أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


صبرا آل هنية..

بقلم : عبد الناصر بن عيسى
13-04-2024 06:03 AM

“أشكر الله على هذا الشرف، الذي أكرمنا به، باستشهاد أبنائي الثلاثة وبعض الأحفاد. بهذه الآلام والدماء، نصنع الآمال والمستقبل والحرية لشعبنا ولقضيتنا ولأمتنا، كل أبناء شعبنا وكل عائلات سكان غزة دفعوا ثمنا باهظا من دماء أبنائهم، وأنا واحد منهم، وما يقارب من 60 من أفراد عائلتي ارتقوا شهداء، شأن كل أبناء الشعب الفلسطيني ولا فرق بينهم”.


هذه الكلمات الراقية، المرتقية، مع الذين ارتقوا، لم يقلها أحد المبشرين بالجنة، أو خليفة من الراشدين في زمن الإيمان والجهاد والرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، عندما رزئوا بفقدان ذويهم، وإنما هي عصارة عمل وإيمان وتسليم واحتساب لله، منذ أول يوم من غزوة السابع من أكتوبر عندما أعلنتها المقاومة الفلسطينية الشريفة نصر أو شهادة.

كان الرجل البالغ من العمر 62 سنة معجونة بقضية واحدة، يتابع أحوال المصابين من أبناء فلسطين في أحد مستشفيات الدوحة، عندما استوقفه أحد مستشاريه و”زفّ” له “المصيبة”، أو “فجعه” بالـ”البشرى”. الأكيد أن لا أحد تمكّن من وزن تلك الكلمات التي بلغت مسامع المجاهد إسماعيل هنية، عن فقدانه لثلاثة من أبنائه وحفيدين.

قرأ الخبر، نظر إلى محدثه، تغلّب إيمانه على كل مشاعر الأبوة، استلهم من الأنبياء، بعضا من الصبر والجلد، وكثيرا من العظمة، ونطق بتلك الكلمات المزلزلة، التي ارتقت به، تماما كما ارتقى أبناؤه، حازم وأمير ومحمد، وأكثر من أربعة وثلاثين ألف فلسطيني، وهوت بقاتلي أبنائه إلى ما دون الحضيض.. هم أرادوا زلزلته، فزلزلهم.

منذ بداية الحرب، زعم الصهاينة بأنهم متحضرون، حتى في حروبهم، وها هو العالم بأسره، ومنهم شرفاء نيكاراغوا وجنوب إفريقيا وبوليفيا وإيرلندا وغيرهم، يقتنعون بوساخة “هذه الأمة اليهودية” التي لم تترك صفة وردت في القرآن بشأنهم، إلا وطبقتها على أرض الواقع، وحاولوا “تلطيخ” صورة قيادة المقاومة، ومنهم إسماعيل هنية، واصفين إياه بالمتمتع بحسنات الدنيا، وأهل فلسطين يذوقون العذاب، وها هو العالم بأسره، بما في ذلك أنذال الصهيونية وغيرهم، يقتنعون بعزة هذه الأمة الفلسطينية التي لم تترك صفة وردت في القرآن بشأن الأخيار إلا وطبقوها على أرض الواقع.

فجاءت شهادة آل هنية، وتصريح هنية، صفحة ناصعة ليس في تاريخ فلسطين والأمة الإسلامية فقط، وإنما في تاريخ الإنسانية، لأن القائد الذي يقدّم فداء لقضيته، ستين فردا من أخيار عائلته، لا يمكن أن تهزمه نتانة “بنيامين أو غانتز” ومن تبعهما في هذا العالم البشع.

صحيح أن الصهاينة مع حليفتهم الأولى أو صاحبة القضية الولايات المتحدة الأمريكية، وصلت الآن إلى مرحلة اللارجوع، في حرب، حرثوا فيها الصحراء، وجففوا المحيط، ولم يجدوا ما عنه يبحثون. وصحيح أن المقاومة الفلسطينية أعطت كل الأنفاس التي في حوبائها، وبلغت الآن مرحلة اللارجوع.

لكن الصحيح، الذي لن يصحّ غيره، هو أن صاحب “الكم”و”النوع”، في التضحية، هو الذي كان دائما وأبدا، من ينتصر في آخر المطاف.

فقد قال تشي غيفارا:”لست مهزوما ما دمت تقاوم”، ويقول عمر المختار:”نحن لن نستسلم، ننتصر أو نستشهد”، ويقول هيمينغواي: “يمكن تدمير الرجل لكن لا يمكن هزمه”، ويقول هنية: “بهذه الآلام والدماء، نصنع الآمال والمستقبل والحرية لشعبنا ولقضيتنا ولأمتنا”.

الشروق الجزائرية

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012