بقلم : نجيب
09-07-2012 09:33 AM
وهكذا وبعد أن شارفت وانتهت السنة الدراسية وبدأ الطلاب عطلتهم الصيفية, وبدأ أولياء الأمور بالبحث عمن يضمد لهم نزيف جراحهم المادية والنفسية والاستعداد لما هو آت, فإننا نسأل أنفسنا هل حقاً كاد المعلم أن يكون رسولاً .. ؟؟ وهل شوقي لو أنه عاصر عتبة هذا القرن كان سيقول شعره أمام بعض فئات المعلمين .. ؟؟ !!
نحن أمة مسلمة نحفظ ونرتل آيات الكتاب العزيز ونجد فيها سير الرسل الكرام في تبليغ المهمة العظيمة الجليلة التي وكلهم الله تعالى بها .. ونجد أنهم لم يكونوا يسألون الناس أجراً على الهدى الذي يحقق للناس سبل النجاح والرشد والفلاح في الدنيا والآخرة وأنهم كانوا يتركون أجرهم على الله ربهم صاحب الدعوة والرسالة لما أنهم نظروا وعاشوا في الآخرة وهم في دنياهم, ولما أنهم عرفوا ووعوا عظيم الجائزة هناك وليس هنا في هذه الدنيا.
لست اقصد من هذا الكلام أن لا يسأل المعلم الأجر على ما يبذله من جهد في مهمته التي يقدمها لطلاب العلم كون هذا حق له وشيء جائز ولا عيب فيه ولا شبهة, إنما العيب والشبهة التي لا تصح ولا تجوز هي أن يصبح الأجر الهدف المراد والغاية القصوى للمعلم فيستبيح كل قبيح ويركب كل وسيلة يحقق من وراءها الكسب المادي حتى وإن داست أقدام وسيلته التي تحقق له غايته جيوب فئات الناس البسطاء الطيبين ممن لا مال لهم ولا سند, الذين أصبحوا يخشون قرع أجراس أبواب بيوتهم نتيجة تراكم الدين الذي أصبح يفوق قدراتهم فكان أن عجزوا عن تأدية حق الدائنين .. وهذا من قول أحد أولياء الأمور الذي اوقعه الحال في هذا الشرك فاستدان ثلاثة الآف دينار ليغطي لأبنه التوجيهي نفقات الدروس الخصوصية ووصل المواد في المراكز الثقافية كما يسميها ويطلق عليها أصحابها ومالكيها الأصلاء, والمساهمين والمستثمرين فيها من أصحاب الدثور.
فالكل أصبح يعلم أن الأجرة التي أصبحت مقررة للحصة الخصوصية الواحدة تبدأ من 10 دنانير وتفوق 30 دينار وكلاً بحسب براعة ونباهة المعلم, والكل أيضاً أصبحن يعلم عن حجم الصفقات التي تنجز وتحرر بين المعلمين المهرة البارعين و بعض المراكز الثقافية التي يفوق هدفها المادي على هدفها التعليمي أضعاف مضاعفة حتى إنك لتجد أن عدد الطلبة في الصف الواحد للمعلم الواحد يفوق طاقة الصف السكونية والحركية الضروريتان في تحقيق الهدف التعليمي المراد .. وهذا من جانب , وبين هؤلاء وبين بعض المكتبات النهمة التي تبيع منتجاتهم من اجابات اسئلة السنوات السابقة بصورة حقيرة واستغلالية حتى وصل أجر تصوير العشر ورقات دينار واحد, والدوسية _كما هي مسماة في عرفهم _ التي لا تتجاوز سبعين صفحة على الوجهين أصبح ثمنها يتجاوز ويفوق ضعفي ثمن الكتاب المدرسي. وإذا ما سؤلوا عن هذا الاجحاف, باحوا بأن ذلك من توجيهات المعلمين من فئات العباقرة .. وهذا من الجانب اللآخر.
وإذا ما كان هذا هو واقع الحال هنا وفي هذه المرحلة, فكيف إذن سيكون هذا الواقع فيما سيأتي في الجامعات الخاصة التي غالبية مستثميرها هم من كبار المتنفذين السابقين اللذين لم يسيروا مع ركب التعليم المجاني في كثير من الدول التي داست أقدامهم أرضها مراراً وتكراراً ..
فهل مع هؤلاء الذين لا يجدون رقيب ولا حسيب يشملهم قول شوقي وتبجيله : كاد المعلم أن يكون رسولا.
اترك الجواب فقط للمعلمين الشرفاء ولأولياء الأمور الكادحين .. مع التذكير بقول آخر لشوقي قاله لنصير بطل مصر والعالم في رفع الأثقال عام 1930م فيه معنى معبر وفائدة قد ترتجى :
إن الذي خلق الحديدَ وبأسه جعل الحديد لساعديكَ ذليــــــــــلا
زَحْزَحْتَه، فتخاذلتْ أَجلادُه وطَرحْتَه أَرضاً، فصَلَّ صَليـــــــلا
لِمَ لا يَلِينُ لك الحديدُ ولم تزَلْ تتلو عليه وتقرأُ التَّنزِيـــــــــــلا
الأَزْمَة اشْتَدَّتْ ورانَ بلاؤُها فاصدمْ بركنك ركنها ليميــــــــلا
شمشونُ أَنت، وقد رَستْ أَركانُها فتَمشَّ في أَركانِهــــا لِتَزولا
قلْ لي نصيرُ وأنت برٌّ صادقٌ أحملتَ إنساناً عليك ثقيــــــــلا ؟
أحملتَ ديناً في حياتك مرَّة ً ؟ أحملتَ يوماً في الضُّلوعِ غليلا ؟
أحملتَ ظلماً من قريبٍ غادر أو كاشحٍ بالأَمسِ كان خَليــــــلا؟
أحملتَ منًّا من قريبٍ مكرَّراً والليلِ، مِنْ مُسْدٍ إليك جَميــــــلا؟
أحملتَ طغيانَ اللثيمِ إذا اغتنى أَو نال مِنْ جاهِ الأُمورِ قليــــلا؟
أحملتَ في النادي الغبيَّ إذا التقى من سامعيه الحمدَ والتّبجيلا؟
تلك الحياة ُ، وهذه أَثقالُها وزن الحديدُ بها فعاد ضئيـــــــــــــلا
(najeeb0759@yahoo.com)