أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


ويسألونك عن الأحزاب

بقلم : د. محمد ناجي عمايرة
16-05-2023 03:00 PM

بين حين وآخر تتعالى اصوات من هنا وهناك تتساءل عن الاحزاب السياسية في بلدنا قديمها والحديث والجديد والمتجدد.

ابتداء أرى ان هناك حاجة اساسية لوجود احزاب سياسية اردنية قادرة على تمثيل مختلف مكونات المجتمع الاردني وشرائحه الثقافية والاجتماعية والاقتصادية ؛' وفي هذا الاطار جاءت جهود اللجنة الملكية لتطوير المنظومة السياسية والاقتصادية والإدارية، ولا شك ان المشروع الوطني الاصلاحي الذي يتبناه ويدعمه جلالة الملك مهم وواعد ونعول عليه كثيرا، ونرجو ان يبتعد تنفيذه عن الارتجال والانتقائية والشخصنة والتفرد بالرأي .

وهنا تجدر الاشارة الى ان هذا البلد العزيز قد عرف الحياة السياسية والحزبية مبكرا؛ وحتى قبل قيام الدولة الاردنية الحديثة عام ١٩٢١م ،وترعرعت هذه التجارب في مراحل مختلفة ووفقا للتطورات والظروف السياسية والاجتماعية التي تحكمت بها .

وحين تسألني عن الاحزاب أتطلع حولي فلا أجد حياة حزبية اردنية متكاملة، ومع وافر احترامي لذوات اعضاء التشكيلات الموجودة باسم الاحزاب السياسية الاردنية وعددها يزيد على الخمسين، فإن هذه التشكيلات التي مضى على تسجيل بعضها ثلاثة عقود على الاقل ، لا ترقى الى مفهوم العمل الحزبي السياسي المعروف، فالجانب التنظيمي فيها ضعيف وحضور اكثرها غير واضح، وتسمية الحزب السياسي الحقيقي لا تنطبق على اغلبها، وثمة حاجة الى مراجعة اوضاعها وإعادة تشكيلها من جديد، سواء بالاندماج الطوعي مع حالات متشابهة او متقاربة بالتوجهات والغايات والمنطلقات، او بموجب قانون يلزمها بذلك .

ومن الواضح ان تعريف الحزب السياسي في العلوم السياسية والاجتماعية لا ينطبق عليها وهناك فهم غير دقيق لهذا المفهوم .

أما مايجري حاليا من محاولات لإنشاء احزاب جديدة من خلال تجمعات لأعضاء سابقين او حاليين في مجلس النواب او بعض الوزراء السابقين أو مسؤولين سابقين، فأرى انه لا يُجدي نفعا بل سيراكم حالات غير منتجة تحت يافطة العمل الحزبي.

لقد قلت غير مرة وفي مناسبات واجتماعات بعضها رسمي إن الاحزاب لا تنزل من السماء وانما هي تنبع من أرض الواقع ومن خلال التعبير عن مصالح واهداف شرائح مجتمعية مختلفة، وتلبية لاحتياجاتنا الوطنية الحاضرة والمستقبلية .

ومن يقرأ تاريخ الاردن السياسي والاجتماعي يدرك ان التشكيلات الحزبية ظلت اسيرة الواقع ومرتبطة بنتاجات العمل السياسي السري او 'تحت الارض' في الخمسينات ومثلتها فروع اردنية للاحزاب التاريخية المعروفة كالبعث والجماعة الاسلامية (الإخوان) والاحزاب الشيوعية التقليدية منها والتشكيلات الماركسية الجديدة والحركة القومية بتفرعاتها، وكثير من هذه التشكيلات لم تغادر مواقعها السابقة وظلت تجربتها وافكارها وحتى اكثر برامجها متصلة بماضي تلك الاحزاب في البلدان التي تأسست فيها او بتجربة الحكم الاحادي النظرة في بعضها الآخر.

ولعلي لا أتفق مع الطرح الذي يتحدث عن تشكيل احزاب برامجية وليست ايديولوجية، بل اذهب الى القول إن علينا ان نستفيد من تجاربنا القديمة والحديثة لحل مشكلة الاحزاب عندنا بعيدا عن الاتهامية، او التسرع في ايجاد ( احزاب شكلية )انطلاقا من تكتلات نيابية هشة وبعيدة عن الواقع الاردني، حتى وإن قالت انها تحمل هموم الناس .

وهذا التوصيف مني توجه واقعي وليس مثاليا او حالما .

ودعني أؤكد هنا أن العمل الحزبي يتطلب حاضنة او حواضن وقواعد شعبية ينطلق منها مع الانتباه الى اهمية ربط العمل الحزبي بحرية العمل السياسي واقترانه بالمسؤولية الوطنية، وهذا أضعف الايمان .

وثمة ملاحظة مهمة جدا، وهي ايجاد مناخ سياسي وبيئة حاضنة وتوسيع نطاق الحرية السياسية بما يتيح لكل مكونات المجتمع من المشاركة الفاعلة وخاصة لقطاع الشباب في الجامعات والالتفات الى دور اساسي للمرأة الاردنية وسبل تمكينها سياسيا واجتماعيا .

وتبقى هناك حاجة الى حديث متصل بهذا الجانب .

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012