أضف إلى المفضلة
الجمعة , 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
الجمعة , 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


مناورة عابرة للقارات!

بقلم : أحمد حمد الحسبان
17-04-2024 06:22 AM

لست مع محاولات' التسطيح التي يطلقها البعض حول' الضربة' التي وجهتها إيران لمواقع إسرائيلية السبت الماضي، ولا مع التغني بها واعتبارها ردا كافيا على ما اقترفته إسرائيل بحق تلك الدولة التي نجحت في تطوير أدواتها العسكرية وقوتها الذاتية بما يقترب من دول كانت سباقة في هذا المجال وأرادت أن تجمع بين هدفين على درجة عالية من الأهمية.

فمن جهة، أرادت أن تحقق الردع ضد كيان تصنفه على اعتبار أنه كيان مارق وجه لها أكثر من ضربة وتحرش بها محاولا جرها إلى حرب شاملة يعتقد انه سيحقق بعضا من أطماعه من خلالها، وترى هي أن الوقت غير مناسب لخوضها.

ومن جهة أخرى، أن تختبر بعضا مما لديها من أسلحة وأدوات قتالية بطريقة مختلفة عما هو مألوف، وعما درجت عليه الجيوش العالمية في مناوراتها التي تنفذها بين الحين والآخر ومن خلال حرب حقيقية، بهدف اختبار جهوزيتها وتطوير كفاءاتها.
فلدى إيران ما تقوله في هذا المجال، وما ترد به على من يستغربون التفاصيل المرافقة للضربة، وبخاصة أن تفاصيلها كانت مكشوفة ومعلنة، وأن المعلومات الخاصة بها وصلت إلى الولايات المتحدة وإسرائيل وكل دول العالم من خلال وسطاء حملوا رسائل 'حسن نوايا' إيرانية تؤكد أن طهران أصبحت مضطرة للرد، لكنها ملتزمة بأن يكون الرد منضبطا، ولا يؤدي إلى حرب شاملة.
الرسائل الإيرانية لم تتوقف عند هذا الحد، بل تواصلت في الأيام اللاحقة بمضمون يؤكد أنها اكتفت بـ' الضربة'، وأنها تدعو الولايات المتحدة وإسرائيل لاعتبار ما حدث كافيا. لكنها في الوقت نفسه تضع الكرة في مرمى إسرائيل، وتحذرها من مغبة الرد من جديد، وتلوح بأن يكون الرد من قبلها ـ في تلك الحالة ـ قاسيا ومختلفا عما حدث.
وهي بذلك ترد على ما يجري من 'مناكفات' داخل الحكومة الإسرائيلية التي تقاطعت آراء أركانها، بين من يتشدد في ضرورة الرد، ومن يدعو إلى الالتزام بدعوة الرئيس الأميركي بايدن إلى عدم الرد.
فالرئيس بايدن يرى أن ما حدث كان انتصارا لإسرائيل، بافتراض تدني الخسائر واقتصارها على الجانب المادي ـ وفقا للمصادر الإسرائيلية الخاضعة للتشكيك ـ ، وإسقاط غالبية المسيّرات والصواريخ قبل وصولها إلى الحدود الإسرائيلية.
وهي المعلومة التي تؤكد تقارير أخرى أنها غير صحيحة، وأن تسعة من الصواريخ بعيدة المدى قد أفلتت من عمليات الاعتراض، وأصابت أهدافها المحددة مسبقا في قاعدتين انطلقت منهما الغارات التي استهدفت القنصلية الإيرانية في دمشق.
تلك المعلومة وغيرها من المعلومات المتسربة عن 'الضربة' تفتح باب النقاش حول حساب الربح والخسارة، فبينما تنفي إسرائيل أنها خسرت شيئا، وتعتبر أن ما حدث قد مس هيبتها، وأصاب ميزة الردع لديها، ترى طهران أنها حققت نصرا مهما في مجال الردع، بتوجيه رسالة مفادها أن لدينا ما نفعله، ولدينا من القوة ما يمكننا من تحقيق الردع، في إشارة إلى أن العديد من الدول تعاونت على اعتراض المسيّرات والصواريخ التي أطلقتها لكنها لم تفلح في منع وصول العديد منها إلى أهدافها.
وفي مسار آخر، أن لديها من الصواريخ ما هو متطور أكثر من التي أطلقت وأنها قادرة على استخدامها عندما تستدعي الحاجة ومن الأسلحة ما يمكنها من إيذاء العدو.
وهي بذلك تعتبر ـ ضمنا ـ أن 'الضربة' عبارة عن مناورة شاركت بها عدة دول من بينها الولايات المتحدة من خلال قواعدها في المنطقة، ودول أوروبية ـ من خلال قواعدها أيضا ـ وإسرائيل، ودول من المنطقة رفضت أن تستباح أجواؤها في مناورة، أو حرب من أية دولة أخرى.
ورغم وضوح الرسائل الإيرانية، ووصولها إلى هدفها بيسر وسهولة، وبأقصر الطرق، إلا أن ذلك لا يعني زوال خطر الحرب الشاملة. فاليمين الإسرائيلي المتطرف ومن خلال رموزه في حكومة الاحتلال ما يزال يرى أن توسيع نطاق الحرب في غزة إلى حرب شاملة يمكن أن يحقق بعضا من تطلعاته.
ولعل في موقف نتنياهو وبن غفير وسموتريش وغيرهم ما يكفي للتدليل على تمسك اليمين بتلك الفرضية التي من شأنها أن تبعد الأضواء عن الجرائم البشعة، والمجازر اليومية، التي ترتكبها في قطاع غزة، وأن تخلط الأوراق وتجبر الولايات المتحدة على الدخول في الحرب، كما تجبر إيران على الدخول فيها لتصبح حربا شاملة يستغلها اليمين المتطرف لتحقيق آماله وطموحاته المستندة إلى أحلام توراتية لم تعد خافية على أحد.

الغد

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012