما تحت جناحهم هو المكان الأكثر أمنا... ما علمت بأن تاجها كملكة سيتلاشى بمجرد خروجها من محيط حبّهم...
أخذتها الحياة وأعادتها مرارا... ليوم علمت فيه بأن قنديلا ما سينير حياتها ينبض في أحشائها... كادت تقبل فم السماء من شدّة الفرح... كذلك هو فقد بعثر شئ ما فيه غريزة الأبوة ...
وبشغف استثنائي وبحب اللامعروف... اشتريا وجهزا وانتظرا طفلا سيكون بكاءه إعلانا لبدء حياتهما الجديدة...
في كلّ يوم يتفقدون ملابسه... ما ملّت هي من إخراجها من الخزانة والنظر إليها وإعادة طيّها من جديد... وما ملّ هو من تخيُل شكله ورسم ملامحه...
هكذا إلى أن أطلق أوّل 'مكاغاة' له فطاروا به فرحا... ومشى أول خطوة وحده ففتح أمامهم درب السماء الطويلة...
قضوا أيامهم بين تحضير الحليب و'غلي اللهاية' وإحضار الشامبو والبودرة وغناء 'يلا تنام' و 'حمامك سعادة'... عشقوا أنفسهم معه... كانوا على استعداد لفعل أيّ شئ مقابل أن ينطق بكلمة واحدة أو أن يقوم بحركة واحدة غريبة حتى...
وكبُر كما كبروا... رأت فيه نفسها وأحلامها التي ما حققتها لسبب أو لاخر... ما علمت بأنه وإن كان معها فهو ليس لها... ما علمت بأنه وإن أسكنت جسده معها فإن روحه تسكن في مكان اخر يتعذر عليها رؤيته حتى في أحلامها... فالحياة تسير للغد ولا تأبه بالأمس أبدا...
ما وعت إلا والشيب غازٍ مفرقيها والتجاعيد مرتسمة على وجهها وتعب السيسن مكدّس على كفيها... وانحناءة ظهره وسُمرة جبهته هو كذلك ...
على سطح الدار وقفت وإلى ذاك الجبل البعيد نظرت ... ورتّلت:
' أحنّ إلى خبز أمي و قهوة أمي و لمسة أمي... و تكبر في الطفولة يوما على صدر يوم... و أعشق عمري لأني إذا متّ، أخجل من دمع أمي!
خذيني ،إذا عدت يوما وشاحا لهدبك... و غطّي عظامي بعشب تعمّد من طهر كعبك و شدّي وثاقي..بخصلة شعر ، بخيط يلوّح في ذيل ثوبك..
عساي أصير إليك، إليك أصير... إذا ما لمست قرارة قلبك... ضعيني، إذا ما رجعت وقودا بتنور نارك...
وحبل غسيل على سطح دارك... لأني فقدت الوقوف بدون صلاة نهارك... هرمت ،فردّي نجوم الطفولة
حتى أشارك صغار العصافير درب الرجوع... لعشّ انتظارك! ' .
وكطفل صغير في خطواته الأولى، يحلو له العبث بكل شئ يقع تحت ناظريه... تمنعه وتجعل من جسدك حاجزا... وفي هُنيهة أقصر من رفة العين يغافلك ويجري... يجري سريعا حدّ الذهول ، كما تسربت دموعها لا أهي من اليمين أو الشمال... ما عرفت كيف بدأت ...
صارت حياتهم ذكريات، منقوشة على ألبوم صورهم... على خزانة ثيابهم... وعلى جدران غرفتهم ليتمنوا من جديد بأنهم ليتهم ما كبروا... فما عادت درب السماء طويلة... صارت قصيرة قريبة... وكما بدأوا حبّان وقلبان ستنتهي بهم أحلامهم، ليعودوا كما بدأوا ...



rmshiyyab@hotmail.com



التعليقات

1) تعليق بواسطة :
07-06-2012 02:07 PM

رائعة !

2) تعليق بواسطة :
08-06-2012 06:13 PM

بسم الله الرحمن الرحيم



لقد أبدعت يا ريم. رعاك الله لما كتبت فإنها لتحفة تسر القارئ وتضع بالقلب نشوه وشكرا.

3) تعليق بواسطة :
09-06-2012 07:05 PM

لقد قلت وابدعتي اقسم انك ريم ريم الاالطفولة ريم الانوثة ريم الامومة وريم الحنان والكهولة.


لقد امرتينا ان نعترف بأمومة الدنيا وحنانها لقد نبهتي فينا الانتماء لحضن الام وعاطفة الجد.

ريم المبدعة ريم التي اعادت لنا الق الدنيا واملها نتمنى لك كل الموفقية
والابداع.

4) تعليق بواسطة :
13-06-2012 12:08 PM

الله يحميكي ابدعتي :)

5) تعليق بواسطة :
13-06-2012 12:10 PM

Reeeeem btjaneniiii kal 3adeeeh ra2e3aaa w mobde3aaa

6) تعليق بواسطة :
14-04-2013 12:22 AM

رائعة رائعة رائعة رائعة رائئئئئعة

7) تعليق بواسطة :
08-04-2014 10:51 PM

جميــل جداً

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012