بقلم : علي الجماعين
14-06-2012 09:46 AM
عضو الهيئة الإدارية، جمعية الكتاب الالكترونيين الأردنيين ،.
حكايته تقول: شاخ من الهموم واحدودب ظهره من الديون فالدَين ثقيل ويقتل صاحبه، اجتمع حوله عباقرة الأطباء، فوصفوا له المضادات الحيوية فمنها الكبسولات ومنها ما كان في العضل، وانضم إليهم خبراء الطب الشعبي فلجأوا للحبة السوداء ( سفوفاً) على اعتبار أنها شفاء من كل داء ، وأمروه أن يَدّهِنَ بزيتها، ولأن أمر الله نافد لا محالة، فلا الإكلينيكي ينفع ولا الشعبي يشفع.
نادى ابنه الوحيد، فلبى النداء بعد جهد جهيد، فهو ( الوحيد المدلل ) وهو من سيخلفه في حكم الدولة وشعبها، وهو الأولى من بين أفراد الأسرة حتى وإن كان لا يمتلك الخبرة.
فقال له : اني أحس باقتراب النهاية الأليمة، وسأوصيك بوصية عظيمة، وعليك أن تنفذها بالحذافير لو اضطررت لجمع الشعب طوابير،(واللي يصير يصير)، فإذا وجدت نفسك يوما في أزمة شديدة، وأصبحت دولتك على الحديدة، اذهب يا بني إلى تلك المغارة المظلمة خلف ذاك القصر وذلك بعد وقت العصر، هناك ستجد حبلا مربوطا إلى السقف فخذه دون تردد واشنق نفسك دون خوف، وإياك والرعب كي ترتاح من محاسبة الشعب ، وانتهت الوصية حتى أغمض الحاكم(اليوناني) عينيه ومات.
وما أن استلم (الوريث الوحيد ) الحكم، وأصبح ذا مكانة التفت حوله البطانة، من وزراء ووجهاء ومستشارين وبعض من رجال الدين (منهم من جماعة الإخوان) فتبعثرت الثروة وتبددت، فما رف لهم جفن ولا دمعت لهم عين، فشيدوا القصور والعمارات وركبوا الحديث من السيارات و( كوشوا كل) العملات التي أبانتها بالصدفة بعض السرقات، (يلهطون) دون أن تطالهم يد العدالة فهم مطمئنون أن لا تحقيق ولا إقالة ، فما لبثت فضائح الفساد وإن انكشفت (فخزينة الدولة) أصبحت خاوية، وأصبح الوارث الجديد (ينتف ما بقي على رأسه من شعر) ، وهنا تذكر وصية والده الحاكم الحكيم، فقال مخاطباً نفسه في اطمئنان وتسليم، لابد من النهاية فقد طالت الحكاية، ولابد من تنفيذ الوصية لأستريح، وأتخلص من هذا الموقف القبيح ، فذهب في الحال إلى المغارة ليشنق نفسه حسب الوصية ( ملعون أبوك يا الطفر)، فقام بدخول المغارة المظلمة ( ورجل ورا ورجل قُدّام ) ، - ياحراااام -،إغرورقت عيناه بالدموع فلا مجال للرجوع ، فلف رقبته بالحبل ثم دفع بنفسه في الهواء في منظر يبعث على الحزن والرثاء، فما أن تدلى الحبل، ونظر إلى الخلف حتى وجد النقود تنهال عليه من السقف، ورنين الذهب يصم الآذان في منظر تقشعر له الأبدان ، ثم وجد نفسه مستلقياً أسفل المغارة وإلى جانبه ورقة في شكل رسالة كتبها له أبوه الحاكم يقول فيها: يا بني هذه نصف ثروتي كنت خبأتها لك لهذه اللحظة بالتحديد كي تعرف أن رجالك لا يهمهم سوى التبذير والتبديد، فعُد إلى رشدك واضرب بيد من حديد على كل من يحاول أن (يلهط ويشفط) من هذه الثروة من جديد ، كي لا تصل إلى ما وصلت إليه من(طفر ومديونية).
هذه قصة الحاكم اليوناني .. لكن لماذا هذه القصة؟ لا لنعرف حجم المديونية لكن لنعرف ما تريده منا هذه الحكومة والسابقات وما سيلحق بها من حكومات. فقد قررت حكومتنا أن تدخل مغارة (رفع الدعم) المخيفة فخزينتها لم يبق بها( تعريفة) ، فتلف الحبل على رقبتها دون عناء ثم تدفع نفسها في الهواء، وما أن تقوم بذلك في اقتدار حتى ينهال عليها الجنيه والدولار من صناديق الاستعمار.!
فحكومتنا ما أن لفت حول رقبتها حبل (رفع الدعم) حتى أصابتها الحيرة والغم، فبدلاً من أن تنهال عليها أوراق النقود والذهب أصبحت في موقف صعب، إذ انهالت عليها (هتافات الشعب) وهم يصرخون ويهتفون، لتجد نفسها مستلقية أسفل المغارة وإلى جانبها ورقه في شكل رسالة كتب عليها (ذبحتونا.. حلوا عَنّا )!
فبدل رفع الدعم عن المحروقات ارفعوا الدعم عن الفساد وأهله أبناء الذوات، فالمنهوب من الخزينة كفيل بإعمار المدينة، وينهي الاختلالات ويبعد الشعب عن المتاهات وسيلغي المسيرات وما بها من هتافات.
بالمناسبة، شو أخبار الفوسفات؟