أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


ما من مغريات جديدة فلا بأس من الاجترار..الفاردة والزفة

بقلم : المهندس هاشم الزيادات العبادي
28-03-2024 01:00 AM

وخز ذاكرة-18

أكتب من خلال ذلك الطفل الذي يرفض أن يكبُر، ذاك الطفل الذي لا يزال يتمنى لو أن الزمن يدور في حلقة مفرّغة ، يصحو مع اول ابتسامة للشمس يلقُم ثدي أمه يحبو ضحىً، يراهق ظهراً ، يسترجل عصراً ، يشيب عند المغيب ، وينام كهلاً ، ثم يدور بهذه الحلقة فيصحو من جديد على حليب رقراق وصياح لا سبب له ، صياح من أجل اعلان الوجود ثم يحبو
يرقب ذاك الطفل أول دهشته لأول زفة وفاردة، كانت الأعراس قليلة جداً ويحظى كل عرس بصيف كامل لا يشترك معه أحد ، وموعده محدد منذ أشهر، موعد انتهاء 'تقليع البيادر' وتخزين القمح والشعير والتبن وموعد انتهاء الزراعة الصيفية وهي وحيدة على اية حال انها انتهاء مساطيح الهيشي وربما الخلفي ، موعد تفرّغ به كل الرجال للعب' السيجة' وجروي أكل جروك ، وتوجّد على ماضي يأتي بكل ما في التعليلة من رسوخ، موعد تتفرغ به النسوة للمدّ والنطي ، مفارش وشقق وصيصاة ومنساج والجلوس على الأرض وخدر السيقان وخيشة بكامل إنتظام المظلة للوقاية من تعرقٍ شديد
البيت عزّام ، والأسبوع بكامله صالة مفتوحة ، والبيوت بيوت والفرح عندنا والبيوت بيوت هي ثواني طويلة والواو تتمدد كأفعى هاربة ، وزغرودة من صميم الجوف الخالي من البحّة والتوقيت عصراً مع هبوب الرياح الغربية ليأتي كل الشرق وساكنيه على عجل
سامر ، ودحيّة ، وكفّ ينتقم من كفّ وأحي هي دح تخرج بكامل تفاصيل الوتر الصوتي وكأن الصدر كله أصبح حنجرة ، وسامر من جديد، وتأتي كالغزال 'الحاشي' ومطرق رمان لرسم الحدود ولمأرب أخرى منها تطويح قامات الرجال ويحمى الوطيس وتعزيز بحاشي ثاني وايضاً كالغزال ، والبيوت بيوت والفرح عندنا والبيوت بيوت ، صديقي يفرح والعدو يموت لازالت هي الخلفية
ويأتي يوم الزفة وهو يوم الخميس قطعاً وتحديداً ، والوقت ضحى ، وفرسٌ جميلة وسرجٌ أجمل مشرشب بالحرير ، يتقدم الرجال ويالله توكلنا عليك يا سيد المتوكلين ، وخلفهم النسوة والبنات والأطفال
تركب العروس على الفرس المشرشبة، ويعاد النشيد ، اقتربنا من الظهر الآن، والطلاق بالثلاثة هو اليمين القاطع الحاسم ' غداء العروس عندي' يقود الفرس الي بيته وينقاد تلقائياً الكل ، تًذبح ذبيحة واحدة على شرفها، تكفي لكل هذا الجمع
مع المغرب يصل الموكب، تعاد الكرّة ولكن بإختصار الزمن ، ويبدأ صوتٌ جهوري
فلان نقّط عشرين قرش الله يخلف عليه ، فلان نقطّ نص نيرة كثّر الله خيره ، فلان ، فلان ، فلان، وينتهي المزاد ثم تنتقل العروس الي 'البرزة' وهي خربوش خيشي لا باب له مغطى من كل الجوانب ، يكرمون العروس برقصة جديدة فصيرة مركّزة ، ثم ينسحبون الي البيت الرئيسي
يحدث أن يتجسس أحد اقارب العريس بالزحف على بطنه والإطمئنان على أن الأمور داخل البرزة تجري وفق السياق ووفق الزمن المحدد ، ويحدث ان ترى البعض يرمي الحجارة حول البرزة خشية ان يتلبد احدهم او بالأصح الأطفال الذين يريدون الغرف وإملاء العين من هذا المجهول الذي يحدث داخل البرزة
ساعة أو يزيد، يخرج العريس مرفوع الرأس مغسول الرأس وهذا اعلان عن انتهاء المهمة الصعبة .
يوم الجمعة هو يوم الطعام الرئيسي ويدعى' الجرا' وهي ذبيحة يأكل منها الكل ، وينتهي العرس ولا تنتهي الحكايات حوله طيلة العام الي أن يعلن عن عرس جديد في صيفٍ جديد

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012