أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


وزارتا النقل والاشغال .. خطة الدمج واستراتيجية القطاع

بقلم : د. ثروت محمد المصالحه
23-07-2023 05:11 AM

وضعت الحكومة وضمن خارطة الطريق لتحديث وتطوير القطاع العام / المرحلة الأولى (2022-2025) الاجراء المتعلق بدمج وزارة الاشغال العامة والإسكان مع وزارة النقل تحت مسمى 'وزارة خدمات البنية التحتية' وهو ما يهدف حسب خطة الحكومة الى توحيد جهود الوزارتين اللتين يتقاطع عملهما ويتكامل في العديد من الاوجه المتعلقة بخدمات البنية التحتية والنقل بأنواعه المختلفة، حيث تتمثل مسؤولية وزارة الاشغال العامة والإسكان في طرح ومتابعة عطاءات التصميم والاشراف والتنفيذ لمشارع البنية التحتية (الطرق بشكل رئيسي) والابنية الحكومية والإسكان والتطوير الحضري فيما تتمثل مسؤولية وزارة النقل في إدارة وتنظيم قطاع النقل على الطرقات والنقل البحري والجوي ويتبع لها عدد من الهيئات التي تختص بأنواع النقل المختلفة .

وقد لاقى توجه الحكومة بالدمج للوزارتين اراء متباينة بين مؤيد ومعارض وموافق بشروط، ومع الاخذ بالأسباب التي أوردها كل هؤلاء لتبرير مواقفهم المختلفة يمكن القول انها نقاط واردة ويجب اخذها بالاعتبار عند وضع استراتيجية الدمج وإجراءات التنفيذ لهذا الدمج الذي من المفترض انهائه خلال عام من الان وكذلك عند اعداد الخطة الاستراتيجية الجديدة لقطاع النقل والاشغال العامة بعد انهاء عملية الدمج.

ولنبدأ بالاسم المقترح للوزارة بعد الدمج والذي ارى ان يكون ' وزارة النقل والاشغال العامة' بدلا من وزارة ' خدمات البنية التحتية' ولذلك لسببين:

1. ان النقل يبقى الهدف النهائي بينما تنفيذ الاشغال التي تقوم بها وزارة الاشغال العامة من طرق وجسور وغيرها هو عمل لوجستي مهم ليقوم قطاع النقل بتأدية عمله وخدمة القطاعات المختلفة والاقتصاد الوطني بشكل عام وعليه فان عمل وزارة الاشغال العامة يصب في خدمة قطاع النقل الاوسع مدارا.

2. ان مصطلح البنية التحتية يشمل العديد من المكونات التي لا تندرج جميعها تحت مظلة وزارة الاشغال العامة والإسكان مثل خدمات البنية التحتية للاتصالات وتلك المتعلقة بالمياه والصرف الصحي والكهرباء وغيرها.

واذا تحدثنا في المبدأ والهدف من عملية الدمج فيجب ان نكون منفتحين لنقاش الفكرة وبدون مواقف مسبقة، حيث عملت العديد من الدول في العالم ومنها ما يجاور الأردن على اناطة عمل الوزارتين بوزارة واحدة سعيا لرفع كفاءة إدارة القطاع وتسريع وتسهل آلية اتخاذ القرار في إدارة احد أهم القطاعات التي لها تأثير مباشر على حياة الناس وعملها وضمان تحقيق اختراق مهم سيكون له اثرا إيجابيا وملموسا على رضى المواطن وتحسين جودة الحياة التي هي الركيزة الأولى التي بنيت عليها رؤية التحديث الاقتصادي للأعوام 2023-2033 بالإضافة الى ركيزة رفع معدل النمو الاقتصادي المستدام.

وعند تناول خطة وتنفيذ الدمج ولضمان ان تسير العملية بسلاسة وكفاءة يجب التنويه الى ما يلي:

1. من المفترض وجود لجنة مختصة تضم أعضاء من كادر الوزارتين وخبراء اخرين على معرفة بطبيعة ونطاق عمل / مهام الوزارتين، تقوم حاليا على اعداد النظام الإداري للوزارة الجديدة المقترحة وكذلك تحديد الإطار الزمني والخطة التنفيذية لعملية الدمج المنشودة.

2. ان يتم اعداد النظام الإداري والهيكل التنظيمي توازيا مع اعداد الخطوط العريضة لاستراتيجية الوزارة الجديدة لضمان توزيع الموارد البشرية وتخطيط العمليات وتسلسل العمل بما ينسجم ويحقق بكفاءة الأهداف الاستراتيجية للوزارة الجديدة مع التأكيد على وجوب شمول الخطة الاستراتيجية على مؤشرات قابلة للقياس.

3. ضرورة وضع خطط لتمكين كوادر الوزارتين ورفع كفاءة الأداء والنظر في الاستعانة بخبرات فنية من خارج الوزارتين خصوصا والوزارة الجديدة مقبلة على العديد من مشاريع الشراكة مع القطاع الخاص والاستثمارات المحتملة في مشاريع البنية التحتية واللوجستية المختلفة.

ولتمكين الوزارة المستحدثة من تحقيق الأهداف المرجوة من عملية الدمج تجدر الإشارة الى النقاط التالية التي من المفترض ان تكون في صلب الاستراتيجية لهذه الوزارة:

1. اشارت رؤية التحديث الاقتصادي الى ان تصنيف الأردن لمؤشر البنية التحتية في مؤشرات التنافسية للعام 2019 جاء في موقع متوسط (المركز 74 من 141 دولة)، ونوهت كذلك الى ان قطاع النقل والخدمات اللوجستية يشكل ما نسبته 5.4% من الناتج المحلي الإجمالي ويشغل ما نسبته 5.9 % من اجمالي العمالة وهي نسب معتبرة سترتفع عند دمج قطاع الاشغال العامة لقطاع النقل ليصبح القطاع الثالث من حيث المساهمة في الناتج الوطني بعد الصناعة والسياحة، وعليه يجب ربط الخطة الاستراتيجية الجديدة للوزارة بالخطة القطاعية وكل من محرك الصناعات ذات القيمة العالية ومحرك الخدمات المستقبلية الواردين في رؤية التحديث الاقتصادي والذين يستهدفان توفير العدد الأكبر من فرص العمل الموضوعة في رؤية التحديث للعشر سنوات القادمة .

2. لتحقيق الأهداف المتعلقة بقطاع النقل وتطويره يجب إعادة هيكلة المؤسسات المعنية بقطاع النقل بأنواعه وتوحيد المرجعية لشؤون النقل بالوزارة بعد تمكين كوادرها وتوفير الأدوات اللازمة لتتمكن الوزارة من اجتراح وتطبيق الحلول الممكنة لتحسين واقع النقل بشكل يلمسه المواطن.

3. المضي قدما في تنفيذ مشروع الشبكة الوطنية للسكك الحديدية والبداية مع الوصلة من العقبة وحتى الميناء البري المنوي انشائه بالماضونة، حيث سيؤدي انشاء هذا الخط الى توفير ما يناهز 30% في كلف النقل بالشاحنات حاليا وتأثير ذلك ايجابا على الاقتصاد الوطني ناهيك عن تخفيض كلف صيانة الطرق (كلفة اعادة تأهيل الطريق الصحراوي مؤخرا بلغت 300 مليون دولار) مع الاخذ بعين الاعتبار إيجاد حلول لأصحاب الشاحنات الفائضة عن الحاجة بعد تشغيل سكة الحديد المذكورة، وقد تم اعداد دراسة للحلول المقترحة للتعامل مع هذا الموضوع، كما تشكل فرص النقل الإقليمي بالسكك الحديدة فرصة مهمة جدا تخدم الاقتصاد الوطني وتدعم فكرة انشاء مراكز لوجستية في المملكة، حيث يمثل الأردن حلقة رئيسية لاكتمال شبكة السكك الحديدية الاقليمية.

4. تفعيل قانون الطرق وتوفير المصادر المالية لصيانة الطرق وادامتها كما يجب البحث عن مستثمرين في قطاع البنى التحتية والنقل من خلال الشراكة التي تستلزم مساهمة الحكومة في كلفة تلك المشاريع حتى تصبح ذات جدوى اقتصادية لتشجيع المستثمرين على المضي قدما في مثل هذه المشاريع.

5. سرعة انجاز مشروع الباص السريع بين عمان والزرقاء بالإضافة الى المرحلة الثانية من الباص السريع داخل عمان والمرحلة الثالثة المتوقع وصولها الى طريق ممر عمان التنموي (طريق 100 متر) حيث من المتوقع بعد تشغيل هذه المراحل جميعها ان تنخفض حجم حركة النقل بالسيارات الخاصة ما بين 25-30 %.

6. تمثل مشاريع الطرق مدفوعة الاجر فرص استثمارية من الممكن تطبيقها على العديد من الطرق في المملكة واستخدام ريعها في تحسين الطرق وادامتها والاستثمار في مشاريع أخرى بالشراكة مع القطاع الخاص وهو ما يتطلب العمل بالتنسيق مع وزارة الاستثمار على اعداد دراسات الجدوى الاقتصادية الأولية وبطاقات هذه المشاريع لتكون جاهزة لاطلاع المستثمرين والمهتمين.

7. يمثل الاستثمار في البنى التحتية والمنشات القائمة مثل مطار ماركا وقاعدة الملك حسين الجوية في المفرق للأغراض التجارية فرصة حيث يشكل الحراك الاقليمي حاليا لجهة تشكيل تكتلات اقتصادية عربية، مصر والامارات والبحرين والعراق مع إمكانية انضمام المملكة العربية السعودية لاحقا، فرصة كبيرة للأردن ليكون مركزا لوجستيا رئيسيا في المنطقة مستفيدا من موقعه الجغرافي المهم والمتوسط بين هذه الدول.

8. نقل ملف الإسكان من وزارة الاشغال الى وزارة الإدارة المحلية حيث تتقاطع المشاريع الاسكانية سواء الإسكان الحضري لذوي الدخل المتوسط او المشاريع الاسكانية الاستثمارية مع عمل البلديات حيث مجلس التنظيم الأعلى برئاسة وزير الإدارة المحلية هو المسؤول عن صلاحيات التنظيم والموافقة على هذه المشاريع التي يجب ان يتم توجيهها الى المحافظات لتخفيف الاكتظاظ عن عمان والزرقاء.

9. يشكل مشروع المدينة الجديدة فرصة هامة للتخفيف عن عمان والزرقاء حيث من المخطط نقل الوزارات والمؤسسات الحكومية اليها كما ستوفر هذه المدينة فرص استثمارية واعدة في البنى التحتية ومشاريع النقل مثل الباص السريع وغيرها من وسائل النقل بينها وبين عمان والزرقاء ويتم حاليا اعداد دراسة النقل على المستوى الاستراتيجي لبيان أفضل وسائل النقل الممكنة بين هذه المدينة وكل من عمان، الزرقاء ومطار الملكة علياء على المديين المتوسط والبعيد.

10. تمثل اتمتة النقل وتطوير التطبيقات عامل هام جدا في رفع كفاءة النقل وتحسين خدماته وهي فرص واعدة للاستثمار كما يمثل التحول للسيارات الكهربائية ووسائط النقل العام التي تعمل على الكهرباء أيضا أدوات مهمة للتخفيف من الاعتماد على الوقود الاحفوري المستورد (سيؤدي ذلك الى خفض عجز الميزان التجاري ) وتخفيض كلف النقل، اضف الى ذلك الاثر الإيجابي على البيئة والتقليل من الانبعاثات وتحقيق التزامات المملكة بهذا الصدد والذي سيمكن المملكة من الحصول على مساعدات على شكل منح او قروض ميسرة الدفع وبفوائد منخفضة يمكن استثمارها في تطوير النقل والبنى التحتية اللازمة والخدمات اللوجستية وتعويض المبلغ الفائت على الخزينة من الضريبة الخاصة على المفروضة على الوقود نتيجة التحول نحو الطاقة النظيفة في النقل.

في الخلاصة، يشكل دمج وزارتي النقل والاشغال العامة والإسكان تحدٍ، ولكن من المؤكد انه يقدم العديد من الفرص الهامة التي قد تتوفر للاقتصاد الوطني فيما لو تم ادارة الملف بشكل فعال، متحررا من الإجراءات الروتينية وضمن رؤية واضحة تركز على الاستثمار في هذا القطاع الكبير مع تحديد مرجعية واحدة له ومن المؤمل ان تكون وزارة النقل والاشغال العامة هي رائدة قطاع النقل والاشغال العامة والخدمات اللوجستية لتحقيق الأهداف التي تم وضعها لهذا القطاع في رؤية التحديث الاقتصادي 2023-2033.

حمى الله الأردن وطنا وشعبا وقيادة.


التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012