أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


هل يكرر بايدن ما فعله أيزنهاور أم ما فعله كارتر؟

بقلم : داود عمر داود
17-10-2023 02:46 PM

يبدو أن إسرائيل، بزعامة بنيامين نتنياهو، قد أوصلت الأمور إلى منتهاها، بحيث يُضطر الرئيس الأمريكي جو بايدن أن يحضر إلى المنطقة شخصياً وعلى وجه السرعة، ليجتمع بقادة إسرائيل، ثم يأتي إلى الاردن، حيث يلتقي الملك، بحضور الرئيس المصري ورئيس السلطة الفلسطينية.

ظاهر الزيارة غير باطنها:

قال البيت الأبيض في إعلانه عن الزيارة أن بايدن سيؤكد خلالها دعمه لإسرائيل، بينما الواقع يشير إلى غير ذلك تماماً. فقد تعرضت إدارة بايدن لحرج كبير من إسرائيل، حين أعلن وزير خارجيتها، توني بلينكن، عن التفاهم الذي توصل اليه مع نتنياهو لوقف الغارات الإسرائيلية على المدنيين، وفتح معبر رفح أمام مغادرة الأجانب، وإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، وإعادة ضخ مياه الشرب إلى جنوب القطاع.

تنصل نتنياهو من الاتفاق:

وقد أبلغت السفارة الأمريكية في تل أبيب رعاياها بالانتظار قرب المعبر، لحين فتحه، عند الساعة التاسعة من صباح أمس الثلاثاء. كما ذهبت جموع المغادرين إلى المعبر، فوجدته ما زال مغلقاً. إذ تراجع نتنياهو عن تفاهماته مع بلينكن، بدون حتى إبلاغ الجانب الأمريكي.

ولم يمر وقت طويل حتى أنكر نتنياهو الاتفاق مع بلينكن. إذ أعلن مكتبه أنه 'لا اتفاق على هدنة حالياً أو إدخال مساعدات إنسانية إلى غزة مقابل إخراج الأجانب'. تبع ذلك إعلان رسمي، من وزير خارجية مصر، أن نتنياهو تنصل من الاتفاق وقال: 'مع الأسف لم تسمح إسرائيل حتى الآن بإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة'.

نتنياهو يتحدى أمريكا:

وهنا شعرت إدارة بايدن بحرج كبير نتيجة خداع نتنياهو لها. فالتقى بلينكن، الذي حضر من مصر، مع الطاقم الوزاري المصغر بحضور نتنياهو ووزير دفاعه، فكان الإصرار الإسرائيلي بعدم التجاوب التام مع أيٍ من المطالب الأمريكية، لتهدئة الموقف في غزة. واستمرت الغارات الجوية الإسرائيلية، لتدمير مزيدٍ من المباني السكنية، وقتل عدد أكبر من المدنيين، حتى طال القتل أسراها. وبناء على هذا التعنت والصلف الإسرائيلي، جاء إعلان البيت الأبيض، فجر اليوم الثلاثاء، عن الزيارة العاجلة لبايدن إلى المنطقة.

بايدن سيحاول إطفاء الحريق:

إصرار نتنياهو على مواصلة حملته، لتدمير غزة وقتل وتجويع أهلها، أمر له تبعات خطيرة، على الوضع في الإقليم، وعلى أمريكا نفسها. فجاء رئيسها بايدن راكضاً ليحاول إطفاء الحريق الكبير المشتعل، وليُجّبر إسرائيل على وقف صب مزيدٍ من الزيت عليه، قبل أن يتسع الفتق على الراتق، فيمتد الحريق ليشمل المنطقة برمتها. وتبدو إسرائيل اليوم منفلتة من عقالها، متمردة على أسيادها.

إسرائيل مصممة على الانتحار:

وهذا ما حدا ببايدن أن يحضر إلى المنطقة بنفسه، على جناح السرعة، بعد أن فشل وزير خارجيته بلينكن في مهمة إقناع نتنياهو بوقف الغارات على المدنيين، وإدخال الطعام والشراب والمساعدات الإنسانية إلى القطاع، وقبل أن تصل الأمور إلى نقطة اللاعودة. وتفيد الأنباء أن الأمر وصل إلى حد أن هدد بلينكن إسرائيل بوقف المساعدات العسكرية إذا لم توقف الحرب، لكن نتنياهو أصر على موقفه الرافض، غير عابئٍ بالضرر الذي سيلحق بمستقبل ووجود كيانه.

هل يتكرر مشهد العدوان الثلاثي عام 1956؟

هذا الصلف الإسرائيلي، في تحدي أمريكا، ربما يُذكّر بما حصل بعد العدوان الثلاثي على مصر، الذي بدأ أواخر تشرين أول اكتوبر، عام 1956، حين قامت كلٌ من إسرائيل وبريطانيا وفرنسا، باحتلال سيناء، وقطاع غزة وقناة السويس. وكان لهذا العدوان تبعات على الساحة الدولية. إذ ساهم في تغيير ميزان القوى في العالم، فتراجع على إثره نفوذ القوى الاستعمارية القديمة، بريطانيا وفرنسا، وتألق نجم القوى الاستعمارية الصاعدة، الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي السابق.

أدانت واشنطن وموسكو الحرب على مصر، التي استمرت خمسة أسابيع، لغاية 7 تشرين ثاني نوفمبر 1956. ولما رفضت القوى المعتدية الانسحاب، ما كان من الرئيس الأمريكي في حينه، دوايت أيزنهاور، إلا أن وجه تهديدا للأطراف الثلاثة باستخدام السلاح النووي ضدها إذا هي لم تنسحب من سيناء. إلا أنها رضخت، وأتمت القوات الإسرائيلية انسحابها من سيناء في 16 آذار مارس 1957.

الخلاصة: إسرائيل بين بيغن ونتنياهو:

عندما صعد 'اليمين' الإسرائيلي إلى سدة الحكم لأول مرة عام 1977، بزعامة 'مناحيم بيغن'، ورث من الحكومة السابقة برئاسة 'اسحق رابين' اتفاقية السلام مع مصر شبه جاهزة للتوقيع. فوجد نفسه مجبراً على التعاطي معها، وهو الرافض لمبدأ 'الأرض مقابل السلام'، ولم يترك له الأمريكيون أية فرصة للتملص منها، رغم مماطلاته وألاعيبه. ولما حان وقت التوقيع أخذ بيغن يتردد، فأرسل له الرئيس 'جيمي كارتر'، عرّاب الاتفاقية، وفداً إلى فندقه في نيويورك وخيروه بين أن يوقّع أو يوقّع!!! فاختار أن يوقّع مرغماً!.

ومن رحم نفس التيار الفكري اليميني، خرج 'بنيامين نتنياهو' الذي ظل، لسنين طويلة، يتملص من قبول الخطة الأمريكية بحل الدولتين. فهل يخيّر بايدن اليوم 'نتنياهو' بين أن يقبل بحل الدولتين أو أن يقبل؟



التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012