أضف إلى المفضلة
الإثنين , 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
الإثنين , 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


غزة علمتنا ما لم نعلم

بقلم : رشاد ابو داود
19-02-2024 06:53 AM

لم أكن أعلم أن التمر بديل لحليب الأم للرضيع. وأن بالطين يمكن صناعة فرن يعمل بالحطب. وأن الطفلة ابنة التسع سنوات بامكانها أن تقوم مقام الأم لشقيقتها ابنة السنتين. وأن الطفل الأكبر يحل مكان الأب. وأن الانسان بامكانه أن يكتفي بوجبة واحدة في اليوم أو اليومين، ويأكل من عشب الأرض ان فقد طعام المطبخ. وأن يشرب من ماء المطر ان عز الماء المفلتر.
لم أكن أعلم أن لدى الانسان طاقة أكثر بكثير مما يعتقد فيقعد حزيناً. وأن الحزن ليس دافعاً للانكسار بل مقدمة للانتصار ان لم ندعه يتحكم فينا فيهزمنا. وأن الارادة أهم من الادارة. فلا جدوى من ترتيب الأولويات و الأوراق ان لم يكن لديك ارادة الفوز. وأن الحرية تُنتزع ولا تُمنح، فهي ليست هدية بل حق ثمنه التضحيات.
غزة علمتنا الكثير الكثير..
علمتنا ما لم نكن نعلم وان علمنا لا نتقدم. أن الكف يمكن أن تقاوم المخرز، وأن «لا.. تمشي الحيط الحيط وتقول يا رب الستر «. بل اقفز فوقه أو اهدمه أو..احفر نفقاً تحته. بل احفر أنفاقاً واجعل تحت المدينة مدينة سرية أخرى. عش فيها أنت ومن معك، خبئ سلاحك، تدرب عليه. أوهم عدوك أن همك كرسي الحكم لا أكثر، وفي يوم فاصل في التاريخ اضرب ضربتك واكسر حصارك.
لا تركن الى مقولة «توازن القوى» فهذه مستحيلة بعد 75 سنة من وقوع الفأس في الرأس. وقضم أرضك قطعة قطعة وبيتاً بيتاً حتى بات «الساكنون الجدد» وزراء في حكومة عدوك. يأمرون وينهون، يذبحون و يحرقون و يعلنون صراحة أنهم يريدون قتلك وتهجير شعبك خارج وطنك.
علمتنا غزة أن المفاوض القوي خير من المفاوض الضعيف. وأن الحياة مواجهات بالسلاح وليس مفاوضات بلا سلاح. أن تكون عدواً لعدوك لا متعاوناً ولا نصيراً. فلن يعطيك شيئاً ولن يمنحك شرف تحرير وطنك. بعد أن يقتل شقيقك سيقتلك. كلاكما عدو له فاحذره. تذكر يوم أُكل الثور الأبيض «.
أثبتت لنا غزة أن اسرائيل نمر من تنك وجيشه الذي لا يُقهر قهرته المقاومة في ساعة. اخترقت تحصيناته و سياجه و أفشلت استخباراته وقتلت قواته و..هزت كيانه. أيقظت العالم على حقيقة أكاذيبه منذ نشأته والتمهيد له بالكذبة الأولى «أن فلسطين أرض بلا شعب «. ثم بكذبة الديمقراطية و الحضارة التي روج لها عبر وسائل الاعلام المسيطرة على الرأي العام العالمي وهو يسيطر عليها.
هل ترى المظاهرات التي تعم العالم وتهتف «الحرية لفلسطين»؟
إنها صحوة عالمية على الحقيقة المخفية. كشف القناع عن النازية الصهيونية. نفس الاساليب الوحشية والقتل العنصري والتهجير القسري. ورغم مئة ألف شهيد و جريح و مفقود لم يزل المجرمون يواصلون قتل الأطفال الفلسطينيين في غزة.
لا تسأل عن الثمن. فالوطن لا يقدر بثمن. ومن يرد الكرامة عليه أن يحصل عليها بالشهداء يكتبون بدمهم حكاية شعب ضحى و انتصر. أما من يستمرئ الذل تحت أقدام عدوه فسيلعنه التاريخ ويحتقره عدوه الى الأبد.

الدستور

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012