بقلم : هاني الحوراني
04-07-2012 09:31 AM
مركز الأردن الجديد
نسبت صحيفة 'الغد' في صفحتها الأولى يوم أمس (1/7/2012) إلى مصادر مطلعة أن مجلس الوزراء قرر تعديل الفقرة (ج) من المادة (8) من قانون الانتخاب لتنص على رفع عدد مقاعد الدائرة الوطنية من 17 إلى 27 مقعداً. وهو الرقم الذي كنت قد إقترحته في مقالة أخيرة لي قبل أن يأخذ مشروع قانون الانتخاب طريقه للاقرار من جانب مجلس الأعيان ومصادقة جلالة الملك عليه.
في مقالتي المشار اليها آنفاً 'قانون الانتخاب ثقب في قارب الوطن' (21/6/2012) والمنشورة في أكثر من 20 موقعاً إلكترونياً، كان محاولة أخيرة لتدارك العواقب المترتبة على صدور القانون كما خرج من مجلس النواب، ولتقريب القانون ما أمكن من النظام المختلط، عن طريق رفع عدد مقاعد الدائرة الوطنية إلى 27 بدلاً من 17. فلماذا تجاهلت الحكومة ومجلس الأعيان هذا الاقتراح ليعودوا إليه بعد أيام. ولماذا لم يصغ جهابذة الحكم ودهاقنة 'مطبخ' صنع القرار إلى عشرات الأصوات التي إرتفعت داعية لانقاذ ما يمكن انقاذه قبل نزول 'الفاس في الرأس'، وكيف 'اكتشف' هؤلاء صحة المقولات التي رددناها، مع آخرين من أبناء الوطن، بأن المحك هو جودة قانون الانتخاب وقدرته على تحقيق أكبر توافق وطني ممكن من حوله، وليس السباق مع الزمن لاجراء الانتخابات قبل نهاية العام. وإلا فإن مخرجات القانون المذكور لن تختلف عن النتائج التي أفضت إليها الانتخابات العامة لعام 1997 وعام 2010، إن لم تكن أسوأ.
بضعة أيام فصلت فقط ما بين إقرار القانون من مجلسي النواب والأعيان وبين دعوة جلالة الملك لإدخال تعديلات على قانون الانتخاب، من خلال عقد دورة استثنائية جديدة، فهل كانت الحكومة ومجلسي النواب والأعيان بحاجة إلى هذا الاختبار الذي أكد افتقار هؤلاء- جميعاً- للقدرة على قراءة حجم الرفض المحلي لهذا القانون، وعدم إستناده إلى قراءة دقيقة للتطورات الاقليمية والمواقف الدولية. وكيف فات هؤلاء- من خلفهم 'مطبخ صنع القرار السياسي'- أن هكذا قانون انتخاب سوف يعيد إنتاج ذات النتائج المدمرة التي تمخضت عن قوانين الانتخاب السابقة.
وكيف ينظر العالم إلى الدولة الأردنية، وهي تصدر أول قانون 'دائم' للانتخاب، ثم تخضعه لتعديلات فورية، أي بعد أيام قليلة من استكمال مراحل اقراره الدستورية ونشره في الجريدة الرسمية؟ ومن يحاسب أولئك الذين تسببوا بهذا التخبط الذي أساء إلى صدقية الاصلاح السياسي في الأردن، وأشاع أجواء اليأس من إمكانية إجراء اصلاحات جدية وذات معنى في إطار النظام السياسي الاردني. هذا إضافة الى ما ألحقه هذا التعثر المتكرر من أساءة الى صورة الاردن في الاقليم والعالم، بدلاً من أن يقدمه 'كنموذج يحتذى للاصلاح'، كما تردد الخطب الرسمية ليل نهار.
وبكلمات أخرى كيف ومن يحاسب القيمين على 'مطبخ' صنع القرار في بلدنا، وقد ثبت للقاصي والداني ليس فقط عدائهم للاصلاح الجدي، وإنما أثبت إفقتارهم الى 'الغرائز السياسية' السليمة التي طالما ميزت عملية صنع القرار الاردني، فهؤلاء بحكم مصالحهم الذاتية ورؤيتهم الضيقة أخفقوا، ولا زالوا، في رؤية أن مصائر النظام السياسي (وليس فقط الاردن كبلد وكيان وطني) وقدرته على الاستمرار، مرتبطان بالاصلاح الشامل، الذي يكفل له الاستقرار والاستدامة.
وبالعودة الى التعديلات المقترحة على قانون الانتخاب، يجب القول ان الاكتفاء بزيادة مقاعد الدائرة الوطنية من 17 الى 27 مقعد، رغم ترحيبنا به، إلا انه لا يكفي لفتح الباب امام توافق وطني عريض عليه، او للوصول الى انتخابات نيابية شفافة ونزيهة، تضمن التمثيل العادل لابناء الشعب الاردني.
وبما أن 'سيرة التعديل إنفتحت'، وكان القصد من ذلك هو إستدراك ما فات، وضمان المشاركة الانتخابية والسياسية الواسعة، وتجنب محاذير المقاطعة، فإنه لا أقل من الاصغاء الى أصحاب الاعتراضات على القانون العتيد، وتدارس أوجه التعديل والتحسين عليه، من خلال حوار وطني أو خلوة سياسية تخرج بقانون عصري توافقي يحدث فرقاً حقيقياً في مسار الوطن، ويجسر الفجوة القائمة بين الدولة والمجتمع، ويفتح باب المشاركة الانتخابية امام مختلف الأطياف السياسية دونما استثناء.
ولنا وقفة ثانية أمام أوجه التطوير التي لا يمكن تفاديها في قانون الانتخاب.
hourani.ujrc@gmail.com