أضف إلى المفضلة
الجمعة , 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
الجمعة , 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


مشاهد من حرب 1967 .. نحن نسجنا ثوب الهزيمة

بقلم : د. بكر خازر المجالي
05-06-2023 11:33 AM

كانت حرب حزيران عام 1967م، وقد وجد الأردن نفسه شريكا في حرب طالما هو أرادها أصلا ولكن على أساس من الاستعداد العلمي والمعرفي، ولكنها الحرب التي كانت بغير ارادة من الاردن، وجدنا أنفسنا فيها بعد سيناريو قد رسم بمنهج غريب عن الواقعية والمعرفة، هو سيناريو الانجراف نحو الهاوية، وأحيانا قد نجد أنفسنا انه لا بد من الصعود نحو الهاوية لان تجنبها هو الانحطاط نحو الهاوية،
هي الحرب التي كانت، وهي اليأس الذي كان، وهي القصة التي قد نقرأ فيها صفحات من التضحية والفداء من جنود لا يعرفون إلا العشق للثرى والتعلق بمآذن وأجراس القدس، يلثمون الثرى، وقد لثمهم الثرى شهداء حق يطرزون كل التلال والقباب والأسوار والزوايا،
في القدس أكثر من قصة، شهيد لا زال يعتمر خوذته في فناء بيت مقدسي، وآخرون تمر من عندهم كل النسائم في كل صباح فوق تل النبي صموئيل، وصرح تذكاري للشهداء الأردنيين في قلقيلية، وقبر الشهيد صالح عبدالله الشويعر في نابلس، وفي جنبات سور القدس بالقرب من مقبرة الرحمة واليوسيفية ينتصب صرح لشهداء الجيش العربي يتحدث عن العروبة والصدق والحق والحقيقة،

قصة حرب عام 1967م هي رواية لا تنتهي، ونقرأ في كل فترة فصول من إنتاجها وحياكتها، ولكنها قد تكون في سيناريو مبسط عبر محطات من التاريخ وحين تتوقف عند إحداها تجد نفسك في أنفاق ومحطات أخرى يختلف فيها الناس ولكن مع ثبات الهزيمة، ولكن هناك أكثر من مشهد قد نراه:

قمة القاهرة 30 أيار 1967

كانت أجواء الخلاف والحرب الإعلامية هي السائدة في العلاقات بين الأردن وعدد من الدول العربية، وفي غمرة هذه الأجواء قام جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه بزيارة مفاجئة إلى القاهرة في يوم 28 أيار 1967م ليلتقي مع الرئيس عبدالناصر، ويلتئم اجتماع قمة مصغرة ضم جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه وعبدالناصر ونور الدين الاتاسي ويتم التوقيع على اتفاقية دفاع عربي مشترك انضمت إليها العراق بعد يومين، ومن ابرز ملاحظات جلالة الملك الحسين قوله 'أننا نحتاج إلى ما لا يقل عن ستة أشهر من الآن لنكون مستعدين لخوض معركة ضد إسرائيل'.

الحشود الإسرائيلية على الجبهة السورية هل هي قصة مفبركة للتوريط ؟؟

أذاعت سوريا أن حشوداً إسرائيلية على حدودها بهدف القيام بعملية عسكرية معينة.. وهنا بادر الرئيس جمال عبدالناصر بتوجيه إنذار إلى إسرائيل لسحب هذه الحشود في الوقت الذي نفت فيه إسرائيل ولكن تحسباً لأي طارئ فقد عززت إسرائيل قواتها على الحدود السورية، وهنا بدأ التصعيد الذي أعقبه إغلاق مضائق تيران، ومن ثم إخراج قوة هيئة الرقابة الدولية من المنطقة، وزادت مصر من درجة الاستعداد لديها.

بداية الحرب بدأت الحرب صباح يوم الاثنين 5 حزيران في الساعة الخامسة صباحاً، بهجوم جوي شامل على المطارات المصرية وفي وقت واحد.. ومن ثم الهجوم على المطارات السورية وبعدها الهجوم على مطار عمان حوالي الساعة 11 صباحاً وهنا بدأت العمليات العسكري على الجبهة الأردنية وصدر البيان العسكري الأول. كانت القيادة العربية الموحدة قد بدأت بإدارة مسرح العمليات، وتم تحييد الخطط الأردنية للدفاع عن القدس، ودخلنا معركة عربية وكانت النتائج تترى فيما بعد..

ومعكم نواصل القصة..

في مثل هذا اليوم كانت المعركة قد دخلت يومها الثالث، ودخلت في نهايتها أيضا، ولكن لا زالت القصص تتوارد نستذكر منها واستنادا للوثائق قصة رادار عجلون وغيرها:

رادار عجلون

هناك تنسيق مشترك بين سلاح الجو الأردني وسلاح الجو المصري، وتوجد شيفرة سرية يتم فتحها كل أول شهر، وفي فجر 5 حزيران التقط رادار عجلون الطائرات الإسرائيلية وهي متجهة نحو مصر وأرسل شيفرة فورية إلى مصر تتضمن معلومات عن الطائرات الإسرائيلية المتجهة إلى مصر، لكن سلاح الجو المصري لم يتسلم الشيفرة بسبب أن المصريين لم يفطنوا إلى تغيير الشيفرة في أول شهر حزيران ولم ينتبهوا إلى ذلك إلا بعد الحرب، وقد ذكر الفريق محمد فوزي وزير الحربية المصري في مذكراته هذه القصة بالكامل، وبالطبع لو تم تحليل الشيفرة في حينها لتغير وجه المعركة بل وتاريخ المنطقة، ولا زالت هناك تساؤلات عديدة حول سبب عدم استخدام شيفرة الأول من حزيران من قبل الجانب المصري.

خطة القدس

وضعت هذه الخطة (خطة القدس) وهي أردنية عام 1959م، وهي تقضي بان أي هجوم على الضفة الغربية وفي حالة حراجة الموقف، فان على القوات الأردنية شمال القدس وجنوبها أن تتحشد حول القدس وتدافع عنها ولا تسمح بسقوطها بأي حال لأن هذا هو الهدف الاستراتيجي للهجوم الإسرائيلي وان سقوط أي منطقة أخرى فانه يمكن استعادتها والتفاوض عليها، أما القدس فلا.

عبدالمنعم رياض

بموجب اتفاقية الدفاع العربي المشترك فقد تم تعيين الفريق عبدالمنعم رياض ليكون قائداً عاما للجبهة الشرقية، وقد أدار المعركة كجزء من الحرب الشاملة على كل الجبهات، واغفل خطة القدس، وتم تحريك القوات بطريقة سمحت بتدميرها بسهولة وبدون أي دعم من أي غطاء جوي، وكانت هناك خلافات حادة بين عبدالمنعم رياض والقادة الأردنيين حول تنفيذ خطته التي فقدنا بموجبها القدس والضفة الغربية.

قرار الأردن دخول الحرب 'أو الانتحار السياسي'

لا يمكن مطلقاً تصديق ادعاءات إسرائيل بأنها قدمت نصائح للأردن بعدم فتح جبهته وأنه ليس لدى إسرائيل نية بالهجوم على الأردن، فهدف إسرائيل الوحيد هو السيطرة على القدس التي فشلوا في احتلالها عام 1948م، وان الادعاءات هي مناورات للتشكيك في المواقف العربية، وجلالة الحسين طيب الله ثراه ذاته اتخذ قرار الحرب من منطلق قومي عربي، وان الحسابات بعدم فتح الجبهة سيحيل المنطقة إلى اضطراب وموجة من العنف وتحميل الأردن مسؤولية الهزيمة فيما بعد، وكان معروف تماما أن الأردن إذا لم يفتح جبهته فان إسرائيل ستبادر إلى الهجوم في الوقت الذي ستقرره هي بعد فراغها من التعامل مع الجبهات العربية الأخرى.

ومن قراءة الوثائق أن القوات الأردنية قد استبسلت في الدفاع عن القدس، ولكن كان واضحا أن قرارا دوليا على وشك الصدور لوقف إطلاق النار، فوجّه الإسرائيليون قواتهم بكثافة نحو القدس، وخاض الجيش العربي الأردني معركة شرسة بقواته التي كانت حوالي 300 رجل داخل القدس وقد استشهد منهم حوالي المائة ولم يجد الآخرون ذخيرة للقتال فقد تم محاصرتهم من كل جانب لكنهم ما استسلموا مطلقا،

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012