أضف إلى المفضلة
الخميس , 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
الخميس , 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


عندما يصرح وزير التربية والتعليم العالي: اختلالات التخصصات الطبية

بقلم : الأستاذ الدكتور عبدالله سرور الزعبي
16-09-2023 11:53 PM

سبق وان تحدثت في مقال سابق عن القبولات في الكليات الطبية، إلا أنني أعود إلى الموضوع وذلك بعد اطلاعي على تفاصيل الحوار الشامل لمعالي وزير التربية والتعليم العالي والمنشور في موقع جفرا نيوز بتاريخ 2023/9/12 والذي تحدث فيه عن أبرز المستجدات التي طرأت على العملية التعليمية.

ان ما لفت انتباهي عدد من النقاط التي تحدث عنها الوزير، والتي منها التوسع في ترخيص الكليات الطبية، معتبرا ذلك بانه غير مبرر، وأن الأردن ليس بحاجة لها، وكذلك قوله بأن إغفال معالجة الاختلالات في التخصصات الطبية يعتبر خيانة وطنية (كما هو منشور في موقع جفرا)؟ ولكنه لم يشر إلى من الذي تسبب بها.

وهنا لا بد من التوقف عند هذا، والتساؤل، اليس مجلس التعليم العالي الذي قام بمنح الترخيص لإنشاء كليات في تخصص الطب وطب الاسنان قبل سنتين؟ وهو ذات المجلس الذي رفض منح الترخيص والتوسع في ذلك قبل 3 سنوات؟ الا يثير الاستغراب أن يقوم نفس المجلس بالرفض ثم بعد خروج وزير ودخول آخر تتم الموافقة، واعتقد بان الوزير الحالي كان نائباً لرئيس مجلس التعليم العالي في تلك الفترة، وهو الذي يؤكد على أن التوسع كان غير مبرر؟
كما تحدث الوزير عن أعداد الخريجين والتي ستتراوح خلال الخمس سنوات القادمة ما بين 4000-5000 خريج ولا قدرة لسوق العمل المحلي والإقليمي على استيعابهم، ويقول أيضا بان قرار التخفيض لم يكن مفاجئا، وان هناك قرارا تم تعميمه على الجامعات بتاريخ 2022/8/31 يتضمن تخفيض أعداد الطلبة المقبولين في مقاعد الطب، وهذا يؤكده وزير التعليم العالي السابق في تصريح له لوكالة الانباء الأردنية والمنشور في جريدة الرأي يوم الجمعة 2023/9/8، بأن القرار متخذ في السابق وليس جديدا، إلا أن كليهما لم يشيرا إلى أن أعداد الطلبة الذين تم قبولهم بعد شهرين من اتخاذ القرار، هي أرقام غير مسبوقة وصلت إلى 5888 طالبا (القبول العادي والموازي وغيرها، حسب احصائيات وزارة التعليم العالي)، وهنا السؤال: كيف لمجلس التعليم العالي أن يصدر مثل هذا القرار وبنفس الوقت يسمح بقبول هذه الاعداد في تشرين الأول من عام 2022 (أي بعد اقل من شهرين على تعميم الكتاب) وكيف سمحت هيئة الاعتماد كجهة رقابية بذلك؟
وتشير احصائيات وزارة التعليم العالي بانه خلال العام 2021 و2022 تم قبول 10496 طالباً في تخصص الطب (قبول عادي ومواز وغيرها) وهي نسبة تتجاوز 47 % من اعداد الطلبة الموجودين على مقاعد الدراسة (22134 طالباً حسب الورقة المقدمة من الدكتور شديفات في الجلسة الحوارية لجماعة عمان لحوارات المستقبل)، لقد تخرج عدد منهم صيف هذا العام، وهنا نتمنى على الوزير أن يعطينا تسمية لمثل هذه الإجراءات التي اتخذت منذ تشرين الأول 2021 إلى تشرين الأول 2022 وأدت الى حدوث هذه الاختلالات في قطاع التعليم الطبي والقطاع الصحي في الوطن. وهنا يمكن طرح السؤال: هل قرارات مجلس التعليم العالي مرتبطة بشخص الوزير، وهنا اذكر بانه سبق وان كان لي تجربة مع مجلس التعليم العالي، حيث تقدمت جامعة البلقاء في عام 2019 بطلب الموافقة على تنفيذ برنامج المسارات المهنية (لكافة المستويات التعليمية وبما يتماشى مع مستويات الإطار الوطني للمؤهلات)، وهو برنامج وطني يهدف الى تغيير اتجاهات التعليم والاعتماد على المهارة، إلا أن القرار كان برفض البرنامج دون إبداء الأسباب، ثم وافق المجلس على تنفيذه في آب 2020 بعد خروج الوزير ودخول آخر، ثم استغرق الوقت سنة كاملة (آب 2002) للموافقة على تنفيذه في أربعة تخصصات كخطوة أولى.
وفي المقابلة المنشورة في موقع جفرا نيوز، أشار الوزير ايضاً إلى أن انعدام التخطيط المسبق للبلاد يضر بمصالح أفراد الشعب، ولكنه لم يشر إلى وجود الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية للأعوام 2016-2025 والتي تم اعدادها من قبل فريق كبير من الخبراء برئاسة وزير التربية والتعليم العالي السابق وأطلقت تحت رعاية ملكية سامية عام 2016، ولم يتبق على الانتهاء من تنفيذها الا سنتان، ومن حقنا هنا أن نسأل هل كافة القرارات المتخذة في السنوات السابقة وخاصة الأخيرة منها تتفق مع تلك الاستراتيجية وتحقق أهدافها؟
كما اطلعنا على قرار مجلس التعليم العالي المتخذ بتاريخ 2023/9/11 (المنشور في الكثير من المواقع الإخبارية) برفع الحد الأدنى لمعدل الثانوية العامة المطلوب للدراسة خارج الأردن في تخصص الطب وطب الاسنان ليصبح 90 % اعتباراً من بداية العام الجامعي 2024-2025، وهذا المعدل يعتبر أعلى من الحدود الدنيا لمعدلات القبول في هذه التخصصات في الأردن (85 %)، حيث كان من المفروض رفعها في الجامعات الأردنية قبل ذلك، والسؤال هنا، ماذا لو حصل احد الطلبة على قبول في الجامعات العالمية المرموقة لدراسة الطب مثل كمبردج، أكسفورد، هايدلبرغ، قوتنغن وغيرها، هل من الممكن ان لا يتم الاعتراف بالشهادات الصادرة عنها؟
كما انني وكمتابع للشأن الأكاديمي منذ أكثر من عقدين من الزمن، أقول بان هناك الكثير من مواقع الخلل والتي ان استمرت ستؤدي الى تعاظم مشكلة التعليم العالي في الأردن ومنها منح الرتب الاكاديمية كرتبة الاستاذية (برفسور) لغير مستحقيها، وعلى الرغم من قلة عددهم الا انه من الممكن ان يتسلل البعض منهم أو قد تسلل إلى مواقع قيادية في المجتمع الأكاديمي، مما سينعكس سلباً على المجتمع الأكاديمي المحترم والذي نثق به وبقدراته وكذلك الجامعات.
اننا نقف إلى جانب وزير التعليم العالي لمعالجة الاختلالات التي حصلت في السابق وتفاقمت خلال السنوات الأخيرة الماضية وتحديداً 2021 و2022، ولكن هل من الممكن لمجلس التعليم العالي الذي سمح بحدوثها ان يقوم هو على معالجتها؟ وهل قامت هيئة الاعتماد بدورها كجهة رقابية مستقلة؟، ام أن الأمر منوط بشخص الوزير، وهل ما يزال لدينا الوقت لتحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية ام سنبدأ بالإعداد لواحدة أخرى؟

الغد

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012