أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


أزمات تتراكم وحل وحيد

بقلم : مالك العثامة
10-08-2023 05:44 AM

كل ما يحدث حولنا يوميا يعيدنا إلى ما نعيده ونكرره: إعادة تأهيل الوعي المجتمعي كله وهذا يعني تفعيلا استثنائيا شاملا لكامل منظومة التربية والتعليم في الدولة الأردنية.

في صالونات الأردنيين ومجالسهم، الكل يشكو ويتذمر من مآلات الأحوال التي نعيشها، والتفاصيل اليومية تحمل لنا أزمات مثيرة للدهشة وعند تفكيك معظم تلك الأزمات من بعيد وبعقل بارد نكتشف أنها جدل بيزنطي مشدود على وتر المناكفات والعبث وهو ما يستنزف من الجميع طاقة يتم هدرها في لزوميات ما لا يلزم.. ويوميا.

نعم، لدينا ضائقة اقتصادية تشتد أكثر فأكثر، والحلول ضيقة جدا ومرتهنة بالوضع السياسي الإقليمي على الدوام، ولدينا أزمات سياسية محلية أضعفت مفهوم الدولة، والحلول السياسية متأرجحة في فراغات كبيرة بين طموحات الإصلاح السياسي الكبيرة والواقع المجتمعي المختنق والتشابكات النخبوية التي تراكمت تعقيداتها بمرور الزمن والاجتهادات الخاطئة التي جعلت كل ما تمثله مؤسسات الدولة معدوم الثقة فيه.

لا حل أمامنا للغد، إلا ببداية جديدة مختلفة ونوعية وثورية مع بذور ذلك الغد من جيل إما أن نورثه تراكمية الخيبات أو نضع له طريقا يستعصي علينا نحن.

التربية والتعليم، كمنظومة تعليمية شاملة تبدأ مع ذلك الطفل وتنتهي به في مراحله الدراسية الأخيرة وقد تشكل وعيه بشكل صحي وسليم قادر على اختيار طريقه ومتمكن من مواطنته في دولة قد يستعيد هو فيها كامل مؤسسيتها ودستوريتها، فتنجح كل مساعي الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والإداري التي نتعثر بها ولا خيار أمامنا إلا المضي نحو الأمام رغم كل ما هو قادم من تعثر.

هنالك عمل حقيقي (بطيء وصبور لكنه حقيقي) يجري في إصلاح منظومة التعليم في سياق تربوي معاصر، لعل الأكثر وضوحا فيه حاليا هو ما يحدث في المناهج المدرسية من تغييرات دؤوبة أعرف بعضا من كواليسها المذهلة التي تعكس جدية حقيقية في التغيير، وهي جدية – على الأقل- أكثر من جدية الإصلاح السياسي وقد تأطر بمحاولات أحزاب ما تزال تتعثر بين القانون والاجتهاد الأمني والطموحات المصلحية للأشخاص في إعادة تدوير المناصب العليا.

من تلك الكواليس حكاية جرت قبل أيام في اجتماع مغلق للمناهج، وقد رفع به العالم الدكتور علي المحافظة أحد مسودات المناهج الاجتماعية بيده وهو يقول للجميع: هذا منهاج ممتاز ورفيع المستوى لكن أفضل منهاج دراسي يمكن هزيمته بمعلم رديء المستوى.

وهذا يجعلنا نفكر، وماذا بعد لأن نحصل على مناهج دراسية على مقياس عالمي ممتاز؟ ما فائدتها وحالة معلم المدرسة بهذا البؤس المعرفي والمعيشي، وتلك ليست إدانة له بقدر ما هي إدانة للدولة التي تخلت عنه.

هناك وضع اقتصادي سيئ، هذا واقع لا يمكن إنكاره، وهذا الوضع الاقتصادي أنتج – حسب الأرقام – هجرة سنوية معاكسة من المدارس الخاصة نحو المدارس الحكومية، مما يعني كلفا اقتصادية ضخمة على الدولة الملزمة بقبول الجميع في سياق إلزامية التعليم.

المباني متهالكة منذ عقود، وبناء تلك المباني وصيانتها مناط بوزارة الأشغال العامة التي تتكفل بكل المباني الحكومية وبالكاد قادرة على تلبية الطلب الهائل من كل مؤسسات الدولة، ضمن مواصفات بناء تم تغييرها على مقاييس غير مفهومة.

ماذا لو أعيدت المباني المدرسية بكاملها إلى كنف وزارة التربية والتعليم، وهذا ليس اختراعا للعجلة، بل إعادة تقييم لتجربة نجحت فيها الوزارة حين كانت تشرف على كل ما يخصها في التعليم حتى في تلك المباني ضمن مديرية فيها تلاشت وانتهت.

تحديات منظومة التعليم لا تقف عند هذه الحدود والنقاط المذكورة، لكن سعة المقال تجعلني أقف الآن أمام أسئلة أكثر من بينها فلسفة التعليم وتلك الإستراتيجيات الموجودة على مواقع الدولة الرسمية تحت اسم 'إستراتيجيات وطنية' محددة بسنوات تنتهي إما هذا العام أو القادم وبنتائج لم يتحقق منها إلا أقل القليل.

في المحصلة، أكبر تحديات الدولة الأردنية هو التعليم. سئمنا كل تلك الجعجعة وصار 'الطحن' استحقاقا بأثر رجعي لا يجب تأخيره.

الغد

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012