بقلم : عميد متقاعد سامي المجالي
19-06-2012 10:10 AM
عضو مؤسس حزب المؤتمر الوطني الاردني
أرجو أن يتسع لي صدر دولة الرئيس لإقحام نفسي والتطاول احياناً بتجاوز الاعراف والتقاليد التي تتطلب مني التخندق مع الحكومة كون رئيسها بلدياتي بناءً على مصطلح ' الدم ما بصير مي' لكن بما أن دولته شرب دم اعضاء نادي الرؤوساء فعليه تحمل هذيان الرعية.
وعدتنا دولتكم بحكومة رشيقة وذلك بدمج بعض الوزارات والغاء أخرى معتقداً أن اسلوب تشكيل الحكومات قد تغير عنه في حكومتكم الاولى.ولكن ومع شديد الاسف وبعد أن تجلت لكم الحقيقة وهي انكم رئيس فقط وستتعرفون على فريقكم الوزاري لاحقاً. اكملتم المشوار !
اذا كان دولتكم يجهل وأنا أشك بذلك فالاستراتيجية المنشودة هي مواصلة الاجهاز على بقايا الطبقة الوسطى لسبب واحد لا ثاني له كونها منشغله بالهم العام وبالتالي هي الشريحة العريضة المقلقة. أما الذين لا يعرفون الاطريق الدوار السابع والمطار فتجاوز عنهم وتجاوز كذلك عن الشريحة التي تلهث وراء لقمة العيش وتأمين الحد الأدنى من مقومات الحياة ، وتعلمون دولتكم أن الفقر علاج لكثير من الاوجاع ،وان سياسة التركيع والتجويع تعتبر البلسم الشافي ، فالجائع لا يستوعب قوانين الاحزاب والانتخابات ولا كل القوانين الناظمة للاصلاح. هكذا يقول سلم الحاجات الذي يسلسل حاجات الانسان بداً بالشعور بالجوع والبرد والخوف. أما تحقيق الذات كالاشتراك بالاحزاب وخوض الانتخابات وفتح الصالونات السياسية فهي حاجات متقدمة لا يمكن الولوج بها قبل تخطي كل الحاجات الاولية ، وبالتالي فليس اسهل من الخراب مقابل العمار الذي يحتاج الى اهداف وخطط ومال وجهد ، فإفتعال أزمة مياه خانقة ستكون كافية لتقزيم طموحات همام سعيد من قانون انتخاب عصري الى الحصول على متر ماء. والقضية ستنطلي كوننا وعلى الدوام نتغنى بأننا أصبحنا رابع أفقر دولة في العالم مائياً بعد أن كنا من أفقر ععشرة دول. واذا ما سألنا أنفسنا لماذا نحن فقراء الى هذا الحد؟ تجد الاجابة في فشل السياسات المائية على مر العقود فالضخ الجائر دون مراقبة او دراسة ، فكم من المياه تهدر لإنتاج كميات فوق الحاجة يصعب حتى تسويقها لتشكل عبء وبالتالي تتلف ونكون خسرنا المنتوج والجهد والمال والماء .وكذلك ما هو حجم الفاقد من الماء؟ الذي قد يصل في عمان الى أكثر من الـ 50% بحجة اهتراء الشبكة.وكذلك كم يجمع من الـ 9مليارات متر مكعب معدل سقوط الامطار علينا سنوياً. وماذا قدمنا لمشاريع الحصاد المائي والتي لا تتعدى نخوة مقاول.بمكنه عمل الحفائر التي نحتاج لسد جزء من حاجة مربي المواشي والاستفادة من الاعشاب والحشائش التي تنمو حولها ورفد مخزوننا الجوفي.
سمعنا عن جر مياه الديسي في الوقت الذي كانت التكلفة لا تتجاوز الـ 50 مليون دينار يعني جزء بسيط من المال المنهوب وها نحن الآن ننفذ المشروع بمبلغ يزيد على المليار ونصف المليار دينار.
سيدي الرئيس انجازاتكم لا تتعدى جرأتكم في تجويع الشعب وذلك برفع الاسعار وتستخفون في عقولنا وكأن رفع تسعيرة الكهرباء لا تنعكس على أسعار المجمدات والمبردات على سبيل المثال.
أتذكر دولتكم شعار الملك الراحل ((أردن أخضر عام الفين)) وهل تعلم دولتكم بأن مشاتل الحكومة تنتج سنوياً اكثر من 8 مليون غرسة حرجية على اختلاف انواعها . يمكنني الجزم باننا لا نرفد الحراج سنوياً بأكثر من ثمانية غرسات والباقي يضيع. انظر الى الغابات المحدودة تجد أن عمرها يزيد على الـ خمسين عام وهذا يعني اننا كنا نشتغل صح والآن نشتغل غلط.
وهناك من يعتقد بأن امام الملك لا يزال في الوقت من بقية والوقت كالسيف اذا لم تقطعه قطعك ، القيام بثورة مستفيداً من تجربتي مهاتير محمد اوردوغان متجاوزاً ديفد كاميرون الذي هو واجداده اصابونا والأمة بجروح بليغة في اكثر من موقع ولا تزال تنزف ، علاجها قد يتجاوز قدراتنا المبعثرة ، فزيارات مدينة الضباب يجب ان لا تكون الا لوصل الرحم لا أكثر.
ولكن كيف لنا أن ننسل من الجو المليء بكتل الغيوم السوداء التي تحجب الرؤيا ، واعلامنا الرسمي يتناسى أننا في العام 2012 ولا يزال يعتمد اسلوب الاهازيج 'لوح بيدك لوح جيشك وشعبك يحبونك' المقياس المعبر عن الولاء والانتماء. واذا ما اردت تفقد الشاشة الوطنية تفاجىء بالوجوه نفسها التي سرقت ونهبت وعاثت فساد ولا تزال تنظّر وكأنها لم تعد مكشوفة . تتجسد القناعات بأن لا فائده من اعلامنا لانه لايزال في سبات عميق علاوة على المرض المستعصي ونتسائل كيف لاشخاص مرعوبين من الداخل ومحكومين بسقوف وقبلوا على أنفسهم ذلك من منطلق ' مشمشية' مجاراة العالم والاستفادة من التكنولوجيا المتطورة صعب.
وللحديث بقية.