أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


فقط الفلسطينيون يستطيعون

بقلم : د. عادل يعقوب الشمايله
15-06-2023 10:37 AM

اتجهت كثيرٌ من الانظار والاسماع لتتبع ما ستسفر عنه زيارة الرئيس الفلسطيني للصين تلبيةً لدعوةٍ رسمية من رئيسها.

إنقسم المتابعون الى فريقين. فريقٌ متفائل وفريق متشائم.

بني المتفائلون موقفهم على قواعد العلاقات القديمة المتصلة عبر ستة عقود بين حركات التحرر الفلسطينية والصين الشعبية الشيوعية التي خرجت للتو منتصرة في حربها الشعبية ضد استعمار الافيون واستعمار الاستغلال واستعمار التخلف واستعمار الفقر واستعمار الضعف. كانت الدول الغربية هي المتسبب في جميع انواع الاستعمار التي خبرتها الصين وعانت منها.

حالة التعاطفِ والرغبةِ في الانتقام، وضرورة توسعة مجموعة الاصدقاء والحلفاء ضد المستعمر الغربي كانتا الدافعينِ لتأييد الصين للقضية الفلسطينية.

تنوعت صنوف الدعم الصيني للفلسطينيين، حيث شملت السلاح والتدريب والمناصرة في المنظمات الدولية ثم المال.

أما المتشائمون فقد بنوا موقفهم على قواعدَ مخالفةٍ، من بينها أن سلوك الصين يُعَبرُ دوماً عن مصالحها بالدرجة الاولى. فقد كانت بحاجة الى اصدقاء خلال النصف الثاني من القرن العشرين. ثم اصبحت تبحثُ عن اسواق منذ بداية القرن الحالي. ثم المنافسة على مناطق نفوذ سياسي ليس بالضرورة لدافع استعماري، بل بهدف قطع الماء والغذاء عن جذور خصومها الغربيين في اي موقع طالت فيه سيقانهم وأينعت اوراقهم.

هذا يعني أن القضية الفلسطينية هي مجرد كرة قدم تتقاذفها اقدام اللاعبين الاقليميين والدوليين الذين يسعى كلُ فريقٍ منهم للفوز في المباراة.

ويضيفُ المتشائمون، أنَّ الصين لا زالت عاجزة عن استعادةِ جزيرة تايوان المتحالفة مع الغرب، فكيف تستطيع اذاً أنْ تُمَكِنَ الفلسطينيين من استعادة اراضيهم المحتلة. فالصينُ لا زالت في مرحلة النمو الاقتصادي والسياسي والعسكري ولم تصل بعدُ لمرحلة النديةِ مع امريكا وحلفائها.

كما تربطُ الصينَ باسرائيل علاقاتٌ دبلوماسيةٌ وتبادلٌ تجاري وتكنلوجي. وتنظر الصين الى اسرائيل على أنها بوابةُ امريكا أو مفتاح باب امريكا. ولذلك لن تخاطر بإغضاب اسرائيل بالضغط المبالغ به عليها للتنازل للفلسطينيين.

غيرَ أنهُ من الضروري تحديدُ الممكنِ الذي تستطيعهُ الصينُ بغضِ النظرِ عن التفاؤل والتشائم. قد تكونُ الصينُ صادقةً في موقفها المؤيدِ والداعمِ للفلسطينيين. الا أنه من السذاجة أن يجلس الفلسطينيون على الشرفة ينتظرون وصول طلائع جيش صيني بأعلامه الحمراء يهاجم اسرائيل ويقتلعها كشوكة ويرمي بها في البحر ثم يسلمها للفلسطينيين بعد أن طال انتظارهم للاعلام السوداء واعلام الهلال الذي يحتضن النجمة.

كما أنهُ فقط الزهايمر الذي يجعلُ بعضَ الاشخاصِ يعتقدون أن الدول الغربية وامريكا التي انجبت اسرائيل وأرضعتها ولا زالت ترضعها ستتخلى ببساطة عن فلذة كبدها من اجل إدخال السعادة لنفوس الفلسطينيين.

أمَّا الضغوطُ والضغوطُ المقابلةُ فقد تنتهي الى تفاهمات وتبادل مصالح في افريقيا او كوريا الشمالية او تايوان او كوبا او فنزويلا.
هذهِ الحقائقُ، تقودنا الى تقييم الموقف الفلسطيني.

بدايةً لا بد من الاشارةِ الى أنَّ من يديرون القضية الفلسطينية وهم متعددون، ليس لديهم بوصلة صالحةٌ ترشدهم الى هدفهم النهائي. بل لدى كلٍّ منهم بوصلته الخاصة التي اصابها الخرف. هذا التشتتُ تسببَ ليسَ فقط في اضعاف قوتهم الضعيفةِ اصلاً، بل قادهم الى التصادمِ فيما بينهم منذُ بدايات القضية الفلسطينية ولم يستوعبوا الدروس ومسببات الفشل لحد الان.

اخيراً، اقول، أن الفلسطينيين لا تنقصهم شفقةُ الاخرينَ وتعاطفهم. فلديهم منها الكثير. حلُّ القضية الفلسطينية هو بأيدي الفلسطينيين. كما أنَّ حُسنَ النية والثقةِ بالاخرين وقبول الوساطات ولغة 'خلونا نمون عليكم هل المره' لطالما اوصلت الفلسطينيين الى الخسران العظيم منذ اضراب ١٩٣٦. لأن المُضلَّ لن يتحول الى هادٍ، والشيطانُ لن يصبح رسولا نبياً. فالدور العربي في القضية الفلسطينية كانَ وسيظلُ كدور الاعور الدجال.

إن التخلي الرسمي عن النضال المسلح وإسكاتِ النضال الشعبي الذاتي، وتقزيمهِ وتهشيمهِ وتهميشهِ، بلْ والتجسسِ عليهِ رسمياً وشعبياً لن يُنتِجَ سوى تثبيت الاحتلال وتمكينهِ وتجذره وَيَنَعانِهِ، وفي نفس الوقت ذبولِ المطالب الفلسطينية وضياعِ أي أملٍ للذين لا زال لديهم امل.

على الفلسطينيين والعرب أن يبصروا الواقع. فاسرائيلُ لم تعدْ في وضع من يشحد ويستجدي. اسرائيل لديها ما تحتاجه جميع دول العالم حتى المتقدمة منها. لديها العلم بل العلوم ولديها التكنلوجيا ولديها الخبرات والمهارات. ولذلك فهي تتقن لعبة تبادل المصالح.

ليسَ هناكَ مثالٌ واحدٌ في التاريخ المعاصر، أن أُهديَ شعبٌ حريتهُ واستقلالهُ وسيادتهُ مع حبةِ مسك. والحكمة تقول لا تفاوض المستعمر الا وخنجرك في رقبته.

تُرى، هل سيخرجُ من بين الفلسطنيين مَهديَّهمْ ليُخَلِصَهم من الاعورِ الدجال ومن اسرائيل؟ أو هل سيخرجُ من بينهم 'هرتزلهم' الذي يُوحدهم، أو 'موسى' جديد. موسى وهرتزل عبرا ببني اسرائيل بحرين: الاحمر والابيض. الفلسطينيونَ بحاجةٍ الى عبورِ نهرٍ شبهِ جاف. ولكن عليهم أولاً أن يعبروا نفسيا وايدلوجياً المسافةَ ما بين غزة والضفة. فهل يستطيعون؟



التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012