بقلم : يسري غباشنة
28-06-2012 08:55 AM
في إربد، كما في غيرها من مدن المملكة، يعد انتشار البسطات العشوائية ظاهرة تستدعي حلولا قانونية ذات بعد إنساني واجتماعي للحدّ من ضررها، دون قطع أرزاق العباد. وخاصة بعد أن تطاولت هذه البسطات على الشوارع في مناطق محددة؛ وسط البلد التجاري، سوق البالة، شوارع الجامعة والسينما والتعبئة، وغير ذلك من مناطق أصبح المرور فيها عسيرا على الماشي والسائق معا. فبعد احتلال البسطات التي تجاوز عددها ثلاثة آلاف بسطة وفق أقوال رئيس غرفة تجارة إربد، أصبحت هذه البسطات تغزو الشوارع أيضا. ومن أجل التحديد وبعيدا عن التعميم، خذ شارع السينما مثالا على ذلك؛ حيث يعيق مرورك ماشيا أو سائقا مركبتك بسطات معلق عليها أحزمة وبضائع أخرى تنتصب في وسط الشارع تماما؛ فإلى يمين البسطة تجد السيارات المركونة على نظام الأوتو بارك، وإلى يمين هذه السيارات تجد الرصيف المليء بالبسطات والعوائق الأخرى. أي أن الجزء الأول من الشارع محجوز للسيارات المركونة، في حين يبدأ الجزء الثاني من الشارع والذي يفترض مرور حركة السيارات فيه غير خال من هذه البسطات التي تفاجئك أمامك مباشرة، فتضطر إلى المناورة بعيدا عنها وفي الوقت نفسه متحاشيا المارة من المواطنين الذين لم يجدوا مكانا لهم على الرصيف، فنزلوا إلى الشارع. وبعد الاستعانة بالبسملة والحوقلة والحمد لخروجك من هذا المأزق منحرفا صوب الشمال، تفاجأ مرة أخرى بعوارض خشبية موضوعة على الشارع بجوار الرصيف الشمالي مكتوب عليها: تنزيلات حقيقية، فتضطر إلى الابتعاد عنها نحو اليمين. وما أن تنعتق من هذا المكان المكتظ متجها بسيارتك نحو الشرق إذ بك تصادف على يسارك مخلفات بناء من بلوك، وأخشاب قصيرة ملأى بالمسامير، وأسمنت وغير ذلك؛ هذا مثال فقط على التسيب والفوضى والانفلات الذي يعانيه المواطن.
وللمفارقة العجيبة؛ إن توقف سائق سيارة لبضع ثوان تجد موظفي الأوتوبارك يهرعون نحو الزجاج الأمامي لسيارتك لمخالفة اللوائح والقوانين والأنظمة التي تفرضها الشركة التابعة للبلدية إن لم يكن معك بطاقة وقوف فرضوها على المواطن لتحسين خدمات شوارع المدينة كما يزعمون؛ ولكـن العملية ليست إلا (تشليحا) في الوقت الذي تسيطر فيه مافيات البسطات على حقوق المارة والسائقين. هذا إضافة إلى مثالب أخرى تتمثل في التحرش اللفظي أو الجسدي من قبل بعضهم. وكذلك تهديد آخرين منهم لأصحاب المحال التجارية التي يضعون أمامها بضائعهم المستوردة. وما تزال شوارعنا من أسوأ إلى أكثر سوءا.
زد على ذلك انتشار الأكشاك والمقاهي المتنقلة، بأراجيلها وفحمها وقاذوراتها ومخلفاتها في شارع الثلاثين مثلا ، وكذلك غرب مدينة الحسن الرياضية وشرقها، وشارع الجامعة. فبعد انتهاء التعاليل والسهرات مطلع الفجر ترى العجب من النفايات والقاذورات التي خلفوها وراءهم.
إن كان هذا حالنا الآن، فليت شعري كيف سيكون عليه الحال في رمضان الفضيل الذي سيهل علينا الشهر القادم بإذن الله. إن نجوت من الاصطدام بعرباية تمر هندي، فلا أظنك تنجو من التعثر بعرباية ذراية أو قطايف أو كرابيج حلب. حيث يزداد في هذا الشهر الفضيل منسوب الفوضى والعشوائية سعيا وراء الرزق نعم، ولكن لا بد من تنظيم هذه السوق تنظيما حضاريا وإنسانيا لا يمس بسعي العباد إلى رزقها.
ومن هنا، فالحاجة ماسة لتكاتف جهود المعنيين بالأمر كافة: المحافظة، ومديرية الأمن العام، والبلدية، وغرفة التجارة وكل من يعنيهم الأمر للحيلولة دون معاناة المواطنين؛ باعة ومشترين. فهناك مناطق قد تكون صالحة لتوفير أسواق بديلة لهؤلاء مثل: مجمع الشيخ خليل، مجمع الأغوار والكورة القديم، المنطقة الشرقية من مجمع الأغوار والكورة الجديد. وغير ذلك من مناطق يتوخى فيها تغطية كافة النواحي. أو أي حل قد يكون مناسبا.
ولكن إن انعدمت الحلول لبعض مشاكل المواطنين في تفكير المسؤولين؛ فتلك مصيبة. عندئذٍ، يجب البحث عن رجال مناسبين في أمكنة مناسبة حتى لا يبقى المواطن رهين السياسات الفاشلة والحلول الترقيعية الآنية التي لا تُبنى على استراتيجيات بعيدة المدى. وإن بقي الحال على ما هو عليه، فدعنا نتوسل لأصحاب البسطات قائلين لهم: خذوا الرصيف مباركا عليكم، واتركوا لنا من بعد فضلكم الشوارع.