أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


هل حقق قانون الجرائم الإلكترونية الغاية منه؟

بقلم : د. أشرف الراعي
09-06-2024 10:45 AM

بعد النقاش المجتمعي الواسع الذي أثاره قانون الجرائم الإلكترونية الأردني رقم 17 لسنة 2023 تبرز الحاجة اليوم إلى إعادة دراسة بعض نصوص هذا القانون، نظراً لتطور البيئة الرقمية التي يكافح هذا القانون الجرائم التي تقع في إطارها، والسبب في ذلك حجم التطورات الواسعة التي تحدث في هذا السياق، والتي حدثت منذ عام وحتى اليوم؛ حيث تعد 'الجرائم الإلكترونية' من واحدة الظواهر القانونية الحديثة التي تتطلب تشريعات متطورة لمواكبتها، وسرعة الاستجابة لها.

إن من أبرز ما يتوجب مناقشته اليوم؛ الجرائم المتعلقة بالذكاء الاصطناعي؛ فمع تزايد استخدام الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات، ظهرت أنواع جديدة من الجرائم المرتبطة به، ومنها مثلا التلاعب بالخوارزميات والهجمات عن طريق الذكاء الاصطناعي كما هو الحال بالنسبة للروبوتات الذكية التي تستطيع اختراق الأنظمة وتجنب الاكتشاف بطرق جديدة ومعقدة، وكذلك الجرائم المتعلقة بسلسلة الكتل (البلوك تشين) والعملات الرقمية، فضلاً عن الاحتيال في عروض العملة الأولية (ICO)؛ إذ تعد عمليات ICO غير المنظمة واحدة من الطرق التي يستغلها المحتالون لجمع الأموال من المستثمرين دون وجود ضمانات حقيقية وكذلك القرصنة والهجمات على منصات التداول.

كما أن من الجرائم التي لا بد من إلقاء الضوء عليها اليوم تلك المتعلقة بإنترنت الأشياء (IoT)والسيطرة على الأجهزة الذكية مثل كاميرات المراقبة، والثلاجات الذكية، وحتى السيارات المتصلة بالشبكة، واستخدامها لأغراض غير مشروعة، والهجمات على البنية التحتية الذكية؛ كشبكات الكهرباء، والأنظمة الصناعية المتصلة بالإنترنت، إلى جانب الجرائم المتعلقة بالخصوصية والبيانات الشخصية والتي لم يتناولها القانون بصورة كاملة؛ مثل جرائم بيع البيانات الشخصية واستخدام البيانات في التنبؤ بالسلوك أو التأثير على قرار الأفراد، مثل التلاعب بالرأي العام عبر منصات التواصل الاجتماعي.

وأيضاً الجرائم المرتبطة بالواقع الافتراضي والواقع المعزز؛ فمع التقدم التكنولوجي في مجالات الواقع الافتراضي والمعزز، ظهرت جرائم جديدة مثل التحرش في البيئات الافتراضية والاحتيال في العوالم الافتراضية وغيرها عن طريق بيع ممتلكات افتراضية زائفة أو خداع المستخدمين بطرق أخرى. وكذلك الجرائم المتعلقة بالتزييف العميق (Deepfake) وهو تقنية تستخدم الذكاء الاصطناعي لإنشاء محتوى مرئي أو سمعي مزيف يبدو وكأنه حقيقي، والابتزاز باستخدام محتوى مزيف؛ بحيث يمكن استخدام مقاطع الفيديو المزيفة لابتزاز الأفراد أو التشهير بهم، ونشر أخبار كاذبة أو لتشويه سمعة الشخصيات العامة، مما يؤثر على الرأي العام أو النتائج الانتخابية عبر التزييف العميق والجرائم المتعلقة بالتمويل الجماعي الاحتيالي من خلال الاحتيال في الحملات التمويلية، واستغلال الثغرات في منصات التمويل الجماعي لسرقة أموال المستخدمين وغيرها الكثير.

على أي حال إن قانون الجرائم الإلكترونية رقم 17 لسنة 2023 'جيد' في بعض نصوصه، لكنه ليس مواكباً للتطورات في شق آخر، وهو ما يتطلب اليوم إعادة مناقشة بعض نصوصه بعد أن تم وضعها تحت المجهر والاختبار المجتمعي، فاستعراض هذه الجرائم أو جزء منها يوضح بشكل لا يدع مجالاً للشك أن التطورات التقنية المتلاحقة التي نشهدها اليوم تتطلب إعادة دراسة النصوص القانونية بصورة مستمرة (سنوياً إن أمكن) وذلك من أجل متابعة التطورات العالمية في هذا المجال؛ فعلى الرغم من أن قانون الجرائم الإلكترونية الأردني رقم 17 لسنة 2023 يعد خطوة مهمة نحو مكافحة الجرائم الإلكترونية، إلا أن الطبيعة الديناميكية والمتطورة للتكنولوجيا تتطلب تحديثاً مستمراً للتشريعات القانونية لضمان تغطية جميع أنواع الجرائم المحتملة وبالتالي تحقيق الحماية المجتمعية الأوسع، مع استجابة سريعة وفعالة من قبل المشرع لتعديل القوانين، وفقاً لتطورات الجرائم الإلكترونية المستجدة.


التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012