أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


مجزرة تلو الأخرى

بقلم : نيفين عبدالهادي
16-07-2024 05:44 AM

تختلف الأماكن، إنما التفاصيل هي ذاتها يوميا في غزة، مجزرة تلو الأخرى، دماء تسقي تراب القطاع كل ثانية، لأطفال ومسنين ونساء وأبرياء، وموظفين في مؤسسات إنسانية وإغاثية، في مدرسة أو مسجد أو مستشفى أو مركز إيواء، أو شارع، أو خلف سور مدمّر، أو في منزل لم يبق منه سوى بقايا منزل، أو غيرها من الأماكن التي تفوح منها رائحة الموت.. هذه هي غزة اليوم وأمس، وعيوننا ترقب غدها بالكثير من الخوف والقلق.
مجزرة تلو الأخرى، على أهلنا في غزة، تزداد عنفا وإجراما يوما بعد يوم، دون الأخذ ولو بقشور الإنسانية، ثلاثة أشهر من القصف قارب عدد الشهداء والجرحى خلالها 130 ألفا، معظمهم من الأطفال والنساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعات أودت بحياة عشرات الأطفال والنساء والأبرياء، لتعيش غزة كل لحظة حالة حزن وقهر وبحث عن درب أمان يجعلها ترى به أملا بفرج قريب.
ووسط هذا الإجرام المستمر، يواصل الاحتلال الإسرائيلي هذه الحرب، مغمضا عينيه ومتجاهلا كل الأصوات التي تنادي بوقف الحرب، وجرائم الحرب التي يرتكبها يوميا، ليس هذا فحسب إنما متجاهلا أيضا قراري مجلس الأمن الدولي بوقف الحرب فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح مدينة رفح جنوب غزة، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، وتحسين الوضع الإنساني المدمّر بالقطاع، واضعا كل ذلك خلف ظهره ومصرّا على جرائمه وحرب الإبادة على أهلنا في غزة، ليرتفع عدد الشهداء كل لحظة، وما عادت أعدادهم مجرد أرقام، إنما أعداد تحكي أبشع ما شهدته البشرية من حرب، وأبشع ما شهدته الحروب من جرائم.
وإن ظن البعض أنهم أقوياء، فأهل غزة ليسوا كذلك، هم الصابرون، لكن ما يعيشونه من جرائم ومجازر لا تقوى عليها أي قوة بشرية، هي قوّة مؤلمة، موجعة، ربما تخذلهم أحيانا، فلا بد من صوت دولي بإجماع حاسم وحازم يجبر الاحتلال على وقف الحرب بشكل دائم، ويبدأ التفكير بإيصال المساعدات بشكل دائم ومستمر، فما يعيشه أهل غزة حقا لا تتحمله البشرية جمعاء، ويجب أن توضع وسائل وأدوات عملية وعلى مستوى دولي لوقف مجازر إسرائيل على أهل هذه البقعة الصغيرة من جغرافيا العالم.
أقسم أن غزة أوجعت قلوبنا، وشتت عقولنا، وغيّرت من معاني الكثير من مفردات الحياة من حولنا، ولم يعد تفكيرنا يستوعب حجم الإجرام والمجازر التي تشهدها غزة يوميا، ما يجعل من فرض الطلب الأردني بوقف إطلاق النار في غزة نهائيا، وضمان إلايصال المستمر بكميات كبيرة ودون انقطاع، ذلك أن بقاء الحال على ما هو من بشاعة وإجرام دون تحريك ساكن العواصم المؤثرة، أمر يجعل من أقلام كاتبي تاريخ هذه المرحلة لا يحتاجون سوى أقلاما سوداء، تقطر حبرا أسود ملطخا بدماء أطفال غزة، وحتما فإن الحاجة لمزيد من الدوافع لوقف هذه الحرب بقرار دولي، أمر خطير وحقا يضع الإنسانية وقوانين ومواثيق حقوق الإنسان في مأزق الهشاشة والضعف، والانعدام.

الدستور

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012