أضف إلى المفضلة
الجمعة , 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
الجمعة , 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


سقوط تاجر غشاش

بقلم : فايز شبيكات الدعجة
06-02-2024 02:06 PM

لم يفرح اهل الحي مثلما فرحوا بنبأ تعرض تاجرهم للسقوط، وتشوه وجهه على ذلك الشكل المثير للضحك، فاتخذوه هُزُوا، وضحكوا كلهم حتى بدت نواجذهم، وانتزع احتقارهم وشماتتهم بالاجماع.

كان باختصار يغشهم ما استطاع الى ذلك سبيلا، ويتلاعب بالاسعار، ويبيعهم طعاما فاسدا، وبضاعة منتهية الصلاحية او على وشك الانتهاء،لا يمهل الدائنين، ولا يعترف بالحالات الانسانية، وكانت مسموعاته الاخرى جيدة لكن الى حد ما.

بيد انهم كانوا ملزمين على التعامل معه لعدم توفر بديل آخر او خيار ، ذلك انه التاجر الوحيد ،وهو الذي يؤمن لهم احتياجاتهم من غذاء ولباس، واغلب مسلتزمات الحياة وادوات البيت، وحتى العمل في ذلك الفج الزراعي العميق،
وقد كفاهم مشقة السفر لاحضارها من مناطق نائية، وكان متنوع التجارة فلديه سوقه المصغرة وفيها كل ما يطلبون.

ذات صباح كان منهكا مرعوبا معلقا في اعلى السلم ويتأرجح ويوشك على السقوط ويكافح للنجاة، كان طرف ثوبه قد نشب بأحدى زوايا اعلى السلم وكان يتمسك بلا جدوى بما على الرف لكنها تتساقط، وكلما امسك بشيء سقط، ويمسك بغيره فيسقط ايضا ويكاد يهوي للارض . واخذ السلم ينزلق ويميل بما عليه من بضاعة وحمل ثقيل .

وبينما كان يلوح هو وسلمه في الهواء وينهمر العرق من جسده في آب اللهاب ، حتى كاد يغرق ارضية المكان، وقد تعب فخارت قواه واوشك على الاستسلام للقدر، وبينما هو كذلك ولج ولد وطلب من فوره علبة سردين، مضيفا انه يريدها صالحة للاستهلاك البشري وغير منتهية الصلاحية، وابلغه انه سوف يتأكد من ذلك بنفسه قبل القيام بعمليتي الدفع والاستلام،. نظر اليه الشايب بغضب والشرر يتطاير من عينيه وتوعده بالويل ما ان يهبط الى الارض، لكن الولد سخر من هذا التهديد مكررا الطلب وكان الرجل لحظتها يكاد يقع وقال.. لا عليك، هذا إن نجوت، واستأنف طلب العلبة على سبيل الشماتة، غير انه التفت اليه ورد .. ابوك لابو السردين يا ابن الذين.. فاكتفى الشقي بالضحك واتكأ على زاوية الباب يرقب المشهد، وكيف سيسقط هذا اللئيم.

وتطور الموقف عندما بدأ سروال التاجر بالهبوط التدريجي وبانت اطراف ما هناك، ما زاد من قهقهات الولد، غير ان رجلا جاء وانقذه من المأزق، واول ما قام به قذف الحذاء على الولد الذي فَر فاخطأ الهدف، ولحق به بلا جدوى، فتوقف ليستدير ويمطره بوابل من الحجارة اصابت وجه الغشاش ووضعت به علامة قبيحة وتركته لايام على ذلك الحال الذي اضحك زبائنه الكرام.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012