أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


رمضان شاحب

بقلم : ابراهيم عبدالمجيد القيسي
12-03-2024 04:46 PM

أهنئ الأردن، وكل مسلم حيّ، بحلول شهر رمضان، الذي اختلفت بشأن بدايته العربان، وأهنئ أكثر من صامه وقامه وجاهد فيه بماله، وقبل غزة، كانت الأولوية لفقراء الناس الأقربين مكانا وروابط «مسلمين أم غيرهم»، أما مع غزة الصامدة الصائمة منذ سنوات، والممنوع عنها الماء والغذاء والدواء منذ أكثر من 5 أشهر، المبادة بأيدي أوروبا وأمريكا، فهي صاحبة الأولوية، ولا أعتقد أن في رمضان الحالي سيحظى الصائم بفرحتين، خصوصا الذي يوجد في غزة أو يرتبط بأية رابطة معها ومع من يسكنها، بل ربما همّين اثنين ..
كل العالم يتذكر صور الأطفال القادمة من غزة في الأيام الأولى في حرب الإبادة، كانوا جميلي المظهر، وجوههم وضاءة وملابسهم زاهية، ورغم الأشلاء والدماء والرعب، كانوا على درجة ما من الطفولة، لكنهم اليوم اختلفوا، وأصبح شهر رمضان يكتسي بلونهم الشاحب، وهزالهم، وعيونهم الجاحظة جوعا وعطشا وحرمانا، هائمين حفاة يبحثون عن «لقمة» خبز يسدّون بها جوعهم، ورمق أشقائهم وشقيقاتهم الذين بات بعضهم أيتام الوالدين، مكسوري الجناحين بعد موت كبارهم في عائلاتهم وإصابة ومرض صغارهم.. كلهم يهيمون بحثا عن «خشاش الأرض»، بسبب المجاعة المفروضة عليهم، وبسبب المحرقة المشتعلة بأجسادهم وأجساد ذويهم، يتسابقون على الأرض ككائنات الزومبي، لكن لالتقاط وجبة غذائية يعودون بها لخيمة في مخيم لجوء، والأمل والدعاء يسيطران على من تبقى من أهلهم، في تلك الخيمة، أملا بأن يعود الطفل يحمل وجبة هبطت من السماء.. هل كان أحدنا وفي أكثر الظروف سوءا وقسوة، يتخيل أن تحدث مثل هذه المأساة لشعب ما؟!.
الأردن؛ كل من فيه، ملكه، وحكوماته، ومسؤوليه، مع مواطنيه، يعيشون مأساة وهمّ أهل غزة، وسيتضاعف الهمّ والحزن والمحاولة، للتخفيف عنهم أو إنقاذهم، سيحاول «جلالة الملك» أن يزيد عدد الدول التي تعمل وتطالب بوقف الجريمة، وهذه أولوية في السياسة اليومية للأردن، لكن في ضوء الممكن المتاح، أنا متأكد بأن جلالة الملك سيضاعف من جهوده بشأن إغاثة الناس في غزة، بالغذاء والماء والدواء، ويوسع هامش الدول المشاركة في عمليات الإنزالات الجوية للطعام، فهي نافذة مهما اعتقدنا بقلة شأنها، إلا أنها النافذة الوحيدة المتاحة التي كان للأردن سبقا بفتحها لإغاثة المساكين في غزة ..
ليس وقت الجدل والفتاوى والكلام الفارغ، الذي لا يطعم ولا يكسو ولا يداوي طفلا ولا آدميا في غزة، ولا نقول بأننا في الأردن حمينا أهل غزة، بل أقول متأكدا بأننا أكثر من يهتم لشأنهم ويعمل لخلاصهم من حرب الإبادة ويقدم لإغاثتهم، وما زلنا وعلى كل مستوى نقول بأننا «مقصرين»، ونسأل الله أن نتمكن من تقديم كل ما يحتاجونه للخروج أحياء ومنتصرين من هذه الجريمة الأسطورية، وهذا هم ملكي وحكومي وشعبي واحد، لا أحد يمكنه إنكاره أو الجدل بشأنه.. أما عن قلة الحيلة فهي عالمية وليس الأردن المسؤول عنها أو يملك حلها.
لا حول ولا قوة إلا بالله، هذا قولنا وسؤالنا لله رب الناس كلهم، ولا شيء يؤرقنا سوى وحشية هذا العالم المرتهن لقوى ظالمة..
كيف سيمضي رمضان هذا على ذوي القلوب النقية، وكيف ستمتد أيديهم لطعام وهم يعلمون ويعيشون تفاصيل معاناة الناس في غزة؟ .. كان الله في عون الصادقين والأنقياء، وتقبل الله منهم.
ولا حول ولا قوة إلا بالله.

الدستور

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012