أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


أهم متميزون أم عركتهم صروف الدهر!؟

بقلم : د. زيد حمزة
08-08-2023 05:12 AM

قومنا في فلسطين ال ٤٨ وقد بقوا تسعة عشر عامًا في أرضهم مذهولين بفعل الصدمة، مروَّعين بهجرة الأهل او تمزق العائلة او هوان الفراق عن الدار والعزلة عن الجيران وضياع ما ملكوا من متاع أثير لدى نفوسهم او مقتنيات تشكل ذكرياتهم الغالية، كما انهال على رؤوسهم فوق ذلك ظلم ذوي القربى حد القطيعة بتهمة التعاون مع العدو الصهيوني، وتلك -ويا للهول- خيانة لو تعلمون! ومرت تسعة عشر عامًا من المعاناة تحت احتلال كان يزداد شراسةً وحقدًا الى ان كانت هزيمة العرب الكبرى في حزيران ١٩٦٧ التي رافقتها- رغم مذلتها الفظيعة- صحوة سريرية غير عادية لدى فلسطينيي الضفة الغربية والشتات.. وباقي العرب! حيث بدأوا يكتشفون الحقيقة الناصعة لأولئك القوم الذين كابدوا العذاباتِ كلَّها وهم قابضون على الجمر، وكم سعدنا اذ تعرفنا هنا في عمان في السنوات الأخيرة على كثير منهم عن كثب كالمؤرخ جوني منصور من حيفا ومحمود يزبك الاستاذ في جامعتها، وفي الشهر الماضي أُتيح لي ان اسعد بثلة اخرى منهم يمثلون نماذج متنوعة من النضال الفلسطيني الباسل، اثنان حاضَرا في المركز العربي للأبحاث (مكتبة الأرشيف)، الاولى الصحفية المقدسية نضال رافع التي تحدثت بشجاعة وعزم وبثقة بالنفس عالية عن خبرتها في مجال الإعلام المحلي والعالمي وضرورة استثماره بحذق وكفاءة لخدمة القضية الفلسطينية والمشاركة مع قضايا العدل والحرية في كل مكان، واثبتت قدرتها على إشراك الحضور معها في اجتراح الحلول للخروج من الأزمات والمآزق الميدانية مع التمسك بالصدق والمهنية الرفيعة المستوى، وكذا اصرارها على ضبط العمل الصحفي المقاوم من خلال تنظيمه بدقة ضمن ما يفيد وينفع ويبقى ذا اثر وتأثير خصوصًا لدى الذين لا يصلهم عادةً صوت الحقيقة العربية الفلسطينية وقد طمسه لمئة عام على الاقل ضجيج الآلة الاعلامية الصهيونية حول العالم.. نضال هذه من مواليد حيفا وتدير حاليًا في القدس مركزًا تراسل منه السي إن إن والفينانشال تايمز.. وكان المحاضر الثاني الاستاذ سامي شحادة رئيس حزب التجمع الوطني العربي الفلسطيني في إسرائيل الذي أطْلعنا بطلاقة وشفافية، دون ان يكثر من التلفت حوله مرعوبًا،على آفاق ارحب للعمل السياسي داخل الأراضي المحتلة رغم العقبات المصطنعة لإحباطه بالمعايير المزدوجة التي تتعامل بها سلطات الاحتلال مع مواطنيها (!)، ومع ذلك تبقى الشعلة مضيئة آخر النفق، اما النموذج الثالث فهو الروائية ابتسام عازم من مواليد الطيبة شمال يافا التي نصحتني صديقة فطنة بالاطلاع على انتاجها الادبي المتماهي مع روح هذا المقال، فصحبتها رأسًا في روايتها الرائعة «سر الاختفاء» التي بلغت بها مستوى ً أدبيًا عالميًا حملني بالصدق ودقة التعبير اللغوي الى اعماق النفس التي تتحدث عنها سواءً لفلسطيني او يهودي، وهي نمط آخر من النساء المناضلات اللاتي يواصلن العمل في الخارج وهي الان في ألمانيًا تحديدًا بحكم اجادتها للغتها.

وبعد.. لست ممن يقولون بتميز قوم على غيرهم بما امتلكوا من الصفات.. وراثةً! والا كنت عنصريًا منساقا دون ان أعي، وراء الأنثروبولوجيا الغربية الاستعمارية، لكني أدرك علميًا تنوع الافراد وتفاوت قدراتهم حسبما اجتهدوا وصبروا وتحمّلوا.. وأولئك هم قومنا هناك.

الرأي


التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012