أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


أحلام ورغبات مشروخة ..

بقلم : د.صبري الربيحات
14-02-2024 07:11 AM

لا اعتقد ان احدا منا قد توقف عن الحلم، فالاحلام تعاودنا في كل لحظة نتوقف فيها عن الثرثرة او نغمض اعيوننا ونتوقف عن التحديق فيمن حولنا او تنفيذ ما يشغلنا من اعمال ومهمات.صحيح ان الأحلام رحلات تتخذها الارواح او النفوس بعدما ترفع رقابة العقل الواعي على الحواس.وهي تجربة مذهلة تأخذ النفس بعيدا في معارج الفضاءات المزدحمة بالناس والوقائع والصور او تغوص فيها الى اعماق اللاوعي وخبرات الماضي البعيد الذي قلما نبوح به لاحد .

بعض الرحلات ملهمة وجميلة وبعضها الاخر يفتح صندوق الخبايا من التجارب المؤلمة التي خزنت ويرفع الستار عن الخبرات المؤلمة التي نقاوم هيمنتها على ارواحنا ودينامياتها ..

المحزن ان البعض منا لا يمتلك ترف التمني لا لانه لا يرغب للاستسلام لهذا الاحساس الماورائي بل لكثرة المآسي والخيبات التي تحاصرهم ولتسلل الخوف والقلق الى كل المساحات التي ظنوا انها مصانة ومحمية ولاختناق الارواح وتعب الابدان التي اجهدت من مكابدتها .

أحلام الأردنيين هذه الايام كوابيس مرعبة فالخوف يحاصرهم من اليمين والشمال والقلق يختبئ في تفاصيل الاحداث اليومية ووعود التحديث وخطط الاصلاح وتطوير المناهج وقوانين المرور وكل النشاطات اللامنهجية.. ولا يوجد بين المتظاهرين حالم او قنوع فالكل متحفز ومحبط ومهموم فالتوتر مرتسم على طيات جبهات الكبار ورسومات الصغار ورجفات أيادي الامهات ..

الاردنيون الذين ظنوا ان المتنبي يتحدث باسم كل واحد منهم حين قال: على قلق كأن الريح تحتي.. اوجهها جنوبا او شمالا' يعايشون هذه الحالة في كل مجال فهم قلقون من التهديد الوجودي الذي يمثله العدو الصهيوني الغاشم ومحبطون بأن لا حيلة لهم في تقديم العون والمساندة لاخوتهم الذين يقتلون ويبدون على مرأى ومسمع العالم والاشقاء ويشعرون بالغلب والمرارة وهم يتلقون انباء تأمر بعض العرب وتواطأ الزعامات مع مخططات القتل والتدمير والتهجير للغزيين الذين احييوا في الامة الامل وبعثوا في اوصالها الحياة بعدما استكانت شعوبها واستسلمت لواقع لا يرضى به من يملك ذرة من الكرامة والكبرياء.

بالامس عدت من الارياف منهكا بعدما تفقدت أرجاء المكان الذي اعتدت على زيارته كلما اشتقت الى التواصل مع الأرض والتوحد مع عناصرها.. وعلى وقع اخبار القتل والابادة والدمار وشذرات من بيانات الادانة والاستنكار والتصريحات الارضائية الباهتة للإدارة الامريكية التي تجدد فيها تأيدها لحل الدولتين ذهب خيالي بعيدا للايام التي كانت فيها الامة العربية امة واحدة بملوكها وامراءها ورؤساءها واحزابها ورجالات ديانات شعوبها وشعوبها من المحيط والخليج ...في تلك الأيام كان الحلم واحدا والأمل واحدا والمجهود واحدا كانت الاقطار العربية متكاتفة متضامنه تسعى لاسترداد حقوقها والدفاع عن هويتها وكرامتها ومقدساتها ....

كانت الاقطار مصنفة الى صنفين هما المواجهة والمتمثلة في مصر وسوريا والاردن ولبنان ودول المساندة والدعم وهي المغرب والجزائر وليبيا والسعودية والعراق والكويت وبقية دول الخليج العربي التي تتولى توفير الدعم المادي والعسكري والسياسي لفصائل المقاومة ومنظمة التحرير ودول المواجهة العربية .

كان اجتماع العالم العربي لقاء خير وامل ودعم تتخذ فيه القرارات وترصد فيه الموازنات وتحرك فيه الجيوش ويوقف فيه ضخ البترول وقطعه عن من يناصرون أعداء الامة ..

هذه الصور تبددت اليوم فلم يعد المواطن يثق بما يقال بعدما اصبح بعض العرب متنكرين لهويتهم وادوارهم وبعدما تباين الأولويات وتشكلت الاحلاف في ضوء تعريفات جديدة للاصدقاء والاعداء.

لم يعد البعض يكترث للعروبة والبعض وجهة نظر مغايرة لما اعتاد اسلافهم على تعريفهم أعداء لقد انخرط جزء من عالمنا العربي باتفاقيات تطبيع وتعاون مع الكيان الغاصب دون انتظار او اعتبار لمشاعر وحقوق ونضالات الفلسطينين.

بالامس كان الاردنيون على موعد مع استقبال منتخب بلادهم العائد بموقع الوصيف لبطولة دول اسيا الكروية.. فلم تمنع انشغالات الناس بانباء استعدادات الكيان الصهيوني للهجوم على رفح الشعب الاردني المكلوم من الفرح.. فهم قد يختلفوا على كل شيء إلا على حبهم لهذا الوطن الذي حلفوا بترابه ان يبقى ويكون الكل فداه.. الفريق الاردني الذي أدى أداء اسطوري حاز على إعجاب الجماهير تجرع كأس الظلم وذاق مرارة الخذلان ومع ذلك حافظ على تماسكه وروحه القتالية فقدم مباراة نهائية رائعة فيها من المهارات والاحترافية والاخلاق وحسن الأداء ما يجعل كل اردني فخور بهذا النسب.

اليوم ونحن نسأل الستارة على الأداء الرياضي المميز وتداعياته نعود لنرقب بفارغ الصبر محلات الصراع الدائر في غزة العزة، ونسأل بكل حب وايمان عما يمكن ان نقوم به جميعا من اعداد لأنفسنا للدفاع عن بلدتنا وشرفنا وكرامتنا وامتنا أمام هذا العدو المتعجرف الغاصب القادم ذات يوم لا محالة.


التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012