بقلم : عبدالحليم المجالي
17-06-2012 09:39 AM
كثير من علماء اللغة يؤكدون انه لايوجد كلمات مترادفة بالمعنى الذي نفهمه , مثلا الانتخاب غير التصويت وان كنا نقصد معنى واحدا لكلا الكلمتين . لفظ الانتخابات احدث من التصويت والذين عاصروا عمليات الاقتراع في الماضي غير البعيد يذكرون جيدا ما كان يطلق عليها : التصويت , فيقولون يوم التصويت وصوتنا لفلان وهكذا .المعنى لكلا اللفظين مختلف , الانتخاب معناه التميز بين اكثر من شخص تقدموا لاشغال وظيفة ما , وبافضلية ذلك الشخص على غيره في القدرة على تنفيذ المهام المطلوبة منه , اما التصويت فيعتي حشد اكثر الاصوات ليفوز من نرغب بفوزه بغض النظر عن وجود من هو احق منه , على مبدأ عد ارجالك وارد الماء.
في مصر المحروسة , وفي الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة وصل مرشحان , الدكتور محمد مرسي والمعروف بمرشح الاخوان والفريق احمد شفيق مرشح الفلول كما يحلو للبعض وصفه . الاثنان بفهوم الثورة والثوار لايرقيان الى مستوى الطموحات في التغيير وما بذل من اجل ذلك من دماء وشهداء .الاول يعتبره الكثيرون مصدر قلق للحريات العامة وللاقليات ويجسد الخوف من المرجعية الاسلامية للدولة المدنية المتفق عليها من الجميع , والثاني يجسد الخوف من العودة الى العصر البائد وكان الثورة لم تقم . انقسم المصريون بين تيارات ابرزها تيار ينادي بالمقاطعة وتيار ينادي بابطال الصوت – ليلغي مفهوم الانتخاب – وتيار مع مرشح الجماعة وحزب الحرية والعدالة وتيار مع الفريق شفيق كفارس الامن والامان . من العبارات المدللة على الانقسام والحيرة بين المصريين : هما امران احلاهما مر , نحن بين الكوليرا والطاعون , ايهما افضل من قلع عيني اليمين ام من قلع العين الشمال , نحن المصريون في حوسة لايعلم مداها الا الله , نحن بين احمد ومحمد , قالها اخ قبطي ليبين ان كلا المرشحين مسلمان وان ادعى احدهم ذلك صراحة .
في ظل الظروف الموضوعية للعملية الانتخابية وتعقيداتها وغياب دستور ناظم للعملية السياسية وحل البرلمان والصراع بين السلطات فانني اعتقد ان التصويت اقرب الى الواقع من الانتخاب , وسيقاتل انصار كل من المرشحيين لحشد الاصوات اللازمة للفوز . لن نكون امام رئيس منتخب كما حدث في فرنسا التي شهدت تحولا في هوية رئيسها , ولن يقبل المصريون بالنتيجة , وسيتبع ذلك قلاقل واحتجاجات وقد تعود الثورة الى المربع الاول من حيث الحشد في ميدان التحرير والنضال من جديد وبذل المزيد من الدماء ويعود الشعب الى المزيد من المعاناة . الثقافة الديموقراطية والخبرة في ممارستها وبعبارة اشمل ,كلما ازداد الجهل بين المقترعين وقل العلم بمضمون الديموقراطية , كلما اقتربنا اكثر الى التصويت وابتعدنا عن الانتخاب وكانت النتائج مفروضة علينا قد نقبلها على مضض ولكننا لن نفرط باول فرصة للانقضاض عليها .