بقلم : يسري غباشنة
20-06-2012 09:48 AM
في مؤتمره الصحفي المشترك مع وزراء آخرين يوم السبت الفائت، قال معالي وزير المالية المحترم: دلونا على من نهب المال العام، خلينا نقبض عليه الآن.
معالي الوزير، عندما سئل أعرابي عن حقيقة وجود خالق أجاب بفطرته وغريزته: البعرة تدل على البعير، والأثر يدل على المسير؛ فسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج، ألا تدل على العليم الخبير!
معاليك، بما أن هناك مالا منهوبا، فهناك ناهب. وحيث إن هناك أراضي مسروقة، فهناك سارق. ولأن هناك مديونية وعجزا ماليا في خزانة الدولة، فهناك لصوص محترفون. وعندما نقلب النظر يمنة ويسرة ونرى مباعر للفساد منتشرة، إذن، هناك أباعر وفاسدون.
معاليك، إن كان ما غاب عن أعيننا لا حاجة لنا إلى دليل على وجوده؛ فأثره ودلائله وعلاماته ومؤشراته دليل عليه. ولا يعني عدم رؤيته عيانا عدم وجوده. فما بالك بما نسمع ونرى ونشعر ونتلمس من دلائل على نهب المال العام. وهذا النهب بكافة صوره وأشكاله غير متوقف. وفي كل يوم تطالعنا المواقع الإخبارية بفضائح مالية أو عقارية أو ما يعرف بالبزنس لعرابي هذه المافيات التي تضرب في خاصرة الوطن؛ فمعظم أراضي الديسة مثلا حكر على متنفذ واحد يصول ويجول بها وبمياهها مجانا أو شبه مجان. وبعض أراضي البحر الميت قد استولى عليها الباشوات ومخاتير هذا الزمن الرديء، ومؤسسات البلد ومقدراته بيعت بيع الجمل بما حمل. والقائمة طويلة-معاليك- دون نقطة في آخر السطر؛ فالقائمة مفتوحة.
معاليك، عندما تقول إن الحكومة ليست مسؤولة عن ملاحقة الفاسدين والكشف عن الفساد، فمن- يا ترى-المسؤول! المسؤولية ليست كرة تتقاذفها هذه الجهة أو تلك. وإلا سيقع المواطن بين حانا ومانا يتقاذفه عديمو المسؤولية من السرسرية وأذنابهم؛ عندها تستأسد الدويبات على الخيول الأصيلة. وحينها، سيتحكم فينا الحفاة العراة الذين كانوا لفترة قصيرة مضت أصحاب مكاتب تجارية بسيطة، فإذ بهم بين ليال وضحاها من أصحاب الملايين وأرباب الممتلكات. وإن لم تفتح هذا الملف أنت أو من هم في مستواك مسؤولية ومهاما، فمن سيفتحه إذن؛ فنحن كمواطنين غير مخولين بفتحه لعدم قدرتنا على الوصول إلى ما يثبت صنوف الفساد من وثائق ومستندات وغيرها تدين هذا النفر. هذا النفر أو بعضه على لسان كل أردني؛ في الشارع والمتجر، في كل زاوية وركن من أرجاء هذا البلد الذي اكتوى بنار هؤلاء وأشباههم وسلالاتهم. هذا النفر أو بعضه تجده لطخة سوداء تتوسط قطعة قماش محمولة في مسيرة أو اعتصام. هذا النفر أو بعضه تجده يتصدر عناوين متناثرة هنا وهناك في جميع المواقع الإخبارية، بفضائحهم وصفقاتهم.