أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


اللواء محمد البدارين يكتب : بخصوص الإصلاح الإداري في الأردن

بقلم : محمد البدارين
06-04-2023 03:12 AM

لا داعي ، لربط مسار الإصلاح الإداري ، بالمسارات الإصلاحية الأخرى ( السياسية والاقتصادية وغيرهما ) ، فكل هذه المسارات ، ذات أهداف غير ممكنة او صعبة التحقيق في المدى القصير والمتوسط ، وستبقى محل جدل بين الأطراف المختلفة وتحتاج لبذل مجهودات متواصلة ومتراكمة على مدى زمني غير متقطع وطويل نسبيا ، ولا يمكن تحقيقها بالقوانين والقرارات والاوامر لوحدها.

اما الإصلاح الإداري ، فكل أهدافه ، تقريبا ، قابلة للتحقيق في وقت قصير وبجهد اقل ، بل ان هذا المسار بالذات هو الذي يمكن تحقيق أهدافه ، بواسطة القوانين والقرارات والاوامر والتعليمات ، شريطة ان تكون النوايا في المستويات الرسمية العليا سليمة وجادة ، فهو اصلاح من فوق لا من تحت في معظم تفاصيله وشؤونه ، بخلاف المسارات الأخرى.

ويعرف المتصلون بالواقع الفعلي ، ان الوضع الإداري الراهن في مؤسسات الدولة عامة ، بحالة جيدة او مقبولة ، خاصة اذا ما قورن بالوضع في الكثير من الدول النظيرة ، وهو قابل للتحسين الفوري ببلاغ حكومي جدي واحد ، ولا تزال القوى البشرية في المؤسسات الأردنية ، عموما ، منافسة وذات كفاءة وخبرة ونزاهة ، الى حد كبير ، بل ان ما ظل يحمي جهاز الإدارة العامة في الأردن ، من تفشي الفساد وتدهور الخدمة واضطراب المرافق العامة ، يعود سببه بالدرجة الأولى لطبيعة الموظف العام في الأردن والتزامه بأخلاقيات الوظيفة العامة.

والحقيقة ، ان غالبية الكوادر العاملة في المؤسسات الأردنية تتمتع بالكفاءة والخبرة والنزاهة ، وهي منحازة بطبيعتها لقواعد العمل الصحيح ، وأكثر ما تحتاج اليه لتحسين أدائها ، هو القدوة المقنعة في المستويات الإدارية العليا ، التي تقع عليها مسؤولية العديد من الاختلالات الإدارية ، بسبب عدم الكفاءة الناتجة في معظم الأحيان عن سوء اختيار القادة الإداريين ، وخاصة أولئك الذين يجري تعيينهم من خارج المؤسسات.

لا يتسع المجال ، للدخول في التفاصيل والامثلة الواقعية الحية ، كما ان معظم الناس يعرفون ما يكفي من هذه الأمثلة والتفاصيل ، وسنكتفي بالإشارة الى أزمة الخطوط الامامية (front desk)ليس فقط في المؤسسات العامة ، بل أيضا في مؤسسات القطاع الخاص ، فحتى البنوك التجارية تختار الموظفين الجدد الأقل خبرة ومعرفة وعديمي الصلاحيات ، للعمل في الخطوط الامامية ، بينما تقبع المستويات الإدارية ذات المعرفة والخبرة والصلاحيات في الطوابق العليا المغلقة.

وأسوأ شيء ، في هذه السياسات الإدارية المتبعة ، منذ زمن طويل ، ما كان يقع ولا يزال في المدارس العمومية ، حيث توكل للمعلمين الجدد والاقل تأهيلا وخبرة ، مهمة تعليم الصفوف الابتدائية ، مع ان العكس هو الصحيح ، ويمتد الحال الى واقع مكاتب الاستعلامات في معظم المؤسسات والمرافق العمومية ، حيث تسند هذه الوظيفة الحساسة لأي أحد ، واحيانا الى لا أحد ، ويشار هنا الى ان الإدارة الحديثة تولي أهمية كبيرة للعاملين في مكاتب الخط الامامي في المؤسسات العامة والخاصة.

على ان الإصلاح الإداري ، بإجماع علماء الإدارة ، لا يمكن ان ينجح ، ما لم تؤمن به وتتبناه وتدعمه الإدارات العليا في المؤسسات ، كما ان معظم الأبحاث العلمية في حقل الإدارة تتمحور حول موضوع القيادة في المنظمات الإدارية ، فهذه الوظيفة ، هي العنصر الحرج في نجاح المؤسسة او فشلها.




التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012