أضف إلى المفضلة
الخميس , 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
الخميس , 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


تدخين الفتيات: الفضول والاستقلال المادي يساهمان بانتشاره

12-07-2012 11:06 AM
كل الاردن -

حين كان التدخين صفة لصيقة بالرجل لردهة من الزمان، بات مشهد تدخين المرأة للسيجارة أو النرجيلة مألوفا منذ عدة سنوات.
ولا يقف الأمر عند الإقبال الكبير للجنس اللطيف على التدخين، بل إن تقريرا صدر مؤخرا عن وزارة الصحة، أظهر أن 'الفتيات في الأردن سجلن متوسط إنفاق سنوي على التدخين أعلى من الذكور خلال العام 2010'.
ويجمع مختصون على أن التجربة والفضول من أهم الأسباب التي تدفع الكثير من الفتيات لتدخين السجائر والنرجيلة، التي يجدن فيها بأنها 'مضيعة للوقت والتسلية رغم التكلفة المالية المرتفعة'.
كما يرون 'أن التمويل الذاتي للمرأة؛ لا سيما العاملة، ومجاراة مظاهر التحضر، إضافة إلى ارتفاع سن الزواج بين الفتيات، وغياب رقابة الأهل، كلها من العوامل التي تعزز إقبال الفتيات على التدخين أكثر من الرجال'.
رحلة التدخين تبدأ من حمامات الجامعة إلى المقاهي العامة
رحلة سهاد محمود (30 عاما) مع التدخين، بدأت وهي في مرحلة الجامعة، عندما كانت ترافق زميلاتها إلى الحمامات لشرب السجائر، ومع الوقت باتت تدخن معهن حتى أصبحت تدخن في المنزل، ليتحول التدخين لديها إلى عادة.
وبعد عشر سنوات من التدخين، وبعد انخراطها في عملها، والاحتكاك في المجتمع، باتت تدخن بشكل مستمر ومتزايد وبشكل يومي، وفي حال وجود ضغوط في العمل أو مشاكل بينها وبين زوجها، قد يصل معدل تدخينها إلى حرق علبتي سجائر يوميا.
وترى سهاد أن الجو العام 'بات أكثر تقبلا لرؤية المرأة تدخن سواء السيجارة أو النرجيلة'، منوهة إلى أن 'ضغوطات العمل والظروف الحياتية الصعبة تؤدي إلى إقبال المرأة على التدخين؛ حيث أصبح مشهدا مألوفا'.
وتتفق ربى عبدالله (32 عاما) مع ما ذهبت إليه سهام في أن تدخين النرجيلة مع أخواتها بات طقسا أساسيا في المنزل، 'ولا يمكن الاستغناء عنه في أي وقت، ما يجعل رائحة البناية التي تقطنها العائلة تفوح برائحة المعسل في كل الأوقات'، وفق قولها.
وتتابع ربى حديثها 'أهلي يرفضون خروجنا إلى محلات النرجيلة، غير أنهم يسمحون لنا بتدخينها في المنزل، الأمر الذي جعلنا ندخن أكثر؛ حيث نقوم في الصباح بإشعال ثلاث نراجيل، ووقت العصر نجددها، ثم على السهرة ونمكث على هذه الحالة ساعات طويلة كوننا نسهر حتى ساعات الفجر'.
ومع أن والد ربى في أحيان كثيرة يحضر لهن المعسل والفحم، من النوع الفاخر، سامحا لهن بتدخينها في المنزل، وفق قولها، إلا أنه يرفض أن تقوم واحدة من بناته بتدخين السيجارة.
إنفاق الفتيات على التدخين أكثر من الذكور
أظهر تقرير علمي، صدر عن وزارة الصحة مؤخرا، أن الفتيات في الأردن سجلن متوسط إنفاق سنوي على التدخين أعلى من الذكور خلال العام 2010، فيما أنفق المدخنون من الرجال حوالي 481 مليون دينار، في حين كان حجم الإنفاق 352 مليون دينار؛ أي حوالي 36 % زيادة على العام 2008، فيما أنفقت الدولة ما يقارب نصف مليار دينار في علاج الأمراض الناجمة عن التدخين.
ويؤكد مدير التوعية والإعلام الصحي في وزارة الصحة د.مالك الحباشنة، أن برنامج مكافحة التدخين في الأردن، أظهر أن الإناث في الأردن سجلن متوسط إنفاق سنوي على التدخين أعلى من الذكور بفارق 7.6 دينار خلال العام 2010؛ حيث بلغت 78.2 دينار سنوي عند الذكور و85.8 دينار لدى الإناث.
وبحسب المسح الذي أجرته دائرة الإحصاءات العامة، فإن النساء من سن (40 إلى 49) أكثر ميلا لتدخين السجائر مقارنة مع الأصغر سنا، كما أن السيدات اللواتي يقمن في المناطق الحضرية وبلغت نسبتهن (9 %) أكثر ميلا لتدخين السجائر من النساء في المناطق الريفية (5 %)، وكذلك السيدات في الحضر أكثر ميلا لتدخين السجائر مقارنة بالسيدات في الأقاليم الأخرى، فيما بلغت نسبة تعاطي النرجيلة 22.7 %.
تعلمت العشرينية ريم سعيد، تناول 'النراجيل' من صديقاتها حتى أصبحت تجاريهن، بعد أن كانت لا تحب رائحة الدخان، ولا تطيق الجلوس إلى جانب أي شخص مدخن.
وباتت الآن من الفتيات 'المهووسات' بشرب النرجيلة، بحسب وصفها، ولا تستطيع الجلوس بدونها، حتى عندما تذهب إلى أحد بيوت صديقاتها تقوم بأخذ نرجيلتها معها 'أو أنني أقوم بالتوصية عليها عبر الهاتف من مقهى، ما يجعلني أدخن رأسين على الأقل في اليوم'.
واستمر حب التدخين، مع الخمسينية عائشة علي (35 عاما)، إلا أنها بعد هذه الفترة باتت تشعر بمشاكل صحية وبرغبة كبيرة في الإقلاع عنه للحفاظ على صحتها، لكن بدون جدوى.
واضطرت بعدها إلى إجراء فحوصات طبية بعد أن تكررت معها المشاكل الصحية، وتصوير رئتيها، وعندما شاهدت المنظر أصيبت بالذهول، 'فقررت من ذلك اليوم الإقلاع عن التدخين مستعينة بدواء على شكل كورسات حتى أقلعت عنه تماما'، وفق ما تقول.
الفضول يدفع الفتيات إلى التدخين
ويفيد التقرير السابق إلى أن التجربة والفضول من أهم الأسباب التي تدفع الكثير من الفتيات لتدخين السجائر والنرجيلة التي يجدن فيها بأنها 'مضيعة للوقت والتسلية رغم التكلفة المالية المرتفعة'.
ويعتبر التقرير أن التمويل الذاتي للمرأة؛ لا سيما العاملة، ومجاراة مظاهر التحضر، إضافة إلى ارتفاع سن الزواج بين الفتيات، وغياب رقابة الأهل، كلها من أهم أسباب إقبال الفتيات على التدخين أكثر من الرجال.
ومن وجهة نظر اجتماعية، يرى الاختصاصي الاجتماعي د.حسين محادين، أن التغيرات التي يمر فيها المجتمع الأردني، وتأثره بالثقافة الغربية، واتساع مجالات الحرية الفردية أو ارتفاع نسبة التحضر وانتقال المجتمع الأردني من الريف الى المدينة، والاستقلال الاقتصادي، ومنظومة الثقافة الإيحائية التي نتلقاها منذ الطفولة بأن التدخين من شأنه أن يخفف شحنات التوتر، كلها عوامل أسهمت في زيادة نسبة التدخين.
ويؤكد أن خيار التدخين يصبح مفتوحا، مضافا له القوة التأثيرية والإيحائية التي تمارسها شركات التدخين حول العالم لزيادة نسبة المستهلكين.
ويقارن محادين، الممارسات التدخينية بين أيام زمان واليوم، مبينا أنه 'لا يوجد' اختلاف كبير؛ فالجدات كن مدخنات، والفتيات أصبحن مدخنات، لكن التغيير حدث في أماكن تناولها، وفي طريقة تقديم الخدمات التي انتقلت إلى خدمات عامة، وكذلك خدمات التوصيل للنرجيلة، 'وبهذه الطريقة، لم يعد مستنكراً التدخين، وهناك اتساع ملحوظ في نسب تناول النساء لتدخين السجائر والنرجيلة'، بحسب ما يقول.
نساء يعتقدن أن التدخين يمنحهن الاستقلالية
يعتقد الاختصاصي الأسري أحمد عبدالله، أن تعاطي النرجيلة بالنسبة للنساء مرده، إلى 'الخلل في طريقة التفكير نفسها التي تعتمد على وجود وقت فراغ كبير، وكيف يمكن إضاعته'، مبينا أن السلوك النابع من فكرة الاستثمار مختلف تماما عن السلوك النابع من فكرة الإضاعة، وكذلك الخلل في قيمة الجسد الذي يدمر من التدخين.
ويرى أن التمويل الذاتي يعطي المرأة نوعا من الاستقلالية، الا أن الأمر يكمن في مفهومها عن الاستقلالية والحرية والتمويل الذاتي لا يعد مبررا لها، لافتا إلى أن العائلة كلها باتت تجلس وتتناوب على شرب النرجيلة، وبالتالي أصبح هذا المشهد 'سلوكا تقليديا' من الكبار داخل العائلة الواحدة.
ويرى أن السلوك الأنثوي يختلف عن الرجالي تماما في تدخين السجائر سواء في طبيعة مسكها وطبيعة جلستها، والتي تعبر فيها النساء عن أنوثتهن بطريقة معينة، لافتا إلى وجود تناقض؛ حيث تهتم المرأة بجسدها، وفي الوقت نفسه، فإن التدخين يسهم في تدمير الجسد.
مدير لأحد محال 'الكوفي شوب' (فراس)، يؤكد الإقبال الكبير من قبل الفتيات على التدخين أو تعاطي النرجيلة، وبحسب ما يرى، وفق طبيعة عمله، فإن نسبة التدخين في 'الكافيه' من قبل الفتيات أعلى من قبل الشباب، منوها إلى أن الفئة الأكثر إقبالا منهن في العشرينيات من العمر.
من جانبه، يشير رئيس الجمعية الأردنية لمكافحة التدخين د.زيد الكيلاني، إلى أن التكلفة السنوية للتدخين تقدر بنحو 500 مليون دينار في السنة على الدخان الذي يحرق، لافتا إلى تزايد نسبة النساء اللواتي يدخن وبالذات النرجيلة.
وينوه إلى دور الجمعية في عملية التوعوية والتثقيف عن طريق الدورات والمحاضرات في المدارس والجامعات والمراكز والمؤسسات، الى جانب الدراسات التي تقوم بها لإيجاد أفضل الحلول لمعالجة مشكلة التدخين.
ويرى استشاري الأمراض الصدرية والعناية الحثيثة د.نادر حجازي، أن معظم الناس؛ وخصوصا المدخنين، يدركون أضرار التدخين، وأغلبهم لديهم الرغبة بالإقلاع عنه، إلا أنهم غير قادرين، خصوصا من بدأ رحلته معها قبل سن 18 عاما، ونسبة النجاح في الإقلاع تقل عن 5 %.
ويصيب إدمان النيكوتين الشديد 9 من كل 10 مدخنين، وهذا الإدمان يفسر أن أكثر من نصف المصابين بجلطات القلب الحادة يعاودون التدخين بعد خروجهم من المستشفى.
ويشير إلى أن نسبة 60 % من المدخنين يبدؤون التدخين قبل سن 14 عاما، كما أن 90 % من المدخنين يدمنون قبل سن 19؛ أي قبل أن يدركوا تبعات هذه العادة السيئة، وما إن يصل سن هؤلاء العشرين عاما، فإن 70 % منهم يودون الإقلاع ولكن بعد فوات الأوان، وقد أظهرت الدراسات أن فرص الإقلاع عن التدخين لهؤلاء أقل بكثير ممن بدؤوا التدخين بعد سن العشرين.
أما بالنسبة للنرجيلة، فيرى حجازي أن المشكلة تكمن في اعتقاد البعض أن النرجيلة أقل ضرراً من السجائر وأنها لا تسبب الإدمان، وهو اعتقاد خاطئ تماماً، مشيرا إلى أن جلسة النرجيلة لمدة ساعة تعادل 20-100 سيجارة، ناهيك عن انتقال الأمراض المعدية؛ مثل السل والفيروسات وغيرها من كثرة المستخدمين.
ويعزو اختصاصي الطب النفسي د.جمال الخطيب، ارتفاع نسبة النرجيلة لدى الإناث، إلى المفاهيم الخاطئة في المجتمع بأنها مثل السجائر، وأن ضررها أقل أو شبه معدوم، في حين أن تدخين السجائر عيب.
ويشير الى أن هذه المفاهيم أطلقت العنان لشرب النرجيلة بشكل كبير، ما جعل كثيرا من الآباء يسمحون لبناتهم بتدخين النرجيلة، في وقت يعتبر هؤلاء أن السجائر من المحظورات، لافتا إلى وجود فتيات ينكرن أنهن مدخنات.
ولا يختلف الخطيب عن غيره في بيان حقيقة الدخان بأنه 'نوع من أنواع الإدمان، يبدأ بالتعلم والتجربة وينتهي بالإدمان الفسيولوجي بسبب أثر النيكوتين على الجهاز العصبي'.

الغد

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012