أضف إلى المفضلة
الجمعة , 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
الجمعة , 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


اجتياح رفح حصاد العدوان

بقلم : أحمد حمد الحسبان
14-02-2024 07:02 AM

يخطئ من ينظر إلى المشروع الإسرائيلي لاجتياح رفح على أنه مرحلة مستجدة من مراحل العدوان على غزة. فالعملية التي يجري الإعداد لها على قدم وساق ما هي إلا ذروة العدوان وحصاده. وتندرج ضمن المشروع الذي ترفعه حكومة التطرف والذي خططت وأعدت العدة للوصول إليه والعمل على تحقيقه بحيث يتحول القطاع إلى أرض محروقة خالية من السكان تحكمه بالطريقة التي تراها مناسبة لمشروعها التوسعي.


فهي التي أوهمت الغزيين ـ تحت نيران مدافعها وطائراتها وصواريخها، ومنذ بدء الاجتياح البري، بضرورة ترك منازلهم والتوجه إلى محافظات الجنوب التي وصفتها بأنها مناطق آمنة. وكثفت من القصف حتى دمرت أكثر من سبعين بالمائة من المنازل في الشمال، وأوصلتهم إلى محافظة رفح ليصل عدد اللاجئين الغزيين فيها إلى أكثر من مليون وربع المليون، إضافة إلى سكانها الأصليين الذين يصل تعدادهم إلى ثلاثمائة ألف إنسان. وهي التي طرحت مشروع التهجير إلى سيناء قبل أن تواجه بمعارضة أردنية وعربية ودولية ورفض مصري قاطع.

فحكومة التطرف هي صاحبة المشروع، وهي التي خططت ونفذت للوصول إلى الحالة الراهنة، التي يصفها متابعون بأنها حالة اكتظاظ غير مسبوقة مصحوبة بجوع ومرض وأوبئة وانعدام وسائل الإيواء.
ما يعزز القناعة بأن إسرائيل ما زالت تسعى إلى تهجير الغزيين من رفح إلى الأراضي المصرية أنها ترفض إعادتهم إلى مناطقه الأصلية في الشمال والوسط، وتتمسك بفكرة تهجيرهم، ما يطرح السؤال « الى اين؟» .
غير أن الجانب المصري يتمسك بشدة برفض المشروع، حيث وصل الأمر إلى حشد قوات عسكرية ووضع وحدات من الجيش المصري على أهبة الاستعداد لمواجهة أي طارئ.
فالبديل في هذه الحالة هو عملية إبادة جماعية لأكثر من مليون ونصف المليون نسمة في عملية عسكرية يدعي زعيم التطرف» نتنياهو» في حديثه مع الرئيس الأميركي جو بايدن أنها ستنفذ دون اختراق للقوانين الدولية.
الجديد في هذه الحالة أن بايدن قد أعطى الضوء الأخضر لتنفيذ العملية، التي يراها محللون ـ إن نفذت ـ أنها ستكون مجزرة بكل ما تحمل الكلمة من معنى. بينما يبدو نتنياهو وفريقه المتطرف متمسكين بالتنفيذ، بحجة أن تحرير الرهائن لا يتم إلا من خلال الحرب.
بايدن الذي وجه أكثر من مرة نقدا لرئيس الوزراء الإسرائيلي لرفضه الالتزام بالنصائح الأميركية ولتوسعه في قتل المدنيين، ومواصلة طرح مشاريع التهجير لسكان غزة، والعودة إلى احتلال القطاع أو إدارته عسكريا والذي أعلن رفضه للعملية العسكرية في رفح عاد وأعطى الضوء الأخضر لتنفيذها ضمن شروط، وبعد أن وعد نتنياهو بأن تنفذ العملية دون أية اختراقات للقانون الدولي، وأن جيش الاحتلال قادر على تحرير الرهائن.
وهما بذلك يديران ظهريهما لقرار محكمة العدل الدولية التي طالبت تل أبيب باتخاذ إجراءات وقائية للحفاظ على أرواح المدنيين وتقديم تقرير شهري بما تم تنفيذه في هذا السياق.
ويستند بايدن في ذلك إلى نجاح فرقة خاصة في تحرير اثنين من المحتجزين، الأمر الذي اعتبره نصرا لمشروعه، وتأكيدا على إمكانية تحريرهم عسكريا. وورقة يمكن له أن يطرحها أمام ذوي الأسرى الذين يمارسون ضغوطا لإبرام صفقة تحررهم وتعيدهم إلى أسرهم. ويروج لإمكانية استخدام تلك العملية كورقة ضغط على المقاومة من أجل التراجع عن بعض شروطها التي ضمنتها لردها على الورقة التي أعدها رؤساء أجهزة استخبارية اجتمعوا في العاصمة الفرنسية باريس.
فالمعلومات المتسربة تؤشر على طموح نتنياهو لدفع المقاومة للتراجع عن مطالبها بأقل ما عرضته الورقة. وبما يتماشى مع قرار حكومة الحرب التي رفضت العديد من المطالب بشكل كامل. ومن ذلك ما أعلنه بايدن عقب لقائه جلالة الملك عبدالله الثاني من أنه يسعى إلى فرض هدنة مدتها خمسة أسابيع.
كل ذلك لا يعني أن أركان التطرف في إسرائيل يمكن أن يتراجعوا عن مشروع التهجير الذي يرونه جزءا من الكيان. والذي يمكن تعليقه أو تأجيله وفقا للظروف والمستجدات. وفي الوقت نفسه يرون أن الظرف مناسب للسير فيه رغم المعارضة الداخلية والعالمية والإقليمية. ورغم التحذيرات بأن تنفيذه يعني مجزرة لم يشهد التاريخ مثيلا لها.
فالمهم عند نتنياهو أن يدخل التاريخ الصهيوني بمثل تلك المجزرة، وأن يرفض حل الدولتين ويستمر في الحكم بغض النظر عن النتائج. ما يشجعه على ذلك الموقف الأميركي الذي لا يبتعد عن الانحياز لإسرائيل.

الغد

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012